وذكر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، في جلسة للبرلمان "زيارة الرئيس (إيمانويل) ماكرون مكنت (دول) الخليج (العربية) من استئناف العلاقات (مع لبنان)، وشهدت (إنشاء) صندوق فرنسي سعودي لدعم اللبنانيين، والذي سيلقى دعما غدا أو بعد غد من مساهمة من الإمارات العربية المتحدة"، بحسب رويترز.
وقال مراقبون إن الصندوق يأتي لمساعدة الشعب اللبناني في أزمته الاقتصادية والحيلولة دون معاناتهم من الفقر والعوذ، إلا أن الصندوق لن يستطيع وحده حل الأزمة المالية بشكل نهائي، والتي تحتاج إلى إجراءات حكومية عاجلة.
وعبر لو دريان عن أسفه للعقبات السياسية التي تعترض طريق تحقيق في انفجار مرفأ بيروت عام 2020 والتي تحول دون اجتماع الحكومة، قائلا إن هذا "تعطيل غير مقبول" للأهداف السياسية.
حل مؤقت
اعتبر الدكتور فواز كاسب العنزي، المحلل السياسي والاستراتيجي السعودي، أن الأزمة اللبنانية الداخلية تشكل ثقلا كبيرا جدا وأسبابها سياسية وأخرى اقتصادية، وغياب العدالة الاجتماعية والنزاهة جعلت هناك عناصر بعينها أخذت بالحكومة اللبنانية إلى المجهول وبالتالي كان هناك الكثير من الفساد السياسي والاقتصادي.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، في موضوع الفساد السياسي وتولي حزب الله جميع الأمور والسيطرة التامة على الحكومة اللبنانية جعل هناك عقبة كبيرة أمام أي دولة تريد تقديم المعونة والمساعدات للبنان.
وأكد أن التحالف السعودي الإماراتي الفرنسي يأتي من منظور اقتصادي، وقد يكون حلا مؤقتا للظروف الاقتصادية لكن لن يكون حلا شاملًا يساهم في استقرار الأمور الأمنية والاقتصادية، طالما حزب الله يسيطر على المكون السياسي فسوف تستمر الأزمة ويستمر هذا المستوى من التدهور الاجتماعي والاقتصادي.
ويرى أن هذا التعاون يأتي انطلاقا من روح التعاون لمساعدة الأشقاء العرب بشكل عام في لبنان، لا سيما وأن لبنان لها مصالح اجتماعية وسياسية مع هذه الدول، والسعودية والإمارات تربطها علاقة قوية مع لبنان وتأتي المشاركة المادية لإنقاذ الشعب اللبناني من أزمتهه ومن الظروف التي يمر بها.
وتابع: "لكن أعتقد أن هذه الخطوة لن تنقذ الوضع المالي في لبنان إلا فترة بسيطة وفي حالة وجود التبرعات والمساعدات المالية في أيدي بنك تشرف عليه دولة فرنسا قد يكون هناك إصلاحات اقتصادية ورفع في مستوى المعيشي نظرا للظروف المتدنية للشعب اللبناني".
إصلاحات مطلوبة
بدوره اعتبر الناشط اللبناني أسامة وهبي أن كل المبادرات التي تأتي من الدول الشقيقة والصديقة للبنان هي مبادرات إنسانية هدفها الحد من معاناة الشعب اللبناني وتجنيبه المرض والعوذ والجوع والفقر وتأمين الحد الأدنى من الحياة الكريمة، لكن هذه المبادرات تبقى إنسانية ولا دخل لها لمعالجة الأوضاع الاقتصادية، هي فقط لتخفف من معاناة الشعب اللبناني ليس أكثر.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، ما يؤدي إلى إنقاذ الوضع المالي في لبنان إجراءات وإصلاحات تقوم بها الحكومة وتعمل على إخراج البلاد من هذا المأزق من خلال خطة مدروسة معروفة الأهداف تحظى بثقة الشعب اللبناني والدول المانحة وتعيد علاقات لبنان بالدول العربية والعالمية من أجل إعادة الثقة وعودة الاستثمارات ومن أجل إعادة الودائع الموجودة في بنوك لبنان للتخفيف من حدة ارتفاع الدولار، وتثبت سعر صرف العملة.
وأكد أن كل هذه الإجراءات تحتاج إلى حكومة موثوقة وقادرة على إعادة الأمور لما كانت عليه في "زمن البحبوبة" التي عرفها الشعب اللبناني، وليس هناك أي بوادر توحي بأن هذا الحل سيولد قريبا.
ويرى وهبي أن هناك مراهنة على الانتخابات النيابية، هذه المحطة المهمة والأساسية قد تؤدي إلى تغيير ما ولكنها لن تؤدي للتغيير المنشود على الإطلاق، لأن المنظومة السياسية الحاكمة لا تزال تمسك بالأرض ولديها شعبية داخل الطوائف التي تتحكم بمصائرها وأموالها وثرواتها ووظائفها وكل ما يمت لهذه الطوائف من صلة.
وتابع: "ما زالت المنظومة الحاكمة تمسك بمفاتيح الدولة اللبنانية وهي عاجزة عن إيجاد الحلول لأنها السبب في الانهيار والأزمات وهي غير قادرة على تغيير العقلية التي حكمت بها لبنان وعاجزة عن إحداث أي إصلاحات جدية ترضي صندوق النقد الدولي والدول العالمية لأن أي إصلاح جدي يكون مسمار في نعش المنظومة الحاكمة نفسها".
وفي مطلع ديسمبر/ كانون الأول، اتفقت الرياض وباريس على إنشاء آلية إنسانية مشتركة لتخفيف معاناة اللبنانيين كخطوة أولى لمعاودة تواصل السعودية مع لبنان بعد خلاف دبلوماسي بين بيروت ودول الخليج العربية.
يشار إلى أن الرئيس ميشال عون كان قد دعا القوى السياسية اللبنانية إلى حوار وطني حول مسائل من بينها استراتيجية للدفاع، التي قال إن تطبيقها مسؤولية الدولة وحدها.
وأضاف عون في كلمة نقلها التلفزيون أنه يريد أفضل علاقات مع دول الخليج العربية، متسائلا عن سبب وضع العلاقات في حالة توتر إثر تصريحات لوزير متحالف مع "حزب الله" حول حرب اليمن، والتي أشعلت أزمة دبلوماسية في أكتوبر/ تشرين الأول.
وحذر عون من أن "الدولة تنهار" داعيا إلى حوار عاجل حول خطة التعافي المالي والاقتصادي واللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة والاستراتيجية الدفاعية لحماية لبنان.