وفي سبيل ذلك، نجح لبنان في دفع وزير الإعلام جورج قرداحي لتقديم استقالته، التي أعلن رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي قبولها واصفًا إياها بـ "الضرورية".
فبينما يرى البعض أن الاستقالة تفتح الباب أمام الرئيس الفرنسي لمحاولة حلحلة الأزمة، يجد آخرون أن هناك صعوبة لتطبيع العلاقات الخليجية اللبنانية مرة أخرى، في ظل الخلافات القائمة بسبب "حزب الله".
وكان جورج قرداحي قد أعلن تقديم استقالته، اليوم الجمعة 3 ديسمبر/ كانون الأول، من الحكومة اللبنانية، وذلك على خلفية أزمة التصريحات بشأن تدخل المملكة العربية السعودية في حرب اليمن.
استقالة قرداحي
صرح رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، اليوم الجمعة، أن استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي من منصبه كانت ضرورية.
وقال ميقاتي في بيان رسمي إن "استقالة الوزير كانت ضرورية بعد الأزمة، التي نشأت مع المملكة العربية السعودية وعدد من دول مجلس التعاون الخليجي"، مشيرا إلى أنه "من شأنها أن تفتح بابا لمعالجة إشكالية العلاقة مع الأشقاء في المملكة ودول الخليج، بعد تراكمات وتباينات حصلت في السنوات الماضية".
وكشف قرداحي في كلمة خلال إعلان استقالته من منصبه كوزير للإعلام في الحكومة اللبنانية، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "سيفتح مع السعودية موضوع عودة العلاقات مع لبنان خلال زيارته".
ضرورة وطنية
اعتبر قاسم هاشم، عضو البرلمان اللبناني، أن استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي كانت نتيجة قناعة ترسخت لديه بأن هذه الخطوة في هذه اللحظة أصبحت ضرورة للمصلحة الوطنية بعيدا عن أي اعتبارات أخرى.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، نأمل أن تؤثر هذه الاستقالة إيجابًا في العلاقات اللبنانية الخليجية خاصة وأن لبنان يريد أفضل وأمتن العلاقات مع الأشقاء العرب وخاصة مع الخليج.
وتابع: "لبنان كان دوره رئيسيا في تأسيس جامعة الدول العربية ولتكون إطارا لعلاقات أخوية حقيقية تترجم على كل المستويات السياسية والاقتصادية من أجل مصلحة الشعب العربي".
ويرى أن هذه الاستقالة تأتي اليوم في ظل حراك سياسي لتذليل العقبات أمام إعادة التواصل الأخوي والذي يتطلب الابتعاد عن الضغائن والصغائر وبناء علاقات ترسمها الأخوة والمصالح المشتركة.
باب الحوار
في السياق أكد سركيس أبوزيد، المحلل السياسي اللبناني، أن استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، جاءت كما ذكر في بيان الاستقالة كفرصة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حتى يتمكن من إيجاد حلول للأزمة القائمة بين السعودية ولبنان خلال زيارته للخليج.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الاستقالة ليست الحل في حد ذاته، ولكنها تفتح الباب لحوار سيجريه الرئيس الفرنسي وربما يتوسع إلى تطبيع العلاقات بين السعودية ولبنان.
أزمة أكبر
في المقابل، قال يرى يحيى التليدي، المحلل السياسي السعودي أن القضية اليوم بالنسبة إلى لبنان تتجاوز "جورج قرداحي” وتصريحه، الأزمة تتعلق ببلد تم اختطاف سيادته وقراره.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، كل ما يجري في لبنان سببه المباشر هو هيمنة إيران من خلال "حزب الله" على مفاصل الدولة في لبنان وعلى القرار السيادي فيها لصالح الأجندة الإيرانية وما سوى ذلك تفاصيل غير مهمة، وفقا لوصفه.
وتابع: "بالتأكيد أن الرئيس إيمانويل ماكرون الذي فشل في تدخله بالملف اللبناني ورفض تصنيف حزب الله إرهابياً لن يتطرق لمشكلة لبنان الجوهرية في جولته الخليجية، ولذلك لن تجدي أي محاولة تحريف الأزمة اللبنانية عن سببها الأساسي وهو هيمنة حزب الله على الدولة اللبنانية وقرارها".
واعتبر أن هناك فرصة لتعديل الوضع والخلاص من "الميليشيا" بشكل حاسم، وذلك اختيار يجب أن يحدده الشعب اللبناني لبلده، وعليه سيكون من الممكن تقدير الوضع المستقبلي للبلد وعلاقاته بمحيطه العربي عموما.
وعبّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الجمعة، عن أمله في تحقيق تقدم في لبنان خلال الساعات المقبلة.
وقال ماكرون في مؤتمر صحفي في دبي: "سنقوم بجميع الجهود لكي يكون لدول الخليج خاصة السعودية دور فاعل في لبنان لمساعدة الشعب اللبناني"، مشيرا إلى أنه "لا يمكننا أن نساعد لبنان أو نعزز الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط إذا لم نتحاور مع جميع الأطراف".
واندلعت الأزمة الدبلوماسية بين لبنان ودول الخليج بعد نشر مقابلة متلفزة جرى تسجيلها مع جورج قرداحي قبل توليه مهام منصبه وزيرا للإعلام في لبنان، اعتبر فيها أن جماعة "أنصار الله" اليمنية "تدافع عن نفسها في وجه اعتداء خارجي على اليمن منذ سنوات"، وما فاقم الأزمة أكثر، هو رفض قرداحي الاعتذار.
وأعلنت بعدها السعودية استدعاء سفيرها لدى بيروت، وإمهال السفير اللبناني في المملكة 48 ساعة لمغادرة البلاد، ولحقت بها في هذا القرار الكويت والإمارات والبحرين، كما أعلنت المملكة، وقف دخول الواردات اللبنانية إلى أراضيها.