قام باحثون دراسة مفصلة ودقيقة على 500 امرأة حامل تمت إحالتهن لإجراء التصوير بالرنين المغناطيسي للجنين للقيام بتجربة سريرية "إكلينيكية".
ومنحت النساء استبيانا من ضمن مشروع الاستبيانات المستخدمة لنظام مراقبة وتقييم مخاطر الحمل (PRAMS)، وهو مشروع مراقبة تابع لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها والإدارات الصحية في أمريكا.
العلماء رصدوا تغيرات كبيرة في بنية دماغ الجنين
استخدم الباحثون التصوير فائق الدقة، مما سمح لهم بإنشاء مجموعة بيانات متماسكة لإعادة بناء وتشكيل أدمغة الأجنة بداخل أرحام النساء المشاركات، حيث اعتمد الباحثون على تقسيم مناطق الدماغ إلى 12 بنية وتحليلها ثم جمعها مع بعضها البعض وحساب الحجم الكلي لدماغ الجنين.
كشف التحليل الإحصائي عن اختلافين رئيسيين لدى بعض الأجنة مقارنة بالضوابط الصحية، منها زيادة الحجم في الجيب الصخري وانخفاض الحجم في المنطقة المحيطة بالبطينين.
شراب مسؤول عن حدوث "جريمة" في الرحم
ولاحظ الباحثون نتائج غريبة لدى مقارنة الصور الناتجة عن التصوير والبيانات التي سجلتها النساء ضمن الاستبيان، حيث اعترفت 51 من النساء بتناول الكحول أثناء الحمل، من ضمن أربع أسئلة موجودة ضمن الاستبيان حول الكحول.
وبحسب الدراسة التي قدمت نتائجها في الاجتماع السنوي لجمعية الطب الإشعاعي لأمريكا الشمالية (RSNA)، "وجد الباحثون تغيرات كبيرة في بنية الدماغ للأجنة المعرضين للكحول مقارنة بالضوابط الصحية"، أي أن النساء اللواتي تناولن الكحول حدث لدى أجنتهن زيادة الحجم في الجيب الصخري وانخفاض الحجم في المنطقة المحيطة بالبطينين.
وقال الأستاذ المساعد في قسم الأشعة بجامعة فيينا الطبية في النمسا، الباحث جريجور كاسبريان، إن "متلازمة الكحول الجنينية مشكلة عالمية في البلدان التي ينتشر فيها الكحول مجانا".
ويتابع: "تشير التقديرات إلى أن 9.8% من جميع النساء الحوامل يتناولن الكحول أثناء الحمل، ومن المحتمل أن يكون هذا الرقم أقل من الحقيقة".
وبحسب المقال المنشور في مجلة "scitechdaily" العلمية، تعتبر متلازمة الكحول الجنينية من أشد أشكال الحالات التي يطلق عليها اسم اضطرابات طيف الكحول الجنيني التي تنتج عن التعرض للكحول أثناء الحمل. وقد يعاني الأطفال الذين يولدون مصابين باضطرابات طيف الكحول الجنيني من سمات جسدية محددة، أو صعوبات في التعلم، أو مشكلات سلوكية، أو تأخيرات في الكلام واللغة".
جسم "صلب وسميك" داخل أدمغة الأجنة
وفقا للدكتور كاسبريان، فإن واحدة من كل 70 حالة حمل مع التعرض للكحول تؤدي إلى متلازمة الكحول الجنينية.
وبدورها، قالت المؤلفة المشاركة في الدراسة، مارلين ستومبفلن، طالبة الدكتوراه في الطب والباحثة في الجامعة الطبية في فيينا: إن "إحدى السمات المميزة لدراستنا هي أننا بحثنا في العديد من الأجزاء الفرعية الأصغر من الدماغ".
ويعتبر الجيب الصخري هو الرابط الرئيسي بين نصفي الكرة المخية، ولاحظ الباحثون أن هذا المركز الحساس والداخلي قد يتأثر بشكل كبير خصوصا أن أعراض اضطرابات طيف الكحول الجنينية غير متجانسة للغاية ومتنوعة بشكل كبير.
وأضافت الباحثة المشاركة: "التغييرات الموجودة في المنطقة المحيطة بالبطينين، حيث تولد جميع الخلايا العصبية، تعكس أيضا تأثيرا عالميا على نمو الدماغ ووظيفته".
قال الباحثون إن العثور على "جسم صلب سميك في الأجنة الموجبة للكحول كان مفاجئا لأن الجسم الصبغي يكون أرق عند الرضع الذين يعانون من اضطرابات طيف الكحول الجنيني".
قال الدكتور كاسبريان: "يبدو أن التعرض للكحول أثناء الحمل يحرف الدماغ عن مسار تطوره الطبيعي.. إن التصوير بالرنين المغناطيسي للجنين هو أداة قوية جدا لوصف نمو الدماغ ليس فقط في الحالات الجينية، ولكن أيضا الحالات المكتسبة التي تنتج عن التعرض للعوامل السامة".