واستطاع الباحثون في دراستهم الجديدة رصد التغييرات الغريبة عن طريق مجموعة قياسات سجلها منطاد الطقس في نصف الكرة الشمالي للأرض على مدار 40 عاما.
أكد الباحثون أن الطبقة الدنيا من الغلاف الجوي للأرض، التي يطلق عليها تسمية "التروبوسفير" تتوسع بالاتجاه الخارجي للأرض، أي أن هذه الطبقة تتوسع صعودا بمعدل حوالي 164 قدما (50 مترًا) لكل عقد.
وبحسب نتائج البحث المنشور في مجلة "Science Advances" العلمية، فإن تغير المناخ هو السبب في هذا التوسع الغريب.
وقال العالم في المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي في بولدر بولاية كولورادو، الباحث المشارك في الدراسة، بيل راندل، في بيان، إن "هذه علامة لا لبس فيها على تغير بنية الغلاف الجوي".
وتابع الباحث: "توفر هذه النتائج تأكيدا مستقلا، بالإضافة إلى جميع الأدلة الأخرى على تغير المناخ، على أن غازات الدفيئة تغير غلافنا الجوي".
بحسب المقال المنشور في مجلة "livescience" فإن طبقة التروبوسفير هي طبقة الغلاف الجوي التي نعيش فيها ونستنشق هواءها، أي التي تمدنا بالأوكسجين.
وأشارت المصادر إلى أن هذه الطبقة الهامة جدا لحياة الإنسان تقع في المسافة الفاصلة بين مستوى سطح البحر وتصل إلى ارتفاع يتراوح من 4.3 ميل (7 كيلومترات) فوق القطبين، أما فوق خط الاستواء تصل إلى ارتفاع 12.4 ميلاً (20 كيلومترًا).
ونظرا لأن هذه الطبقة الجوية من الغلاف الجوي المحيط بالأرض هي التي تحتوي على أكبر قدر من الحرارة والرطوبة، فإنها تشهد أيضا تقلبات الطقس بجميع حالاتها في الغلاف الجوي.
وعلى الرغم من أن هذه الطبقة تتأثر بالفصول والحرارة، حيث يتمدد الهواء في الغلاف الجوي عندما يكون الجو حارا ويتقلص عندما يكون باردا، وبالتالي فإن الحد الأعلى من طبقة التروبوسفير، التي يطلق عليها العلماء اسم التروبوبوز، تتقلص وتتوسع بشكل طبيعي مع تغير الفصول.
لكن الباحثون أكدوا في دراستهم الجديدة أنه مع زيادة كميات غازات الاحتباس الحراري داخل هذه الطبقة، التي تحبس المزيد من الحرارة في الغلاف الجوي، فإن التروبوبوز يرتفع أعلى أكثر من السابق، أي أنه يتمدد بشكل سريع.
وأظهرت الدراسة، أن معدل الارتفاع آخذ في الازدياد، حيث ارتفع التروبوبوز حوالي 164 قدما (50 مترا) كل عقد بين عامي 1980 و2000، وارتفعت هذه الزيادة أيضا إلى 174 قدمًا (53.3 مترًا) لكل عقد بين عامي 2001 و 2020.
وعلى الرغم من أن العلماء أخذوا في الاعتبار الأحداث الطبيعية التي شهدها كوكب الأرض في منطقة الدراسة الخاصة (الجزء الشمالي من الكوكب)، مثل انفجارين بركانيين في الثمانينيات وظاهرة النينيو الدورية في المحيط الهادئ في أواخر التسعينيات، لكن الباحثين أشاروا إلى أن النشاط البشري يمثل 80 % من إجمالي أسباب الزيادة في ارتفاع الغلاف الجوي.
وقال راندل: "تحدد الدراسة طريقتين مهمتين يغير فيهما البشر الغلاف الجوي، حيث يتأثر ارتفاع التروبوبوز بشكل متزايد بانبعاثات غازات الاحتباس الحراري حتى مع نجاح الإنسان بتثبيت الظروف (البيئية) في طبقة الستراتوسفير من خلال تقييد المواد الكيميائية المدمرة للأوزون".
بحسب الدراسة المنشورة في مجلة "sciencedirect"، وهو بحث شامل درس مخزون الأوكسجين في كوكب الأرض، حيث أشارت النتائج إلى أن الغلاف الجوي للأرض سيخسر في عام 2100 حوالي 100 غيغا طن من الأوكسجين (O2)، وسيقل تركيز الأوكسجين من مستواه الحالي البالغ 20.946% إلى 20.825%، بسبب الأنشطة البشرية، وهي خسارة وصفها البحث بـ"خسارة لا رجعة فيها".
ونوهت دراسة أخرى منشورة في مجلة "frontiersin" العلمية، إلى أن نسب الأوكسجين في الهواء تتقلص بشكل مضطرد بسبب العوامل البشرية، وقد تصل كميات الأوكسجين خلال مئات الأعوام فقط إلى "نسب متطرفة" مع ارتفاع معدلات ثاني أكسيد الكربون.
وشدد العلماء والباحثون في أغلب الدراسات على وضع معايير لترشيد استهلاك الطاقة (الفحم) وتقليل الانبعاثات للحد من الانخفاض الدراماتيكي بنسب الأوكسجين في الغلاف الجوي للأرض.