تتمثل المخاطر في مرحلة الولادة في هذه العملية وما يرافقها من مصاعب وآلام بالنسبة للأم، الأمر الذي يجعل بعض الأمهات يخترن الولادة القيصرية بناء على استشرة الطبيب لتجنب هذه المخاطر، حيث تمثل عملية عبور الطفل قبل خروجه إلى العالم الحقيقي من رحم أمه، تحديا كبيرا يفصل بين الحياة والموت بالنسبة للأم والجنين، خصوصا في حال فشل عملية انزلاق الطفل، وهو ما يحدث لحوالي 6% من نسبة الولادات حول العالم.
بعتبر العلماء إلى يومنا هذا، بعض الأجزاء والمراحل الأساسية للحمل البشري والولادة بمثابة "لغز كبير"، على سبيل المثال لا الحصر، لا يعرف العلماء لماذا يخضع جنسنا البشري لمثل هذه العملية الطويلة والخطيرة مقارنة بالثدييات الأخرى.
يُعتقد أن حوض الإنسان يتشكل أو تطور بالطريقة التي تجعل عملية المشي لدى الإنسان أسهل، من الؤكد أنه الميزة التي يتمتع بها الإنسان، المشي، تستحق هذه المخاطر الإضافية التي تحتم وجود أوراك ضيقة من جهة لساعد في دعم الوقف، والتي سيخرج (لدى النساء) منها وأطفال ذوي أدمغة كبيرة تنسجم من طور أدمغة الإنسان من جهة أخرى.
لكن العلماء أشاروا في دراسة جديدة نشرت في مجلة "BMC Biology" إلى أن النماذج الميكانيكية الحيوية الشاملة لقاع الحوض، ساهمت في جعل شكل قناة الولادة لا يساعد فقط على المشي بقدر ما يساعدنا أيضا على الوقوف على قدمين اثنيتين وهي العملية الأهم والتي تميز البشر عن باقي المخلوقات.
يقول الباحث والمشارك في الدراسة، فيليب ميتروكر: "نحن نجادل بأن الاستطالة العريضة لمدخل الحوض قد تطورت بسبب القيود المفروضة على شكل عظام الحوض لدى البشر والتي تفرضها موازنة الوضع المستقيم، بدلاً من كفاءة الحركة على قدمين فقط".
وبحسب مجلة "sciencealert" التي نشرت تقريرا عن الدراسة، فإنه لو كان لدى الإنسان مدخل رحم بيضاوي أعمق وأعرض لكان الطفل يستطيع الانزلاق بسلاسة كبيرة من خلاله دون الكثير من الحركات والتشنجات الصعبة على الإطلاق، كما هو الحال في الرئيسيات والثديات الأخرى.
لكن تطور الوقوف لدى الإنسان تطلب إمالة الحوض بدرجة أكبر مما هو عليه بالفعل، مما يضيف منحنى أعمق للرحم متجه إلى أسفل الظهر.
وبالمقارنة مع بعض الثديات والرئيسيات الأخرى، مثل الشمبانزي، فهي تمتلك مدخل حوض أعمق لأنها غالبا تسير على أربع أطراف، ولا تضع الكثير من الوزن على ركبها الخليفة، لذلك لا يتعنين على أطفال الشمباني لف رؤوسهم كثيرا في مرحلة الخروج من قناة الرحم.
ومن جهة أخرى، يتعين على الطفل البشري أن يحرك جسمه حوالي 90 درجة بشكل عمودي مع العمود الفقري للأم ليتناسب مع الشكل الإهليلجي الضيق لقناة الرحم.
وخلص الباحثون في دراستهم الجديدة إلى أن "هذه النتائج تقدم تفسيرا تطوريا جديدا للشكل الملتوي لقناة الولادة البشرية".
أظهرت الدراسات التطورية السابقة، أن أنثى نياندرتال لديها قنوات ولادة تشبه إلى حد كبير الشمبانزي، مما يشير إلى أن الالتواء هو تطور بشري فريد وحديث نسبيًا.