بداية يقول الخبير العسكري والاستراتيجي السوداني، الفريق جلال تاور، إن المشهد السياسي في البلاد الآن غير مستقر وبه الكثير من الاضطراب والغموض، وإن كان هناك بعض الارتياح.
خطوة أولية
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن عودة رئيس الحكومة عبد الله حمدوك وفقا لكل المؤشرات الإقليمية والدولية، هي خطوة أولية بالضرورة تتبعها خطوات أخرى لتبين وتوضح في أي الطرق سوف يسير السودان، مشيرا إلى أن الاتفاق الذي تم توقيعه بين البرهان وحمدوك يرفضه الشباب السوداني وقد يدعو إلى التظاهرات يوم الخامس والعشرين من الشهر الجاري، من أجل الإعلان عن استمرارهم في التصعيد، والأهم من هذا هو التأثير الدولي، حيث نلاحظ أن الولايات المتحدة الأمريكية قد وضعت قانون يسمى "خارطة الانتقال الديمقراطي في السودان" ويرتب بعض الخطوات التي لم تتضح معالمها بعد، ويرتب عقوبات على من يعرقل تلك العملية سواء من الأفراد أو المؤسسات.
استكمال المطالب
وحول ما إذا كانت تظاهرات الغد تمثل مرحلة ثورية جديدة في البلاد يقول تاور: "تظاهرات الغد ليست بداية لمرحلة ثورية، بل هي استمرار للمطالبات السابقة، حيث ترفض القوى الحية من الشباب هذا الاتفاق جملة وتفصيلا، كما يرفضون أي شراكة مع المكون العسكري، حيث أن أحداث الخامس والعشرين من الشهر الماضي أكتوبر/تشرين أول جعلتهم يفقدون الثقة ويتخوفون من المكون العسكري، وأهم شيء في مسيرة الغد هو حقوق الشهداء واستمرار العنف الذي أدى إلى سقوط أكثر من 40 فرد خلال الأيام الماضية، تلك النقاط تتطلب أن تكون هناك إجابات واضحة لها من جانب حمدوك نفسه الذي يعد الآن رجل الساعة وتعقد عليه كل الآمال، فتلك التظاهرات تعتبر من وجهة نظري نوعا من الضغوط ضد حمدوك وغير موجهة ضد حمدوك بشكل مباشر.
تفويض ناقص
من جانبه يقول رئيس المركز العربي الأفريقي لثقافة السلام والديمقراطية، الدكتور محمد مصطفى، حقيقة رغم تقييمنا القديم المتجدد لحمدوك بعدم قدرته على مواجهة تعقيدات الفترة الانتقالية وتجاوزها بنجاح، إلا أن حمدوك لا تنقصه الحكمة والحصافة والتعبير الجيد عن حالة السودان لكن تلك الحكمة تنقصها الصرامة والقرار الشجاع ومتابعته بغرض التنفيذ المحكم.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، حمدوك أجاد وصف خطوة البرهان لكنه اتفق معه بتفويض ناقص، حيث لم يطلب من المكون العسكري إعطائه الفرصة لطلب تفويض من الشارع ليستطيع التفاوض معه بصلاحيات وتفويض كامل، مما أحدث شرخ وهوة كبيرة بينه وبين الثوار وهذا يجعل أي خطاب صادر منه بدون فائدة، والأهم من هذا كله ما هي الآلية التي يعتمد عليها حمدوك في تكوين حكومته، أين هي الحاضنة وبأي معيار تشكلت الحاضنة، ومن الذي مثل الثوار في مفاوضات حمدوك، وكيف لهم تكوين المجلس التشريعي، كل هذه الأسئلة لم تجد إجابة لا من حمدوك ولا البرهان.
خطاب استهلاكي
وتابع مصطفى، إذن خطاب حمدوك يعتبر خطاب للاستهلاك فقط حيث لن يجد آذانا صاغية، وتأثيره على الشارع محدود، لكن رغم ذلك لن ننكر أن هنالك عدد محدود من الثوار الحقيقيين يتفهم وضع حمدوك،
لكن الذي أراه مناسبا وقد يعالج خلل التفويض لحمدوك، هو أن يطلب حمدوك التفويض أو الرفض من الثوار، ويؤكد لهم تقديم استقالته في حالة رفض الثوار له، وأن يحدد الشارع موقفه بتظاهرة تشمل كل مدن السودان.
ضمانات الاتفاق
وأكد مدير المركز العربي الأفريقي على ضرورة أن تكون هناك ضمانات بالتزام المكون العسكري بتنفيذ الاتفاق، وتحقيق التحول السلس، فهل حمدوك يمتلك أي ضمانات مؤكدة، أم أنه يراهن على الشارع الذي لم يستشره في اتفاقه مع البرهان، ثم كيف له إنصاف شهداء ما بعد ٢٥ أكتوبر/تشرين الأول، وهو نفسه على مدى سنتين من حكمه فشل في حث نبيل أديب رئيس لجنة التحقيق في مجزرة فض اعتصام ساحة القصر لتقديم نتيجة التحقيق.
ولفت مصطفى إلى أن، حمدوك يتحدث ولكن لم ينفذ ولم يستطع اتخاذ أي قرار يمثل خطوة جريئة نحو تحقيق شعارات الثورة، خاصة أهم أركانها وهما السلام والعدالة، حتى الآن لا توجد إجابات مقنعة عن هذه الأسئلة التي تؤثر في الثوار بكل تأكيد.
وأعلن حمدوك، خلال اجتماع مع أعضاء للمجلس المركزي القيادي لقوى الحرية والتغيير المعارض، فتح تحقيق في الانتهاكات التي تمت بحق المتظاهرين المحتجين على إجراءات الجيش منذ 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
يذكر أن رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، قد وقعا في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، اتفاقا سياسيا جديدا، يقضي بعودة حمدوك إلى منصبه؛ وذلك بعد نحو شهر من عزله.
وقال حمدوك إنه قبل بالاتفاق من أجل تحقيق 4 أهداف وهي الحفاظ على الدم السوداني، وحماية السودان وأرضه، وإكمال عملية السلام والتحول الديمقراطي المدني، بالإضافة إلى أمن السودان والاقتصاد.