ما الأهمية التي يمثلها متحف "الإثنوغرافيا" الذي أعاد السودان افتتاحه ‏بعد 16 عاما من الإغلاق... صور

في ظل الصراعات والتجاذبات السياسية والأوضاع الاقتصادية التي ‏تعيشها البلاد، قامت السلطات السودانية بإعادة افتتاح المتحف الأهم في ‏البلاد "الإثنوغرافيا" بعد 16 عاما من إغلاقه، حيث يجمع المتحف التنوع ‏الثقافي والقبلي في البلاد.
Sputnik
بداية تقول الدكتورة أماني نور الدايم، مديرة العلاقات الدولية والمنظمات في الهيئة العامة للآثار والمتاحف، العضو المنتدب ومقرر لجنة تأهيل متحف الأثنوغرافيا بالسودان، إن "افتتاح المتحف يعد بمثابة إعادة أهم متحف قومي للتراث الشعبي السوداني، وكأحد الجوانب السياحية الهامة".
الوحدة الوطنية
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك" أن "هذا المتحف ذو أهمية كبيرة بالنسبة للزائر الوطني لأنه يخلق نوع من الانتماء والإحساس والوحدة الوطنية، كما أنه وبما يحتويه يساهم في ربط النشء بالتراث المتنوع لمعظم بقاع ومناطق السودان، من خلال الزيارات التي تقوم بها المدارس للمتحف".
وحول طريقة العرض والمقتنيات قالت نور الدايم، إن "الطريقة التي تعرض بها الثقافات المتنوعة في المتحف تكون بحسب العنصر الثقافي، من الحياة النيلية، حياة البادية في الغرب والشرق، مظاهر ثقافة العبور من الزواج والولادة والوفاة، تطور ثقافة المطبخ السوداني، الصناعات اليدوية والحرفية، الآلات الموسيقية التقليدية، التعليم الديني، لذا فإن تلك الطريقة تعتمد التنوع الثقافي التراثي ولا تعتمد على التاريخ".
متحف الهولوكوست الأمريكي: الصين ربما ترتكب "إبادة جماعية" بحق المسلمين
أهم المتاحف

من جانبه يقول مدير إدارة الكشف الأثري في الهيئة العامة للآثار والمتاحف السودانية، عبد الحي عبد الساوي، إن "متحف أثنوغرافيا الذي تم إعادة افتتاحه بعد 16 عاما من الإغلاق يمكن أن يكون من أهم وأجمل المتاحف السودانية، وكان من أول المقاصد والمعالم التي يزورها السياح في مدينة الخرطوم، حيث تمثل معروضات المتحف التنوع الثقافي والعرقي الموجود في السودان".

ويضيف في حديثه لـ"سبوتنيك": "للأسف الشديد في فترة العهد السابق تم اقتطاعه من الهيئة العامة للآثار والمتاحف وتحويله لما يسمى مركز حضارة السودان وهو مغلق منذ 16 عام، وبعد ثورة ديسمبر/ كانون أول، تم عمل لجنة تكون مهمتها عملية تنظيم وتطوير إعادة عملية العرض في المتحف".
وتابع عبد الساوي: "في رأيي الشخصي أن المتحف يجب أن يكون تحت إدارة الهيئة العامة للآثار والمتاحف، لأن اللجنة القائمة عليها الآن تتألف من عدد من الخبراء من الوزارة والمجلس الأعلى للفنون والآداب ومن هيئة الآثار، لكن إداريا لا أعلم حتى الآن الجهة المنوطة به، ورغم ذلك فإن افتتاحه تعد خطوة للأمام".
وأوضح مدير الكشف الأثري، أن "المتحف ليس هو الأكبر في البلاد، إنما تعود أهميته إلى ما يتم عرضه بداخل المتحف، حيث تمثل المعروضات أهمية كبيرة جدا، حيث تعرض فيه مجموعات ثقافية مادية تمثل التنوع في مختلف ربوع السودان، أو بمعنى آخر تمثل مختلف قبائل السودان في شتى دروب الحياة، سواء تعلق الأمر بالمطبخ السوداني أو الاقتصاد أو حرفة الصيد وغيرها، وتوضع مقتنيات المتحف أن يوضح ملامح كل ثقافة على أرض السودان من الناحية الجغرافية، على سبيل المثال نجد في غرب السودان عدة قبائل لها عادات تختلف عن بقية المناطق من حيث عادات الزواج والصيد وغيرها، كما يحتوي المتحف على مواد تخص جنوب السودان والتي لم تكن دولة مستقلة في تلك الحقب التاريخية".
1 / 8
متحف "الإثنوغرافيا" ‏في السودان
2 / 8
متحف "الإثنوغرافيا" ‏في السودان
3 / 8
متحف "الإثنوغرافيا" ‏في السودان
4 / 8
أواني أثرية في متحف "الإثنوغرافيا" ‏في السودان
5 / 8
إحدى معروضات متحف "الإثنوغرافيا" ‏في السودان
6 / 8
بعض مقتنيات متحف "الإثنوغرافيا" ‏في السودان
7 / 8
متحف "الإثنوغرافيا" ‏في السودان
8 / 8
متحف "الإثنوغرافيا" ‏في السودان
تنوع ثقافي
وأشار عبد الساوي إلى أن "المتحف لا يعرض تاريخ إنما يعرض كل الأدوات الثقافية التي كانت تستخدمها مختلف القبائل في السودان ومازال يستخدمها البعض حتى الآن، وبالتالي هو يعرض كل التنوع الثقافي، أي أنه يعرض الحياة الثقافية السودانية بمختلف البقاع الجغرافية في مكان واحد، وأتمنى أن يتوسع المتحف لكي تعرض فيه كل الحقب التاريخية وما قبل التاريخ وحتى الآن، لأن الحياة وأدواتها تتغير وحتى المناخ والاقتصاد يتغير، فمن يريد التعرف على عادات السودان القديمة والحديثة يشاهدها جميعا في هذا المتحف، وهناك بعض الأدوات التي يعرضها المتحف كانت تستخدم حتى السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، ولن تجد هذا التنوع الثقافي في مكان واحد سوى في متحف إثنوغرافيا السوداني رغم وجود بعض هذا التراث في متاحف الولايات، لكن هذا المكان الجامع مخصص للتراث الشعبي".
كان وكيل وزارة الثقافة السوداني، دكتور غراهام عبد القادر، ووكيل الإعلام المكلف بوزارة الثقافة والإعلام، الدكتور نصر الدين أحمد محمد، متحف الاثنوغرافيا قد أعادا افتتاح المتحف في الثاني عشر من ديسمبر/كانون أول الجاري، وقال غراهام إن المتحف ظل مغلقا لأكثر من ستة عشر عاما، وهو حق لكل السودانيين أن يروا المتحف ويشاهدوا ما يعرض من تراث ثقافي بحسب "سونا".
وأكد غراهام أنه يعد من المتاحف القديمة التي بدأت منذ فترة الاستعمار الإنجليزي، حيث بدأ في جامعة الخرطوم وتم نقله لمكانه الموجود به الآن وتم فيه حصر التراث السوداني بمضامينه المختلفة، داعيا لإحياء المنابر السودانية التي تعبر عن التنوع الثقافي وممارسة الثقافة السودانية.
ومتحف الإثنوغرافيا السوداني هومتحف السودان القومي للإثنوغرافيا، ويعبِّر عن تنوع الحضارات والثقافات المختلفة الموجودة بالسودان وينتج محتواه الغني عن التنوع البيئي الناجم عن اتساع مساحة السودان, واختلاف العادات والتقاليد والأزياء فيها، وحتى اللهجة باختلاف المنطقة.
وتم إعداد المتحف بطريقة تساعد في حفظ ومعرفة التراث الشعبي، وجمعت مواد المتحف من مناطق ومتاحف مختلفة في البلاد عند إنشائه، حيث يتخصص في جمع وتوثيق وتصنيف وعرض وحفظ التراث الثقافي المادي الإثنوغرافي الذي ينتجه الإنسان السوداني بالطريقة التقليدية لدى كل المجموعات السودانية في بيئاتها الطبيعية المختلفة، نظرا للتنوع القبلي في السودان مثل البجا "الهدندوة، البشاريين، الحلنقة، البنيعامر" في شرق السودان، بجانب النوبيين "الحلفاويين، السكوت، المحس، الدناقلة" في شمال السودان، النوبة في جنوب كردفان "النيمانق، كادقلي، دلنج، وغيرهم".
علاوة على ذلك، هناك المجموعات النيلية في جنوب السودان "الدينكا، الشلك، النوير، الزاندي وغيرها"، والمجموعات المختلفة بمنطقة دارفور وفي وسط السودان.
كما يعرض المتحف شكل الحياة الاجتماعية في السودان من حيث الأزياء وأدوات الزينة والمنازل التقليدية والأواني المنزلية
وكلما يتعلق بكل جماعة حتى يصل إلى عتادهما لعسكري التقليدي القديم والعملات المستعملة قديما، ويصف المتحف العادات المختلفة في الزواج.
وأنشىء المتحف بموقعه الحالي في العام 1956، بتقاطع شارع جامعة الخرطوم مع شارع الملك نمر، وكان المبنى في السابق نادي لجنود الإنجليز، لكن أعيد ترتيبه عدة مرات بفلسفة عرض وطرق جديدة، إلى أن خضعت مؤخرا في عام 2003 إلى إعادة ترتيب جديدة وتقسيم إلى مناطق ثقافية.
مناقشة