اتصال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، بنظيره الجزائري، رمطان لعمامرة، حمل معه تثمينا واضحا لموقف الجزائر الداعم لعودة سوريا إلى جامعة الدّول العربية، والرّافض كذلك لعضوية إسرائيل في الاتحاد الأفريقي.
إيران تعتبر أن الجزائر تصرّفت بحكمة ومنطق تجاه القضية الفلسطينية ورفض التطبيع مع إسرائيل وأيضا قبول عضوية إسرائيل في الاتحاد الأفريقي، هذه مواقف تثمنها إيران للجزائر، فإلى أي مدى الموقف الإيراني والعلاقات الايرانية بالجزائر مهمة في الساحة المغاربية لاسيما في الشق الذي يتعلّق بإسرائيل؟
الدكتور رضوان بوهيدل، أستاذ العلوم السّياسية والعلاقات الدولية بجامعة "الجزائر"، تحدّث لـ "راديو سبوتنيك": "بالنسبة إلى الجزائر فإنها تضع نفسها على نفس المسافة مع كل الأطراف ولا تحمل ضغينة ولا أي علاقات مشبوهة مع أي طرف كان، فعلاقاتنا مع إيران تشبه تلك التي مع الولايات المتحدة أو مع تونس أو مع مصر وغيرها من الدول، وعلاقتنا بإيران هي علاقة تاريخية قديمة ولا يمكن الرّضوخ إلى بعض الضغوطات لاسيما من طرف المملكة المغربية التي تحاول تصوير هذه العلاقة على أنها غير مقبولة، لكنّ إيران تعتبر دولة والجزائر تتعامل مع كل الدول، لذلك لا يجب أن نعطي الأمر أكبر من حقّه، لأنه يتعلق فقط بإيران، لأنه لديها ربما مشاكل مع الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية وحتى بعض الدول العربية لأسباب متعدّدة، منها الملف النّووي".
الجزائر ستستضيف القمة العربية، وهي من بين الدول الثلاث (الجزائر، العراق والأردن) الداعمة والراغبة بعودة سوريا إلى الجامعة العربية، وموقفها منذ بداية أزمة سوريا كان ثابتا وواضحا، فهل ستستطيع الجزائر كسب أصوات الدّول في لمّ شمل سوريا مع بقية الدول العربية من جديد؟
بالنسبة لعودة سوريا إلى جامعة الجول العربية، قال الدكتور بوهيدل: "إن الجزائر ليس فقط تدعم عودة سوريا لجامعة الدول العربية بل تضعه شــرط، لأن انعقاد هذه القمّة مرتبط بعدد من الشّروط، خاصة أن الجزائر سترأسها وستنعقد هذه القمة على أراضيها، كذلك ستسعى الجزائر من خلال الدبلوماسية الرّسمية وغير الرّسمية لعودة سوريا التي تعتبرها مهمّة جدا في انعقاد أي قمّة عربيّة، لأن المقعد الذي كان خاليا طيلة القمم على الأقلّ الأخيرة المنعقدة، الجزائر سعت إلى عودة سوريا حتّى في السّابق".
وأضاف: "اليوم هي فرصة أمام الجزائر، لأن القمّة ستنعقد على أراضيها، ولاحظنا بعض التّحركات الدّبلوماسية، منها زيارة وزير الخارجيّة الإماراتي واستقباله من طرف الرّئيس السّوري بشّار الأسد، وهو ما سيعطي شرعيّة لنظامه لاحقا أمام الدّول العربية، خاصّة أن الجزائر لديها السمعة الكافية للمّ شمل كل الأطراف حول هذا الخلاف".
وأشار الدكتور بوهيدل إلى الشروط التي ستجعل سوريا تعود إلى الجامعة العربية، وقال لـ "راديو سبوتنيك": "أعتقد أن هناك شيء لا يمكن تجاوزه، وهو موقف إدارة بايدن اليوم من سوريا، وشئنا أم أبينا كثير من الدول العربية ستخصع إلى الموقف الأمريكي، وهذا بغض النّظر عن احترام الموقف الجزائري، ولا يمكن سواء للسّعودية أو أي دولة أخرى أن تقف في وجه الموقف الجزائري الدّاعي إلى ضرورة عودة سوريا إلى مقعدها بالجامعة، وهو يشبه الشّرط لانقعاد وإنجاه عذع القمة بكل عناصرها".
وأضاف: "أعتقد أن الجزائر سيكون لها دور في محاولة إقناع هذه الدول لإذابة الجليد ما بين هذه الدول على أن تتحصل على تعهّدات من سوريا، بأن تكون هذه القمة من دون أي تشنجات مع هذه الدول".
وتابع الدكتور بوهيدل: "أعتقد أنه عندما تحدّث وزير الخارجية الجزائري عن عودة سوريا للجامعة العربية لم يكن من فراغ، ولكن من منطلق مفاوضات مسبقة ربما لم يتم الإعلان عنها ككل، لأنّها تدخل في إطار الدبلوماسية غير الرسمية، ولكن لن يغامر لعمامرة بالحديث عن عودتها وهو غير متأكد على الأقلّ بنسبة 90 إلى 100 بالمئة بأن سوريا ستكون حاضرة وبتمثيل عالي المستوى، وأنا حسب توقعاتي سيكون بحضور الرئيس بشار الأسد بنفسه في القمة".
أما حول الفائدة السّياسية والأمنية التي تحققها عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، قال الدكتور بوهيدل: "أولا الفائدة السّياسية هي رصّ الصّف العربي في مواجهة القضايا المصيريّة الأهم وهي القضية الأم، القضيّة الفلسطينيّة، فعودة سوريا ربما سينهي كل ما يحدث اليوم داخل سوريا من حرب وصراع بين الأطراف، لأن جلوسها في مقعد الجامعة العربية يعني اعتراف بالنظام الشّرعي لسوريا، وهذا ما قد سينهي كل ما يحدث الآن داخلها ويعطيها شرعية في التقدم، فحضور الدول العربية جميعا والجلوس على طاولة واحدة مع ممثلي النظام السّوري مهما كان، سواء بشار الأسد أو وزير خارجيته أو غيرهم، أعتقد أنه كفيل لإنهاء الأزمة السورية ولو بشكل كبير حتى لا نقول بشكل مطلق".
وأضاف: "بالنسبة للقضيّة الفلسطينية، الأمر مهم لأن القمة تنعقد في وقت تعيش الأمة العربية نوع من الهرولة نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني ومحاولة بعض الدول العربية ومنها المغرب بإدخال هذا الكيان إلى الاتحاد الأفريقي ولو كمراقب، الجزائر من خلال هذه القمة ستحاول تجاوز هذه النقطة وجعلها في إطار علاقات ثنائية ما بين هذه الدول وهو أمر لا يخصها، ولكن لا يجب أن يطغى هذا الملف على جلسات القمة العربية ، حتى تبقى لأن القمة العربية تأسّست من أجل القضية الفلسطينية ويجب أن تعود إلى دورها الأساسي".