ويأتي هذا بعد مرور أكثر من شهر على نشوب الأزمة الدبلوماسية بين لبنان وعدد من الدول الخليجية وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، على خلفية تصريحات تتعلق بالشأن اليمني كان قد أدلى بها وزير الإعلام قبل توليه منصبه.
وبحسب مصادر متابعة، فإنه من غير الواضح حتى الساعة حول ما إذا كانت استقالة قرداحي ستؤدي إلى انفراجة في الأزمة الدبلوماسية بين لبنان ودول الخليج، لكنها تأتي عشية جولة يقوم بها الرئيس الفرنسي إيماويل ماكرون إلى عدد من العواصم الخليجية، حيث سيناقش الملف اللبناني مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال زيارته الرياض، علماً أن تصريحات أكثر من مسؤول سعودي أشارت في السابق إلى أن أزمة العلاقة مع لبنان لا تتعلق حصراً بتصريحات وزير الإعلام، إنما تتخطاها لما تصفه الرياض ب"هيمنة حزب الله على القرار السياسي اللبناني".
وقال النائب عن كتلة "الوسط المستقل"، علي درويش، لوكالة "سبوتنيك" إن "استقالة وزير الإعلام توضع بالإطار الصحيح، الذي أشار إليه رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي بأن نزع فتيل الأزمة يكون من خلال استقالة الوزير لأن هناك أزمة استجدت وبالتالي وجب نزع فتيل الأزمة، وأحد العوامل الإيجابية أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان في حاضرة الفاتيكان والملف اللبناني كان حاضراً، وبزيارته إلى الخليج العربي كذلك الملف اللبناني سيكون حاضراً، وبالتالي المساعدة في تخفيف منسوب التوترمن خلال استقالة الوزير، وهذا الأمر يساهم إيجاباً برأب الصدع العربي وتحسين شروط إعادة العلاقات للمنحى الصحيح، الذي يجب أن تكون فيها".
وأشار إلى أنه "حتى اللحظة هذه الاستقالة ستكون مدخلاً لحل الأزمة، والمؤشر الأساسي سيكون من خلال ما سينتج عن زيارة الرئيس الفرنسي لدول الخليج العربي، وهي خطوة إيجابية وجب استتباعها بخطوات تكون من خلال تخفيض منسوب التوتر أولاً وإعادة ربط العلاقات بالشكل الصحيح مع البلدان العربية وبالتالي تصحيح المسار وإعادتها للنمط الطبيعي الذي من المفترض أن تأخذه".
وشدد درويش على أن "الاتجاه هو لمعالجة الأمور خطوة بخطوة وهذا الأمر ينعكس إيجاباً على الواقع اللبناني خاصة مؤشر سعر صرف الدولار اليوم".
من جهته، رأى الكاتب والمحلل السياسي بشارة خير الله في حديث لـ "سبوتنيك" أن "وزير الإعلام كان يفتش عن الفرصة المناسبة، التي تحفظ ماء الوجه له، ووجد بزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والجولة العربية فرصة ليظهر أنه الحريص، إلا أن الاستقالة أتت متأخرة جداً، ولكن حتى لو كانت متأخرة فهي أفضل من أن لا يستقيل تنفيذاً لرغبة حزب الله".
كذلك أوضح أن"الاستقالة خطوة أولى على طريق استعادة الثقة بين الدول العربية ولبنان، لأن "السياسة الرسمية اللبناني لخبطت الأمور في موضوع العلاقات مع الدول العربية عبر الانغماس بالسياسة الإيرانية والسكوت عما تفعله في الدول العربية، ولم يقتصر الأمر على السكوت بل على تغطية مشاركة عناصر يحملون تذاكر لبنانية في صراع المحاور وتحديداً في اليمن والعراق ودمشق وكل العواصم التي تدعي إيران السيطرة عليها"، لافتاً إلى أن الاستقالة خطوة أولى في اتجاه الإصلاح وبنفس الوقت هي مدخل أساسي، لأنه لا يمكن الذهاب إلى أي محاولة إصلاح ما تم تخريبه من قبل السياسة الإيرانية إلا من خلال الاستقالة.
ويعيش لبنان فضلا عن الأزمة الدبلوماسية مع الدول الخليجية، أزمة سياسية داخلية، بدأت مع الخلاف السياسي داخل مكونات الحكومة حول المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، واستكملت مع الخلاف بين القوى السياسية حول استقالة قرداحي من عدمها، كمدخل لإعادة الترميم العلاقات اللبنانية مع الدول الخليجية.