بعد عراك البرلمان... هل يسقط انقسام نواب الأردن التعديلات الدستورية الجديدة؟

في ظل الخلافات الحادة التي خلفتها التعديلات الدستورية الأخيرة، والتي وصلت إلى حد العراك بالأيدي داخل البرلمان الأردني، طرح البعض تساؤلات بشأن مصير التعديلات الجديدة.
Sputnik
وتحولت جلسة مجلس النواب الأردني، المخصصة لنقاش تعديل الدستور، الثلاثاء الماضي، إلى فوضى ومشاحنات، الأمر الذي دفع رئيس البرلمان الأردني عبد الكريم الدغمي، بعد الفوضى والتراشق بالألفاظ بين النواب، إلى رفع الجلسة.
ومنذ إعلان اللجنة القانونية النيابية عن التعديلات الدستورية وانقسم مجلس النواب إلى فريقين بين مؤيد ومعارض، حيث يرى المؤيدون ضرورة هذه التعديلات في سبيل الإصلاح السياسي، فيما يرى المعارضون أنها غير دستورية وتكرس للديكتاتورية وتزيد من صلاحيات الرئيس والمجلس الوطني الجديد على حساب باقي المؤسسات والسلطات.

أحداث برلمانية

وحسب وسائل إعلام أردنية، "تطورت الأمور عندما شرع المجلس في مناقشة تعديل المادة السادسة من الدستور، والتي تضيف كلمة "الأردنيات" في عبارة "الأردنيين أمام القانون سواء لا تمييز بينهم".
وزير أردني: التعديلات الدستورية المقترحة تشمل تشكيل مجلس للأمن الوطني
وعندما احتدم النقاش حول أولوية الحديث والمناقشة تطور الأمر إلى اشتباكات بالأيدي استدعت رفع الجلسة لمدة نصف ساعة، وبعد استئناف الجلسة حصل عراك جديد بالأيدي بين النواب عندما رفض أحد النواب قبول اعتذار من رئيس المجلس، مما أدى إلى رفع الجلسة.
ووافقت اللجنة القانونية في البرلمان الأردني، الأحد الماضي، على مشروع تعديل الدستور الأردني لسنة 2021، وعرضه للنواب لنقاش بنوده.

احتقان غير مسبوق

قالت الدكتورة صباح الشعار، الخبيرة الأردنية وعضو مجلس النواب السابق، أن التعديلات الدستورية المقترحة والتي من بينها إضافة كلمة الأردنيات إلى جانب كلمة الأردنيين في المادة الأولى من الدستور الأردني ليست السبب الرئيس في المشاجرة غير المسبوقة بتاريخ البرلمانات الأردنية
وبحسب حديثها لـ "سبوتنيك"، يبدو أن أزمة انتخابات الرئاسة وتشكيل المكتب الدائم وحالة الاحتقان غير المسبوقة بين أعضاء المجلس كانت السبب الرئيسي للأحداث غير المتوقعة بجلسة البرلمان، الأمر الذي أثار حفيظة الشارع تجاه المجلس التاسع عشر في الوقت الذي يجمع عليه الجميع أن إضافة كلمة الأردنيات تشكل رسالة للمنظمات والدول المانحة أن الأردن يعمل على إيلاء المرأة الدعم والتعزيز بهدف تمكينها في كافة المجالات.
وأكدت الشعار أن التعديلات الدستورية المقترحة من إضافة الأردنيات وإنشاء مجلس الأمن القومي وتقليص مدة رئاسة مجلس النواب لسنة واحدة بدلا من سنتين وتمكين الهيئة المستقلة للانتخابات للنظر بطلبات تأسيس الأحزاب بدلا من وزارة التنمية السياسية والشؤون البرلمانية بالإضافة إلى منح ربع أعضاء مجلس النواب بالتصويت على طرح الثقة بالحكومة بدلا من عشرة أعضاء ستمر من مجلس الأمة كما جاءت من اللجنة القانونية خلال الجلسات القادمة.
وزير أردني: التعديلات الدستورية المقترحة تشمل تشكيل مجلس للأمن الوطني
وأضافت أن مجلس النواب التاسع عشر يواجه حاليا غضبا شعبيا عارما وازدادت المطالبة بالإسراع بحل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة في ظل الظروف التي تواجه الأردن من تراجع في مستوى معيشة المواطنين وحالة الإحباط السياسي التي تواجه البلاد.

إخفاقات برلمانية

اعتبر الدكتور نضال الطعاني المحلل السياسي الأردني، أن التعديلات الدستورية والإصلاح السياسي من قانوني الأحزاب والانتخاب هي إصلاحات حقيقية للعبور إلى المئوية الثانية بكل تميز واقتدار وصولًا إلى الحكومات البرلمانية التي تشابه الديمقراطيات المتجذرة في العالم.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، جلسة مجلس النواب الأخيرة، والإخفاقات وعدم الحصافة في إدارة الأزمة حتى الاشتباك بالأيدي، يدل على حالة الاحتقان داخل المجلس النيابي، وكان الأجدر من رئاسة المجلس امتصاص هذا الاحتقان والتحول في مناقشة التعديلات الدستورية في أجواء سياسية وبرلمانية راقية يدل على مدى حرص الجميع على هذا الوطن، على الدستور، وأن يكون الجميع في قمة الرواق السياسي والترفع البرلماني، الذي يوصل الجميع إلى استحقاق سياسي في تعديلات تعد الأهم بالنسبة للقوانين والتشريعات التي تهم كل مواطن أردني آملا في جلسات برلمانية ترتقي لطموح كل أردني وطموح الملك في الوصول إلى الحكومات البرلمانية.
وتابع: "خاب أمل المواطنين الأردنيين عند مشاهدة هذا المشهد غير الحضاري الذي يدل على قلة الفهم السياسي والبرلماني، وكل المراقبين السياسيين ينتظرون مشاهدة مشهد سياسي آخر في جلسة يوم الأحد المقبل من خلال مناقشة تكون أقرب إلى التوافق البرلماني من خلال التفاهمات التي يمكن أن تحدث من خلال الاجتماعات داخل وخارج أروقة مجلس النواب، لرأب الصدع أولا والخروج بأقل الخسائر الممكنة بعد الإخفاقات التي حدثت في الجلسة السابقة".
رئيس لجنة التعديلات الدستورية الأردنية: لم نستقر على شكل "الورقة البيضاء" حتى الآن
وأكد الطعاني أن البرلمان مؤسسة تشريعية عريقة وتعتبر من أهم مؤسسات الدولة الأردنية، متسائلًا: "كيف ستعود ثقة المواطنين لهذه المؤسسة بعد الإخفاقات المتتالية والتصدعات التي حدثت؟، نأمل من صاحب القرار أن ينظر للوطن والمواطن ويعيد الثقة بهذه المؤسسة الهامة.

انقسام نيابي

واعتبر سليمان القلاب، عضو اللجنة القانونية بمجلس النواب الأردني، أن التعديلات الدستورية التي أقرتها اللجنة النيابية، ضرورية ومطلوبة، وتأتي في ظل اتجاه الأردن للحكومات الحزبية، والتي تحتاج لإجراء بعد التعديلات الدستورية التي تخدم هذا المجال.
وبحسب حديث سابق لـ "سبوتنيك"، المجلس الوطني الذي تم استحداثه ليس مجلسًا موازيًا لمجلس الوزراء، لكنه يجتمع فقط عند حالة الضرورة، ويعني فقط بالأمن الداخلي والسياسية الخارجية والدينية، وسيكون بعيدًا عن التجاذبات الحزبية والسياسية، ويأتي كنوع من أنواع الاستقرار.
فيما اعتبر نقيب المحامين السابق، والنائب في البرلمان الأردني صالح العرموطي، أن التعديلات الدستورية التي أقرتها اللجنة القانونية النيابية لا فائدة منها وتعتبر مجرد عبث بالدستور، وضد الإصلاح ولم تقدم أي جديد، بل أضرت بالمؤسسات وأحدثت سلطة جديدة وهو المجلس الوطني الجديد والذي يتغول على كل السلطات، ولا مبرر لوجوده، ولم يكن ضمن مقترحات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية في الأردن.
الأردن... استكمال مناقشة مشروع تعديل الدستور اليوم
وقال في تصريحات سابقة لـ "سبوتنيك"، إن المجلس الوطني الجديد الذي يترأسه الملك يصدر قراراته ويقلص حق النواب في محاسبة هذا المجلس ودوره وينزع أيضا الصلاحية من السلطة التنفيذية، حيث نزعت الكثير من الصلاحيات السياسية والأمنية من الحكومة وأعطت للمجلس دون أي مبرر.
ويرى النائب الأردني أن التعديلات في مجملها تخالف النظام النيابي والملكي، وتضع الملك في المواجهة، وتتغول على السلطة التنفيذية وتسحب منها كل الصلاحيات وتنفرد بها.
ومن أهم التعديلات التي أدخلتها اللجنة على مشروع تعديل الدستور: دعوة الملك لانعقاد مجلس الأمن الوطني والسياسة الخارجية في حالة الضرورة، وتغيير مسمى المجلس بحيث يصبح "مجلس الأمن القومي" بدلاً عن الوطني.
مناقشة