وتؤكد المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا أنها لا تملك حلا في إعادة تعديل القوانين، مشيرةً إلى أنها جهة تنفيذ تطبق القانون الصادر عن البرلمان الليبي، بينما تتخوف أطراف أخرى من أن يكون قانون الانتخابات قد تم صياغته لضمان ترشح العسكريين وإقصاء شريحة أخرى في إشارة إلى رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة.
وقال عضو مجلس إدارة المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا، عبد الحكيم الشعاب، في تصريحات لوكالة "سبوتنيك"، إن "الترشح إلى مجلس النواب، يشهد إقبالا ملحوظا، بالمقارنة مع الترشح لمنصب الرئاسة الذي لا يسير بالشكل المطلوب".
وعن الخلافات بين الأطراف الليبية حول المادة 12 من قانون انتخاب الرئيس، أوضح الشعاب أن "المفوضية لا تملك رفض أو تأييد أي من مواد أو نصوص من قانون الانتخابات الرئاسية والبرلماني التي أقرها مجلس النواب الليبي في أكتوبر الماضي".
وأضاف: "نحن كمفوضية نطبق القانون، وإذا رأى البرلمان أن هذه المادة، يجب أن يتم استبعادها، عليهم إصدار تعديل قانوني، يشيرون فيه إلى المادة المذكورة، وما على المفوضية إلا تنفيذ القانون".
وأضاف أن "المفوضية جهة تنفيذية تلتزم بالقانون وتطبق نصوصه".
وحول إمكانية خضوع أي شخصية للعزل أو المنع من الترشح على أساس منصب سابق تولته في أي مرحلة، أكد الشعاب على أن "القانون لا يشير في أي من مواده إلى مسألة العزل السياسي إلى كل من تقلد مناصب في الدولة الليبية في السابق"، مشيرا إلى أن "الجميع لهم الحق في الترشح بحسب القانون".
وتابع عضو مجلس إدارة المفوضية العليا للانتخابات قائلا إن "اعتراض المجلس الأعلى للدولة الاستشاري وغيره، أمر لا شأن للمفوضية به، سواء في حالة القبول أو الرفض".
وأضاف: "إذا كان المجلس الأعلى للدولة ينظر إلى البرلمان كطرف سياسي، لم يتم الاتفاق معه، فهو أمر سياسي فيما بينهما، وعليهما الاتجاه إلى القضاء للاحتكام في ذلك أو لاتفاق سياسي جديد، أما نحن كمفوضية، فلا نستطيع أن نرفض قوانين صادرة عن البرلمان لتنفيذ عملية انتخابية، أو أي عملية أو أي استحقاق، كوننا جهة تنفيذية صراحة نحن لا نملك حل للمعارضين لقوانين الانتخابات".
وشدد الشعاب على أن "الرأي الأهم في ليبيا هو رأي الشعب الليبي، الداعم لإجراء الانتخابات في موعدها".
وأضاف: "بالرغم من وجود أطراف ليبية تمانع تلك الانتخابات بصوت عالي، إلا أنهم يظلون أقلية أمام الدعم الشعبي الكبير للاستحقاق الانتخابي".
وأشار الشعاب إلى أن "رأي الأطراف السياسية في ليبيا، لا يمثل الأهمية الكبرى التي يمثلها رأي الشعب الليبي، خاصة وأن هذه الأطراف وعلى مدى 7 سنوات، لم يحرزوا أي توافق يذكر على مدى كل الحوارات التي جرت فيما بينهم"، مؤكدا أن "كلمة التوافق فيما بينهم لا يعد إلا سرابا".
وأوضح أن "السلطة التنفيذية الحالية المتمثلة في المجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي، وحكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، قد وجدت في السلطة بنظام التصويت وليس التوافق"، بحسب وصفه.
من جهته، اعتبر المحلل السياسي الليبي، صلاح البكوش، في تصريح لـ"سبوتنيك"، أن الخلافات بين الفرقاء والأطراف الليبية على قوانين الانتخابات واللجوء الطعون أمام القضاء "أمر متوقع لأن كتابة قوانين الانتخابات جرت بدون توافق مع الأطراف الأخرى"، مشيراً إلى أن القوى والشخصيات السياسية الرئيسية الرافضة للقوانين لم تهدد بالاحتكام للسلاح.
وأردف: "لكن احتمال اللجوء إلى السلاح وارد في ظل انتشاره وغياب احتكار الدولة له وربما عدم الاعتراف بنتائج انتخابات يستأثر طرف واحد بكتابة قواعدها (وهو أمر) يجب ألا يفاجئ أحدا".
وتابع البكوش: "عندما يقوم (قائد الجيش الوطني الليبي المشير) خليفة حفتر بمنع السيد (عبد الحميد) الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية المسؤولة حصريا عن تأمين الانتخابات من زيارة ثلثي مساحة ليبيا، ودخول بنغازي ثاني أكبر مدينة يصبح الحديث عن ضمانات أمنية لسلامة الناخب أو سلامة يوم عملية الاقتراع أو بعد إعلان النتائج نوعا من العبث".
وحول الخلافات وتعامل مع المادة 12 التي تحدد قانون الانتخابات القادمة، بأنها ستكون محل الطعون من جانب المرشحين، وما هي الإجراءات التي يجب اتخاذها لعدم استغلال هذه الفقرة ضد المرشحين للرئاسة، قال البكوش إن "المادة 12 مصممة لضمان ترشح العسكريين بالمخالفة للمادة (84) من قانون العقوبات العسكرية الليبية تعاقب بالحبس كل عسكري انخرط في أي عمل سياسي، ولكنها صممت أيضا لإقصاء شريحة أخرى من هم في الوظيفة العامة ويقصد بها الدبيبة بالذات بحجة تعهد سابق بعدم الترشح في هذه الانتخابات كما تطالبه المادة بالتوقف عن العمل ثلاث أشهر قبل الانتخابات".
وأضاف: "ليس هناك موعد محدد للانتخابات البرلمانية كل ما لدينا هو قانون ينص في المادة (20) على أن مجلس النواب سيحدد الانتخابات البرلمانية بعد (30) يوما من تاريخ انتخاب رئيس الدولة، وهو ما يعني أن إجراء الانتخابات البرلمانية من عدمه سيتحدد بناء على نتائج الانتخابات الرئاسية".
وأضاف: "في ظل مادة كهذه يصبح ما تقوله المفوضية من باب التدليس لا غير"، وفق وصفه.
وحول قانون الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وما إذا كانت قد حددت المدة الزمنية لفترة الرئاسة والمدة الزمنية لفترة البرلمان، قال البكوش إنه "في سابقة لم نرها من قبل قدم مجلس النواب وثيقة واحدة تحتوي في متنها قانون انتخاب الرئيس وبعض المواد الفضفاضة التي تحاول تحديد صلاحيات الرئيس في محاولة عرجاء للتغطية على عدم وجود قاعدة دستورية واضحة أو دستور دائم للبلاد".
وتابع: "ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي صنع خارطة الطريق وحكومة الوحدة الوطنية والوثيقة الوحيدة التي تحدد 24 كانون الأول/ديسمبر 2021 كتاريخ لانتخابات رئاسية وبرلمانية مبني على فكرة أساسية وهي أن مجلسي النواب والدولة لا يحتكران القرار السياسي في ليبيا، وعليه تم إضافة أطراف أخرى (49 من 75 عضو) للملتقى، وبما أن الأمر هكذا، يصبح استنكار السماح لطرف واحد (مجلس النواب) باحتكار صياغة قوانين الانتخابات منطقياً".
وأكمل قائلا: "حفتر تحت طائلة قانون العقوبات العسكرية الذي يحظر عليه الانخراط في أي عمل سياسي طبقا للمادة (84)، وبما أن رد مجلس النواب وحفتر هو أن القانون يجب ألا يقيد حفتر والعسكريين، وأنه يجب أن ندع الشعب وصناديق الانتخاب تقرر فالدبيبة يقول إنه يجب أن يعامل بالمثل وأنه يجب ألا يقيد بذلك التعهد وأن ندع الشعب وصناديق الانتخاب تقرر".
وأعلنت المفوضية العليا للانتخابات الليبية، الأحد الماضي، موعد فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية في البلاد.
وقال رئيس المفوضية، عماد السايح، خلال مؤتمر صحافي نقلته الصفحة الرسمية لمفوضية الانتخابات الليبية على "فيسبوك"، إن "باب الترشح للانتخابات الرئاسية سوف يبدأ من 8 [تشرين الثاني] نوفمبر، وينتهي في الـ22 من الشهر نفسه".
وأكد أن الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية سوف تكون في الـ24 من ديسمبر المقبل، وستكون الجولة الثانية بعد قرابة 52 يوما، بالتزامن مع الانتخابات البرلمانية.
وعن تخوفات المفوضية من الخلاف بين المجلس الرئاسي والبرلمان حول الشروط التي ستجرى الانتخابات الرئاسية طبقا لها، قال السايح إن المفوضية تتمنى أن تزول الصراعات السياسية والخلافات بين الفرقاء الليبيين لتتاح فرصة للجميع من أجل إعادة بناء المشهد السياسي في ليبيا، لنتمكن من عبور مفترق الطرق الذي نحن فيه بسلام.
يشار أن ليبيا عانت من عدم الاستقرار والصراع المسلح، بين الفصائل العسكرية بسبب الفراغ السياسي وتوالي المراحل الانتقالية، الذي أنتج حكومة الوحدة الوطنية التي تسعى للذهاب للانتخابات الرئاسية والبرلمانية في الرابع والعشرين من ديسمبر 2021.