شريان الحياة هذا، يشكل بالنسبة للأرض والكثير من المخلوقات البحرية مصدرا أساسيا للغذاء، حيث يحمل معه كميات كبيرة من العوالق والمخلوقات البحرية ويسهم في تنقلها حول كوكب الأرض، من خلال مجموعة تيارات محيطية تعمل على تغذية المخلوقات البحرية من تلك التي تتربع رأس الهرم الغذائي إلى أصغر المخلوقات، مثله مثل شرايين الإنسان التي تنقل الأوكسجين والتغذية إلى جميع أنحاء الجسم.
جزيرة قمامة أكبر من فرنسا قد تغلق شريان حياة الأرض
تشير التقارير إلى أن الكميات الكبيرة من القمامة أو النفايات البلاستيكية التي ينتجها الإنسان والتي تدخل المحيطات تقدر بنحو 14 مليون طن تقريبا، وهي كميات تسهم بمشكلة كبيرة جدا بالنسبة للحياة البحرية التي قد تعلق بهذه النفايات، مثل شباك الصيد التالفة التي تتحول إلى فخ مميت يحصد عشرات أو آلاف من الأسماك أثناء تجولها في المحيط.
وأشارت بعض المصادر إلى أن هذه النفايات أو القمامة قد شكلت ما يشبه جزيرة قمامة هائلة الحجم، أطلق عليها اسم "دوامة نفايات" المحيط الهادئ، والتي تمتد من الساحل الغربي لأمريكا الشمالية إلى اليابان، قد تزن أكثر من 7 مليون طن، ويبلغ حجمها ضعف حجم ولاية تكساس، ويصل عمقها في البحر إلى 9 أقدام، وتطفو على شكل جزيرة ضخمة.
وحذرت مصادر أخرى من أن هذه البقعة تتوسع باستمرار حيث وصل حجمهما إلى حجم أكبر أو يساوي تقريبا حجم فرنسا أو ألمانيا أو إسبانيا، وهو أمر خطير جدا قد يتسبب بمخاطر كبيرة على التيار المحيطي، شريان حياة كوكب الأرض.
ظهور نظام بيئي جديد على الأرض مع "سكان جدد" من البحر
على الرغم من الوجه المظلم لهذه المشكلة الكبيرة التي تواجه كوكب الأرض، اكتشف الباحثون مؤخرا مجموعة من الحيوانات البحرية التي تأقلمت مع هذه الحالة الجديدة لتشكل نظاما بيئيا جديدا داخل رقعة القمامة الهائلة هذه.
وبحسب التقرير المنشور في مجلة "nationalgeographic"، وجد الباحثون أن النباتات والحيوانات الساحلية قد تنقلت وطافت على الحطام البلاستيكي وسافرت مئات الأميال من الشاطئ وأنشأت نوعا جديدا من النظام البيئي، حيث تم رصد مجموعة من المخلوقات مثل شقائق النعمان وأنواع أخرى تعيش داخل القمامة، الأمر الذي ساهم بازدهار هذه المخلوقات وتشكيلها نظاما بيئيا جديدا في بيئة غريبة "غير مضيافة" تسافر عبر البحر وتتنقل وتغزو سواحل جديدة.
وبحسب الدراسة الجديدة المنشورة في مجلة "Popular Science" العلمية، تراكمت كميات كبيرة من البلاستيك منذ منتصف القرن العشرين وتسببت بحدث "تخمة في المحيطات"، لكن المخلوقات "المغامرة" اعتبرتها فرصة جديدة لاستعمار المحيطات.
وبحسب المصادر، يعتبر "زلزال شرق اليابان الكبير وتسونامي عام 2011 مثالا صارخا على كيفية حدوث ذلك، حيث ركبت مئات الأنواع البحرية اليابانية الساحلية الحطام الناجم عن الدمار لمسافة تزيد عن 6000 كيلومتر إلى الساحل الغربي لأميركا الشمالية وجزر هاواي".
"سكان جدد" عائمون في التيارات المائية
وتشكل المواد البلاستيكية حطاما عائما "طويل العمر" وانتهى مطاف كميات كبيرة منها في منطقة شمال المحيط الهادي شبه الاستوائية، والمعروفة باسم "رقعة القمامة الكبرى" والتي أصبحت "خزانا للقمامة" الأكبر في العالم.
"هناك الكثير من الأسئلة في هذه المرحلة حول ماهية التأثيرات البيئية. إذا كانت هذه ظاهرة شائعة عبر المحيطات، فإننا نبحث عن طريق لنقل الأنواع الغازية يصعب حقًا إدارته"
وجد الباحثون أنواعا ساحلية مرتبطة أو معلقة بأكثر من نصف القطع البلاستيكية التي تم فحصها في الدراسة، بعضها تزدهر عادة في مناطق شرق آسيا فقط، منها؛ "شقائق النعمان، والنجوم الهشة، والبرنقيل، والقشريات الشبيهة بالروبيان والتي تسمى متساوية الأرجل، والأعشاب البحرية، وحتى الأسماك الساحلية التي كانت تلتف حول أو فوق هذه المواد البلاستيكية العائمة"، بحسب "ناشيونال جيوغرافيك".
ونوه الباحثون إلى أن هناك كائنات حية تطورت واستقرت على الحطام البحري العائم، منها بعض الحيوانات مثل البرنقيل المعقوف، وسرطان البحر، وحيوانات تتغذى بالترشيح يطلق عليها اسم "bryozoans"، وأشار الباحثون إلى أن هذه "المجتمعات" قد تنتشر وتتوسع مع تزايد سماكة طبقات البلاستيك خصوصا مع ظهور العواصف الناجمة عن التغير المناخي.