جاء هذا في تصريحات أدلى بها زعيم "القائمة العربية الموحدة" المشاركة في الحكومة الإسرائيلية، خلال مؤتمر صحفي نظمته صحيفة "غلوبس" العبرية. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن النائب العربي قوله، إن "دولة إسرائيل ولدت دولة يهودية وستبقى دولة يهودية".
وقال مراقبون إن تصريحات عباس مفاجئة وكشفت عن توجهاته وأنها جاءت كسبًا لود الائتلاف الحكومي في إسرائيل الذي ينتمي إليه، مؤكدين أنها لا تعبر عن الحركة الفلسطينية في الداخل.
سخط فلسطيني
وقال منصور عباس إن هذا الوضع "هو قرار الشعب اليهودي الذي أقام دولة يهودية، والسؤال هو ليس ما هي هوية الدولة فهي هكذا ولدت وهكذا ستبقى".
واعتبر النائب العربي أن "السؤال المهم" يتعلق بمكانة المواطن العربي والمجتمع العربي في دولة إسرائيل".
وعبرت الرئاسة الفلسطينية، عن رفضها وسخطها الشديدين لتصريحات رئيس القائمة الموحدة منصور عباس، والتي يدعو فيها الشعب الفلسطيني للاعتراف بالدولة اليهودية.
وقالت الرئاسة إن هذه التصريحات غير المسؤولة تتسق مع دعوات المتطرفين في إسرائيل لتهجير الفلسطينيين، والمس بمكانة المسجد الأقصى المبارك، وتاريخ الشعب الفلسطيني عبر العصور.
وأكدت الرئاسة أن منصور عباس بمثل هذه التصريحات لا يمثل إلا نفسه، ولا يمثل الشعب الفلسطيني في الوطن وفي كل مكان في العالم، مجددة إدانتها لمثل هذه التصريحات المخالفة للدين والتاريخ والتراث الفلسطيني الممتد منذ بدايات التاريخ.
وشددت الرئاسة أنه "من المؤسف أن منصور عباس عوضا عن أن ينحاز إلى حقوق شعبه، أصبح جزءا من تيار يعزز المشروع الاستعماري الصهيوني، فبدل أن يدين الاستيطان وعمليات القتل والتهجير التي يرتكبها الاحتلال، ومخططات المتطرفين الإسرائيليين لتفريغ الأراضي الفلسطينية، نراه اليوم يكرر ما تروجه الحركة الصهيونية من أكاذيب لا تمت للتاريخ بصلة".
إرضاء الائتلاف الحكومي
اعتبر منصور دهامشة، سكرتير الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والنائب السابق في الكنيست الإسرائيلي، أن تصريحات النائب منصور عباس، والانزلاقات المتكررة التي يقع فيها لا تعبر عن موقف الحركة الإسلامية الجبهة الجنوبية، ولكن تعبر عن ما يلوج في ذاكرة ورأي من يقف على رأس القائمة الموحدة في الكنيست وهو منصور عباس الذي تنازل عن كل القيم والانتماء الوطني الفلسطيني والعربي، وانجر وانسلخ عن هذا الانتماء من أجل الفتات من خلال دخوله للائتلاف الحكومي.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هذه التصريحات تؤكد أن عباس باع كل شيء من أجل الحفاظ عل وجوده داخل الائتلاف ومن أجل أن يبرر هذا السقوط الحر الذي سقط فيه، ولذلك كل يوم يخرج بتصريح شديد اللهجة وبعيد كل البعد عن أخلاقيات ووطنية فلسطين.
ويرى دهامشة أن عباس يعترف بشكل قاطع بأن "إسرائيل الدولة العنصرية التي قامت على أنقاض المواطنين العرب، وهجرت أبناء شعبنا واحتلت أرضه وقتلته لها شرعية في الاستمرار كدولة يهودية ولا يقول بشكل قاطع إن هذا الاحتلال يجب أن ينتهي وهناك شعب تشرد ولا يزال خارج وطنه يدفع الثمن الغالي مقابل الانتماء والتمسك بالوطن والأرض، بينما منصور عباس يأتي ويبرر للمحتل تواجده عل هذه الأرض وإقامة دولته وإن كان طبيعيا وواقعيا".
وتابع: "نحن نعترف أن الواقع يجب أن ينتهي ولا نعترف به كونه كان سلبا ونهبا لأرض شعب آخر، وهذا هو الواقع والحقيقة التي ينكرها منصور عباس من أجل أن يكون جزءًا من الائتلاف الحكومي، وهو ظهر على حقيقته من حيث الفكر والنهج الذي سينتهجه، حيث بات يمنيًا أكثر من الأحزاب المتشددة الإسرائيلية نفسها من أجل تبرير دخوله للائتلاف والانتقادات التي وجهت إليه من قبل الجماهير العربية، حيث فقد تمثيله للمجتمع العربي وأصبح لا يمثل إلا نفسه".
مبرر لإسرائيل
بدوره قال الدكتور أيمن الرقب، القيادي في حركة فتح، إن تصريحات منصور عباس لم نرها من قبل، وهذا الرجل الذي ينتمي للاتجاه الإسلامي في داخل فلسطين المحتلة عام 1948، يقدم هدايا مجانية لإسرائيل لا تحلم بها.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الحديث عن أن إسرائيل ولدت يهودية وستبقى يهودية يعطي مبررا لحكومة إسرائيل للتعامل بأن العرب الذين يمثلون أكثر من 20% من إجمالي سكان إسرائيل ليس لهم أي حقوق في دولة يهودية وأيضا يعتبر هذا التصريح ضغطا على الفلسطينيين للاعتراف بيهودية الاحتلال.
وتابع: "كان بمقدور منصور عباس أن يقول إن دولة الاحتلال أُنشئت بقرار دولي عام 1947 كدولة يهودية ولكن على 52% من أرض فلسطين التاريخية وليس على 78% من أرض فلسطين التي احتلها اليهود عام 1948م بعد ارتكاب المئات من الجرائم ضد شعبنا الفلسطيني".
ويرى الرقب أن "هذا التصريح قد يتبعه موافقة منصور عباس على التجنيد في جيش الاحتلال لفلسطينيي عام 1948 بحجة أنهم من المواطنين داخل هذه الدولة اليهودية".
وأضاف: "يرى منصور عباس أن ما يفعله سيكون خروجا عن حالة المألوف وكسرا لجدار من التردد قد يجلب له مزيدا من الأصوات في أي جولة انتخابية قادمة، وخروج قائمته عن الإجماع العربي بالتأكيد سيدفع ثمنه فلسطينيو عام 1948".
وتابع: "منصور عباس يدافع عن نفسه أمام اليمين بخيانة القضية الفلسطينية ولن يجني سوى الندم بعد فوات الأوان والغريب أنه يعلم نظرة هؤلاء اليمين تجاه جميع العرب".
وكان النواب العرب في الكنيست قد رفضوا قانون القومية، الذي تم اعتماده في يوليو/ تموز 2018، ويعتبر أن إسرائيل "دولة يهودية".