حول الوضع المائي في العراق وما تم التوصل إليه مع دول الجوار بشأن الأنهار المشتركة وكيف ستتغلب على تلك الأزمة..أجرت وكالة"سبوتنيك" المقابلة التالية مع حاتم حميد المدير العام للمركز الوطني لإدارة الموارد المائية بالعراق.
إلى نص الحوار…
ما هي آخر التطورات بالنسبة للموارد المائية..وحقيقة أن العراق مقبل على "شح مائي"؟
للموسم الثالث على التوالي هناك شح في سقوط الأمطار مما أثر على الإيرادات المائية التي ترد إلى العراق، وهذا النقصان في الموارد المائية تسبب في نقصان في المساحات الزراعية، وقد أعدت الوزارة خطة للموسم الشتوي الحالي على أساس تلبية الاحتياجات المائية التي يتطلبها قطاع مياه الشرب وزراعة البساتين، أما بالنسبة للمحاصيل الإستراتيجية مثل القمح والشعير فقد تم تخفيض المساحات الزراعية بالنسبة لهذين المحصولين إلى 50 بالمئة.
هذا بالنسبة لمياه الأنهار..ماذا عن موارد المياه الخاصة بالأنهار العراقية والتي تنبع من إيران وتركيا..هل توصلت إلى اتفاقات بشأن حصصكم المائية؟
نعم خلال الفترة الماضية تواصلنا مع الجانب التركي وتوصلنا لاتفاقات حول تبادل المعلومات المتعلقة بالجوانب الفنية ومناسيب المياه في تركيا، وأعطونا الخطط التشغيلية الخاصة بنهري دجلة والفرات، فهناك تنسيق جيد مع أنقرة، لكن وبكل أسف يغيب أو هناك تنسيق ضعيف مع الجانب الإيراني بسبب عدم استطاعتنا التواصل معهم، وهناك الكثير من الاتصالات والرسائل، لكن لم تكن هناك اجتماعات فنية ولم نحصل منهم على الخطط التشغيلية، وبصفة عامة العراق كدولة مصب تتأثر بشكل أكبر بأي تغييرات في حصص المياه عن الدول الموجودة في الأعالي.
ما هي تأثيرات قلة الموارد المائية على الاقتصاد العراقي؟
بكل تأكيد هناك تأثير كبير لنقصان الإيرادات المائية في محيط دجلة والفرات على الاقتصاد العراقي خصوصا في القطاع الزراعي، فقد تقلصت المساحات الزراعية وكذلك مساحات الإغمار"المناطق التي تغمر بالمياه" في الأهوار في جنوب العراق، وهذا بدوره يؤدي إلى زيادة نسب البطالة وقلة الإنتاج الزراعي، وبالتالي يزيد من عمليات استيراد بعض السلع من خارج العراق، وعملية شح المياه ليست الأولي على البلاد، خلال العشرين عاما الماضية واجهنا خمس فترات جفاف حتى الآن، لهذا تقوم وزارة الموارد المائية بإعداد خطة لتقليل الأضرار وإدارة الموارد المائية في الخزانات لتلبية الاحتياجات المائية والأولوية الأولى لمياه الشرب والبساتين تليها الزراعة والاهوار.
هناك اتفاقات دولية تنظم الاستفادة من الأنهار الدولية..هل تلتزم دول الجوار بتلك الاتفاقيات..أم سيلجأ العراق للتحكيم الدولي؟
فيما يتعلق بتركيا وسوريا، لدينا اتفاق مبدئي مع الجارتين فيما يخص نهر الفرات وتقاسمه بيننا وبين سوريا وبين سوريا وتركيا، أما بالنسبة لنهر الفرات هناك مفاوضات مع الجارة تركيا بغرض توقيع بروتوكول تعاون لتشغيل نهر دجلة، وتقدمنا بمقترحات إلى أنقرة وهي تحت الدراسة والنقاش وننتظر ملاحظاتهم عليه، وفيما يخص الجارة إيران، هناك اتفاقية العام 1975 وهى اتفاقية الحدود بين الدولتين، هذه الاتفاقية بها ملحق يتعلق بعملية تنظيم الموارد المائية في الأنهار المشتركة مع طهران، و تقسم الأنهار المشتركة مع تركيا إلى مجموعات "a .b.c "، وتتكون تلك من 4 أنهار لكل مجموعة وهى مقسمة وفق اتفاقية أستانا عام 1914 بنسبة 50 بالمئة لكل طرف، أما مجموعة الأنهار الرئيسية المشتركة مع إيران فتقع في المجموعة ج.
كان يفترض بالنسبة لهذه المجموعة في الأعوام 76،77،78 أن تكون هناك دراسة ولجنة مشتركة أجرت دراسات على الطبيعة، لكن هذه اللجنة لم تقدم تقريرها بسبب ظروف الحرب التي طرأت على المنطقة عام 1980، وحاولنا خلال الفترة الماضية تفعيل هذه اللجان لكن لم يحدث التواصل مع الجارة إيران، فقد كان بالإمكان خلال الفترة القادمة تحقيق اجتماع فني وإعادة دراسة تقسيم المياه ما بين العراق وإيران بالنسبة للأنهار المشتركة، فالاتفاقات موجودة بين تركيا والعراق وسوريا، ونتمنى أن يكون التعاون مع إيران أفضل مما هو عليه.
هل للسدود التي أقامتها تركيا وإيران تأثير على حصصكم المائية؟
خلال الفترة الماضية كان هناك استقرار أمني واقتصادي في تركيا وإيران، ما دفعها إلى إقامة عدد من السدود الاروائية والتي تسببت في نقص الإيرادات المائية الواردة إلى العراق، وهذا النقص لم يكن وراءه المشاريع المقامة في إيران وتركيا فقط، وإنما يرجع إلى التغير المناخي الذي أصاب المنطقة منذ العام 1999 إلى الآن، و لهذين السببين حدثت عملية نقصان في الإيرادات المائية العراقية، ونسعى كحكومة عراقية إلى وضع اتفاقات دائمة مع دول الجوار بغرض ضمان الحقوق المائية التي تلبي احتياجاتنا، فهناك مفاوضات جارية مع تركيا وسوريا بهذا الشأن، وأيضا مع إيران من أجل التوصل إن شاء الله إلى اتفاق يضمن حقوق العراق.
بعيدا عن الأمطار والأنهار.. ما هو وضع المياه الجوفية لديكم؟
المياه الجوفية متجددة في العراق ويتم استثمارها تبعا للخزين المتوفر سنويا، لكن المخزون من تلك المياه يتأثر أيضا بحالة الشح في الأمطار وتقلص كميات مياه الأنهار الواردة، لهذا تكون الزراعة القائمة عليها أيضا أقل من السنوات السابقة.
هل هناك خطط لإدخال الطرق الحديثة في الري لتوفير المياه؟
كما هو معروف أن الزراعة تستهلك ما يقارب 80 بالمئة من استهلاكات المياه في الدول ومنها العراق، لذلك هناك خطة استراتيجية وضعتها الحكومة العراقية من أجل ترشيد الاستهلاك المائي في جميع القطاعات، على رأسها قطاع الزراعة والصرف الصحي وبقية القطاعات، وبالنسبة للقطاع الزراعي فقد تم وضع الخطة الاستراتيجية للترشيد، ونظرا للظروف المالية والأمنية خلال السنوات السابقة، والتي سيطرت خلالها بعض الجماعات الإرهابية ما بين عامي 2014 و2016، ما أدى إلى تأخر تنفيذ تلك المشاريع، لذلك يجب على الحكومة العراقية ومن أجل التكيف مع الواقع الجديد خلال السنوات القادمة أن يتم تنفيذ تلك المشاريع الخاصة بترشيد استهلاكات المياه من خلال تطبيق تقنيات الري الحديثة.
هل هناك تعاون بينكم وبين بعض الدول التي بها أنهار لتبادل الخبرات في هذا الشأن؟
نعم هناك تعاون مع دول الجوار، فهناك لقاءات فنية مع تركيا وسوريا باستمرار، بغرض الاستفادة القصوى من المياه المتواجدة في دجلة والفرات، وتم الاتفاق مع تركيا على إنشاء مركز بحثي للموارد المائية في بغداد لتحقيق الاستفادة المثلى من الموارد المائية في نهري دجلة والفرات.
أجرى الحوار/ أحمد عبد الوهاب