في الوقت ذاته يرى مراقبون أن القرار الأوروبي في هذا التوقيت يهدف إلى دعم بقاء الكاظمي على رأس مجلس الوزراء لفترة ثانية لأنه يمثل المشروع الأمريكي الأوروبي في العراق، وهذا ما دعا الاتحاد إلى التعجيل بالقرار وعد الانتظار حتى تشكيل الحكومة الجديدة.
ما هى الأهداف الأوروبية من وراء هذا القرار وحقيقة الصبغة السياسية له وعلاقه ذلك بدعم بقاء الكاظمي؟
بداية يقول الخبير الاقتصادي العراقي، الدكتور رحيم الكبيسي، قرار الاتحاد الأوروبي برفع اسم العراق من قائمة الدول ذات المخاطر بشأن مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال، هى مسألة سياسية أكثر منها اقتصادية.
تحت خط الفقر
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الغريب في الأمر أن العراق يصدر يوميا 4 مليون برميل نفط وبسعر يصل إلى أكثر من 80 دولار، ويفترض أن يعيش العراقيون في رغد في ظل تلك الإيرادات النفطية الضخمة، لكن ما يحدث هو العكس تماما، حيث أن 30 بالمئة من الشعب تحت خط الفقر، الأمر الذي يعني أن تلك الأموال تذهب إلى الخارج، وبالتالي والجميع يعلم أن غسيل الأموال هى جريمة دولية، وعندما يرفع العراق من تلك القائمة يعني ظاهريا أن الجانب السياسي والجانب الاقتصادي مؤمن، وهذا الأمر غير صحيح في الحالتين.
مشروع أمريكي أوروبي
وتابع الخبير الاقتصادي، الجميع يعلم أن المشروع العراقي منذ الاحتلال هو مشروع أمريكي أوروبي، لذا هم يدافعون عنه بكل الطرق ويحاولون تبييض وجه الحكومة الحالية، وعلينا أن نعلم أن العراق ضمن 4 دول سيئة الصيت فيما يتعلق بوثيقة السفر" passport"، وهو ما يعني أن المواطن لا يساوي شيء في الخارج، وبالتالي تهريب الأموال بالطرق غير المشروعة من العراق لا يحتاج جهد كبير، لأن العراق ضمن المجموعة الفاسدة والدول المتخلفة، وبعد القرار الغربي صارت هناك تغطية سياسية من قبل الاتحاد الأوروبي، ويكفينا أن نعلم أن سعر النفط في ميزانية العام الماضي كان يقوم بسعر 45 دولار للبرميل فيما تجاوز سعره بعد ذلك 80 دولار، فأين يذهب فارق السعر إن لم يكن هناك فساد وتهريب لتلك الأموال إلى الخارج.
فكرة سياسية
وحول توقيت القرار الأوروبي وعد تأجيله حتى تشكيل الحكومة الجديدة قال الكبيسي: "هناك فكرة سياسية تهدف إلى بقاء الحال على هو عليه، وما يحدث هو صراع بين المشروع الأمريكي والمشروع الإيراني، حيث فقدت المجموعة المؤيدة لإيران مواقعها على التقريب، في الوقت ذاته إزداد نفوذ الجانب الآخر المدعوم أمريكيا، في الوقت نفسه من المتوقع بقاء رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، كما بقي رئيس البرلمان وأيضا رئيس الجمهورية برهم صالح في أماكنهم، وبالتالي لا تجد أي تغيير ولو شكلي في الوضع القائم".
قضايا الفساد
ومن جانبه قال مستشار مركز حلول للدراسات المستقبلية في بغداد، اللواء دكتور عماد علو، إن "الإجراءات التي تم اتخاذها من جانب حكومة مصطفى الكاظمي وتشكيل لجنة خاصة برئاسة الفريق أحمد أبو رغيف لمتابعة قضايا الفساد، وبناء عليه تم إلقاء القبض على رموز عديدة ومسؤولين كبار وقدموا للقضاء، هذا التطور على الأرض شكل دعم كبير لموقف العراق إزاء الاعتبارات والمعايير المطلوبة لإخراج العراق من قائمة الدول الأكثر خطورة في مجال الفساد وغسيل الأموال، هذا ما دفع الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ هذه الخطوة الإيجابية والتي تعتبر داعمة لحكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في تلك المرحلة التي ينتظر إعادة ترشيحه لولاية ثانية في ضوء المعطيات السياسية التي تمخض عنها الاجتماع الأول لمجلس النواب والذي قام بالتجديد مرة ثانية لـ محمد الحلبوسي لرئاسته".
بقاء الكاظمي
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، في الحقيقة هذه المؤشرات تصب لصالح إعادة انتخاب الكاظمي لولاية ثانية، فالقرار الأوروبي برفع اسم العراق من قائمة الدول عالية المخاطر، تلعب فيه السياسة الدور الأكبر، لأن العراق إلى الآن من الناحية الاقتصادية ليس بالمستوى المطلوب، ولا توجد هناك مؤشرات على التحسن الاقتصادي رغم الصعود الطفيف في قيمة الدينار العراقي في مواجهة الدولار، لكن هذا لا يشكل مؤشر إيجابي واضح على تحسن أو تعافي الاقتصاد العراقي في هذه المرحلة، لا سيما وأن التصريح الذي أدلى به وزير المالية العراقي عبد الأمير علاوي حول احتمال نضوب النفط العراقي خلال السنوات العشر المقبلة كان تصريحا محبطا وقد بنعكس على مسار الاقتصاد المستقبل المنظور.
وبحسب علو، فإن تصريح وزير المالية واجه انتقادات كبيرة من السياسيين والاقتصاديين ومن شرائح من المجتمع العراقي، لأن التصريح لم يكن يستند إلى معطيات واقعية وعلمية حقيقية تؤكد أو تؤشر على أن هذا سوف يحدث في الفترة القليلة القادمة.
أعلنت وزارة الخارجية العراقية، الاثنين الماضي، أن الاتحاد الأوروبي رفع اسم العراق من قائمة الدول ذات المخاطر بشأن مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال.