بعد 104 أعوام... كيف انعكس وعد بلفور على فلسطين إلى الآن؟

نكبة فلسطين الأولى، وبداية ضياع الدولة الفلسطينية، هكذا وصف مراقبون أحوال فلسطين بعد مرور 104 أعوام على وعد بلفور، مطالبين بضرورة اعتذار بريطانيا عن هذا المنح.
Sputnik
ففي عام 1917 وخلال الحرب العالمية الأولى، انتزع البريطانيون فلسطين من العثمانيين، وتعهدوا، من خلال وعد بلفور في الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني بـضمان "وطن قومي للشعب اليهودي" هناك.
فلسطين تقرر تنكيس علمها في ذكرى وعد بلفور
وأعرب الفلسطينيون عن معارضتهم للوعد البريطاني لأول مرة في مؤتمر عقد في القدس عام 1919، وفي عام 1922 حددت عصبة الأمم التزامات الانتداب البريطاني في فلسطين، بما في ذلك تأمين "إقامة وطن قومي لليهود"، ما تحول مستقبلا إلى إسرائيل.
 مطالب فلسطينية
قالت وزارة الإعلام الفلسطيني، في بيان لها، إن "وعد بلفور أكبر جريمة سياسية بحق شعبنا، أسست بعين عطفها الظالمة لنكبة شعبنا المتواصلة، وأطاحت بحقوقنا المشروعة".
وتابع البيان: "هذا الوعد الأليم ندبة لن تزول إلا باسترداد شعبنا لحريته، وإقامة دولته المستقلة، واعتذار بريطانيا عن خطيئتها وظلمها التاريخي، وتنكرها لكل القوانين، والاعتراف بفلسطين الحرة"، واعتبرت الوزارة وعد وزير خارجية بريطانيا آرثر جيمس بلفور للحركة الصهيونية، انتهاكًا لأسس العلاقات الدولية وركائز القانون عبر التاريخ المعاصر، وما زال الشعب الفلسطيني يدفع ثمن حفنة كلمات من دمه ولحمه الحي ووجوده وحريته. 
اعتذار مطلوب
اعتبر المستشار زيد الأيوبي، المحلل السياسي وعضو المجلس الثوري لحركة "فتح"، أن وعد بلفور هو أكبر جريمة تطهير عرقي ارتكبت بالتاريخ المعاصر، حيث وعد وزير خارجية بريطانيا في عام 1917 أرثر بلفور بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وهذا الوعد أدى لإقامة دولة إسرائيل على أراضي فلسطين وترحيل الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني إلى الشتات والمنافي.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هذا الوعد هو سبب عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط لأنه أدى لنشوب صراع مصيري بين الأمتين العربية والإسلامية من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، وبريطانيا تتحمل مسؤولية عدم الاستقرار في المنطقة نتيجة لهذا الوعد.
محكمة فلسطينية تقضي ببطلان "وعد بلفور"
وأفاد أن بريطانيا تصرفت بحقوق الشعب الفلسطيني دون أي وجه حق، وهذا الوعد هو بمثابة منح ما لا تملكه بريطانيا لمن لا يحق له، بل أنه اعتداء فاضح على الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية.
وطالب الأيوبي بريطانيا وحكومتها بالاعتذار عن هذه الخطيئة والاعتراف بالدولة الفلسطينية على غرار اعتذارهم للشعب الهندي قبل سنوات.
ودعا الأيوبي إلى تفعيل وسائل المطالبة القضائية ضد بريطانيا لإجبارها على جبر الضرر الكبير الذي لحق بالشعب الفلسطيني جراء هذا الوعد الباطل. 
ضياع فلسطين
بدورها اعتبرت حكمت المصري، الباحثة الفلسطينية، أن وعد بلفور هو النكبة الأولى التى حلت للشعب الفلسطيني الذي منحت بريطانيا بموجبه أرض فلسطين "التي لا تملكها"، للحركة الإسرائيلية "التي لا تستحقّها"، لإقامة "وطن قومي لهم" على مرأي ومسمع من العالم أجمع.
وبحسب حديثها لـ "سبوتنيك"، هذا الوعد الذي صدر عام 1917 كان عاملا رئيسيا في إقامة دولة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية عام 1948، بينما ما زال الفلسطينيون ينتظرون إقامة دولتهم المستقلّة، التي تعتبر حلم بعيد المنال في ظل المتغيرات الكثيرة وفي ظل اختلاف موازين القوى ما بين إسرائيل التي تمتلك أقوي العتاد العسكري ضد الشعب الفلسطيني الأعزل؛ لذلك فإن هذا الوعد كان بمثابة جريمة ويوماً أسودا في تاريخ الشعب الفلسطيني الذي لا يزال يدفع ثمنه حتى يومنا هذا.
وتابعت: "الوعد الذي كتبه آرثر جيمس بَلفور ‏كان بمثابة بداية اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، وتحويلهم إلى ضحايا اللجوء والتشرد والقتل في شتى بقاع الأرض، رغم أن الفلسطينيين كانوا يشكلون في ذلك الوقت نحو 92% من سكان فلسطين حسب الإحصائيات البريطانية آنذاك.
واستطردت: "استمرار وجود الاحتلال الإسرائيلي على أرض فلسطين يعتبر جريمة مستمرة لذلك يجب على المجتمع الدولى أن يساند الشعب الفلسطيني في الحصول على حقوقه من خلال تنظيم حملات للضغط والمساندة والدعم لإجبار بريطانيا للاعتذار عن هذا الوعد ووقف كافة الانتهاكات الإسرائيلية التى تُمارس ضد الشعب الفلسطيني ومقدساته ووقف الاستيطان وتهويد القدس وتهجير المقدسيين وحماية الأسري والإفراج عنهم ورفع الحصار عن قطاع غزة وتنفيذ جميع بنود الاتفاقيات الموقعة".
عباس: وعد بلفور كان بريطانيا أمريكيا بتنسيق كامل
وترى المصري أن بعد مرور 104 أعوام على الوعد المشؤوم هناك تراجع واضح وكبير من الدول العربية تجاه دعم القضية الفلسطينية خصوصًا بعد انخراط عدد من الدول العربية في التطبيع مع إسرائيل والذي أدى إلى ضعف الموقف الفلسطيني إضافة إلى وجود الانقسام الفلسطيني الفلسطيني الذي آن الأوان له لكى ينتهي من أجل ترتيب البيت الفلسطيني ووضع استراتيجية واضحة للتعامل مع إسرائيل عربياً ودولياً وإقليمياً.
من جانبها طالبت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بريطانيا في الذكرى الـ 104 لإعلان بلفور، بتصحيح هذا الخطأ التاريخي وتحمل مسؤوليتها التاريخية والقانونية والأخلاقية عبر تقديم الاعتذار للشعب الفلسطيني، والاعتراف بالدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من حزيران/ يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية دعماً لتحقيق السلام العادل والدائم والشامل وفق رؤية حل الدولتين، بحسب الوكالة الفلسطينية.
مناقشة