بداية يقول عضو تنسيقية تيار الثورة السودانية، الدكتور لؤي عثمان، في تقديري أن تظاهرات اليوم هى بمثابة تشييع للاتفاق السياسي الذي تم توقيعه بين البرهان وحمدوك، أعتقد أن الشارع قال كلمته اليوم وخرج في مواكب في مجملها مليونية، لكن تم تجزئتها في أماكن متفرقة تفاديا لعملية التصادم مع قوات الأمن والرصاص الذي تطلقه.
رسالة واضحة
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، بصورة عامة المليونية أرسلت رسالة واضحة وقوية أن الشارع حي وأنه يرفض تماما هذا الاتفاق وأنه لا يمثل الشارع ولا الثوار ولا علاقة له بالثورة، وبالتالي الشارع السوداني ماض في توجهه نحو إسقاط الانقلابيين وكل من يشاركهم أو يتحالف معهم.
وأشار عثمان إلى أن، المرحلة القادمة في تقديري سوف تشهد تمدد في التصعيد بصورة أكبر وستكون هناك العديد من المواكب، وأن لجان المقاومة وقوى الثورة الحية ماضية في الاتفاق على إعلان سياسي وميثاق ثوري وترتيب أمر قيادة جديدة للثورة، حيث فقدت الأحزاب السياسية ريادتها في قيادة المشهد وإن كانت في السلطة سابقا والآن في صفوف المعارضة وهى تدفع في نفس اتجاه الشارع ، لكن الشارع الآن تقوده لجان المقاومة والقوى الثورية الحية المستقلة.
ضغوط عسكرية
بدوره يقول الحقوقي والناشط السياسي السوداني، عامر حسبو، إن اتفاق حمدوك - البرهان جاء تحت ضغط من الجيش، على أن يعود حمدوك لرئاسة الوزراء وفق نظام جديد ، لكن يبدو أن كل هذا قد باء بالفشل، حيث لم لم يستطع البرهان الاستفادة من الشارع خلال فترة انقلابه، حتى أنه في النهاية لم يعد أمام العسكريين سوى فك أسره، على أن يأتي خلال الفترة القادمة بحكومة جديدة تحت ضغط العسكر، واستجابة للشارع والتظاهرات المتواصل رضخ حمدوك.
وتابع في اتصال مع "سبوتنيك"، الأحوال في البلاد كما، ويواجه الاتفاق سخط كبير من الشارع، وإلى الآن جزء من الطاقم القيادي لرئيس الحكومة عبد الله حمدوك، والذين يمتلكون شعبية كبيرة جدا في الشارع السوداني، وللعلم فإن البرهان عمل على إعادة نظام المؤتمر الوطني السابق إلى سدة الحكم، والشعب السوداني لن يقبل بهذا الوضع مهما كان الأمر، والوضع في السودان يسير نحو الأسوأ.
وأشار حسبو، إلى تدهور الأوضاع مجددا في دارفور، حيث تم حرق 22 قرية بالكامل وتم قتل 72 شخص ودفنهم في مقابر جماعية على أيدي المليشيات المسلحة، علاوة على الأوضاع الاقتصادية والسياسية والصحية والتعليمية المتدهورة في البلاد، كما أن الوضع في دولاب الحكم في السودان ما زال معلقا، ولا توجد في الأفق أي بادرة أمل، لأن فشل حمدوك واتفاقه مع العسكر أدى إلى تدهور الأوضاع بشكل أكبر.
قرار صائب
من جانبه يقول، فتحي إبراهيم، متحدث ثوار ديسمبر وتحالف الكتل الثورية السودانية "المستقلين"، إن هناك انقسام واضح في الشارع السوداني الآن، والسياسيين يتخبطون في قراراتهم، لذا أري أن قرار حمدوك بالعودة للحكومة كان قرار صائب، وفي رأيي يجب على الشارع أن يؤيد هذا القرار، لأنه لا يخضع السلطة الانتقالية في البلاد لحزب أو عدة أحزاب، وهذا يعد رجوع للوثيقة الدستورية، لذا يجب على الأحزاب العودة إلى الشارع لتجهيز نفسها للانتخابات القادمة والمقرر لها العام 2023.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن المشاكسات السياسية التي تحدث الآن ليست في صالح الوطن ولا المواطن ، والشباب المتواجدين بالشارع الآن والذين ينادون بالمدنية، يجب أن يعلموا أنه لا توجد مدنية خلال الفترة الانتقالية والتي تعد تجهيزا للانتخابات التي ستأتي بالمرحلة الديمقراطية، وكنا نتحدث في السابق عن الانفجار نتيجة الأزمات المتراكمة، وفي الحقيقة أن الانفجار والانقلاب قد حدث بالفعل، والانقلاب الذي حدث كان على الأحزاب التي كانت تحكم بعد الثورة، ولو كانت هناك انتخابات لما وصلت تلك الأحزاب إلى السلطة، فليس من المنطق أن تضع العراقيل أمام أي انفراج سياسي وتضع اللاءات الثلاث"لا تفاوض لا مساومة ولا مشاركة".
وشهد السودان انقلاب عسكري جديد خلال أكتوبر/تشرين أول الماضي حيث أعلن البرهان، حل مجلس السيادة والحكومة وفرض حالة الطوارئ في البلاد، بعدما تم إيقاف معظم الوزراء والمسؤولين المدنيين في السلطة، فيما تصاعدت الضغوط الدولية من أجل عودة المدنيين الى السلطة.
وحاول الجيش استيعاب الانتقاد الدولي عبر إعادة حمدوك، الذي كان بين الموقوفين، إلى منزله، بعد تشديد دول غربية والأمم المتحدة على ضرورة الإفراج عنه، كما تم تشكيل مجلس سيادة جديدة وعين البرهان رئيسا له، إلا أن هذه الخطوات لم تخفف من موجة الاحتجاجات الداخلية والانتقادات الدولية.
وعارضت الأحزاب السياسية البارزة وحركة الاحتجاج القوية في السودان قرار حمدوك الأحد الماضي توقيع الاتفاق مع الجيش حيث وصف البعض هذا الإجراء بالخيانة أو أنه "يوفر غطاء سياسيا للاستيلاء على السلطة"، وتصر الأحزاب السياسية والجماعات المدنية الرئيسية على أنه يتعين على الجيش ألا يلعب أي دور في السياسة.
و بموجب بنود اتفاق الأحد سيرأس حمدوك حكومة تكنوقراط خلال مرحلة انتقال سياسي من المتوقع استمرارها حتى 2023 وستتقاسم السلطة مع الجيش، وبني هذا الاتفاق على أساس اتفاق سابق لتقاسم السلطة بين الجيش والقوى السياسية المدنية بعد الإطاحة بالرئيس السابق، عمر البشير، في 2019.