يؤكد العلماء بشكل دائم على ضرورة معرفة الدرجة الدقيقة لتحول الماء إلى جليد، لأن هذه العملية أساسية لفهم مجموعة واسعة من العمليات الطبيعية، حيث تتأثر تقلبات المناخ وديناميكيات السحب ودورة المياه بتحولات الماء إلى جليد، مثلها مثل الحيوانات التي تعيش على كوكب الأرض في ظروف متجمدة نسبيا.
الحيوانات تستخدم التجمد لتعيش أحيانا
وتعيش ضفادع الخشب، على سبيل المثال لا الحصر، في فصل الشتاء على الأرض من خلال السماح لأجسادها بالتجميد، وهي عملية تسمح لها بالخروج من السبات بطريقة أسرع من الأنواع الأخرى التي تقضي الشتاء تحت الماء دون تجمد.
تحتاج الحيوانات التي تستخدم هذه التقنية إلى إيجاد طريقة لمنع تشكل الجليد في خلاياها وأنسجتها، لأن بلورات الجليد يمكن أن تمزق أغشية الخلايا، لذلك فإن الفهم الأفضل لكيفية تجمد الماء يمكن أن يؤدي إلى فهم أفضل لهذه الأنواع المتطرفة من الحيوانات والمخلوقات.
العلماء يعثرون على جدرة تجمد جديدة
وعلى الرغم من أن القاعدة الأساسية هي أن الماء يتجمد عند 32 درجة فهرنهايت (0 درجة مئوية)، إلا أن الماء يظل سائلا في الواقع على نطاق من درجات الحرارة الباردة (أقل من الصفر) في ظل ظروف معينة.
حتى الآن، اعتقد العلماء أن هذا النطاق توقف عند - 36 درجة فهرنهايت (ناقص 38 درجة مئوية)؛ أي أن الماء يجب أن يتجمد عند أقل من هذه الدرجة، لكن في دراسة نُشرت في مجلة "Nature Communications"، كشفت عن معلومات جديدة مغايرة لهذه الحقائق، حيث تمكن الباحثون من إبقاء قطرات الماء في حالة سائلة عند درجات حرارة منخفضة تصل إلى -47.2 فهرنهايت (ناقص 44 درجة مئوية).
ونوه الباحثون، بحسب المقال المنشور في مجلة "livescience" العلمية إلى وجود شرطين رئيسيين لتحقيق هذه الحالة، وهما: قطرات صغيرة جدا وسطح ناعم جدا.
وبدأ العلماء بدراسة قطرات تتراوح بين حجم 150 نانومتر، وهي بالكاد أكبر من جسيم فيروس الإنفلونزا، إلى 2 نانومتر، وهي مجموعة من 275 جزيء ماء فقط. حيث ساعد هذا النطاق من أحجام القطرات الباحثين في الكشف عن دور الحجم في التحول من الماء إلى الجليد.
"والأهم من ذلك، وجدوا أنه إذا كانت قطرات الماء مغطاة ببعض المواد اللينة، فيمكن خفض درجة حرارة التجمد إلى درجة حرارة منخفضة جدا".
واستخدم العلماء مادة الأوكتان الناعمة، وهو زيت يحيط بكل قطرة داخل المسام النانوية لغشاء أكسيد الألومنيوم المؤكسد. سمح ذلك للقطرات بأخذ شكل أكثر استدارة مع ضغط أكبر، وهو ما يقول الباحثون إنه ضروري لمنع تكوين الجليد في درجات الحرارة المنخفضة هذه.
واستخدم الباحثون مقاييس التوصيل الكهربائي والضوء المنبعث في طيف الأشعة تحت الحمراء لالتقاط اللحظة الدقيقة ودرجة الحرارة التي تحولت عندها القطرات من الماء إلى الجليد.
درجة التجمد مختلفة على الأسطح الملساء... نظرية قد دعم الطائرات
ووجدوا أنه كلما كانت القطرة أصغر، كان يجب أن تكون درجة التبريد منخفضة أكثر لحدوث التجمد، وبالنسبة للقطرات التي يبلغ حجمها 10 نانومتر وأصغر، انخفض معدل تكوين الجليد بشكل كبير. في أصغر القطرات التي قاسوها، لم يتشكل الجليد حتى وصل الماء إلى درجة تقشعر لها الأبدان - 44 درجة مئوية.
"إن هذا الاكتشاف قد يعني شيئا مهما بالنسبة للوقاية من الجليد خصوصا على المواد التي يصنعها الإنسان، مثل تلك الموجودة في أنظمة الطيران والطاقة. إذا استغرق الماء على الأسطح الناعمة وقتا أطول للتجميد، فيمكن للمهندسين دمج مزيج من المواد اللينة والصلبة في تصميماتهم لمنع تراكم الجليد على تلك الأسطح".
وتابع قاسمي: "هناك العديد من الطرق التي يمكنك من خلالها استخدام هذه المعرفة لتصميم الأسطح لتجنب تكون الجليد، وبمجرد أن يكون لدينا فهم أساسي لهذه العملية، فإن الخطوة التالية هي مجرد خطوة هندسة لهذه الأسطح بناءً على المواد اللينة".