أصيب العشرات من الفلسطينيين بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط وبالاختناق خلال قمع القوات الشرطية الإسرائيلية للمظاهرة التي خرجت أمس الخميس، تنديدا بأعمال التجريف للأراضي بدعوى الاستيلاء عليها في قرية الأطروش مسلوبة الاعتراف.
وقال مراقبون إن الأحداث في منطقة النقب، إضافة إلى مضي إسرائيل قدما في ملف الاستيطان وانتزاع الأراضي، واستمرار التضييق على قطاع غزة، قد ينذر بمواجهة مفتوحة مع الفصائل الفلسطينية.
أحداث النقب
اندلعت، ليل أمس، مواجهات عنيفة بين المتظاهرين والشرطة التي أطلقت القنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع في المكان بمشاركة طائرات مسيرة استخدمت لأول مرة.
وشارك في التظاهرة الفلسطينية التي دعت إليها اللجنة التوجيهية العليا لعرب النقب في جنوب إسرائيل، أكثر من ألفي شخص قرب مفترق قريتي سعوة والأطرش، وهي التظاهرة التي رفعت فيها لافتات وشعارات منددة بالإجراءات الإسرائيلية بحقهم.
وقمعت الشرطة الإسرائيلية التظاهرة الفلسطينية بإطلاق الرصاص وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع والمياه العادمة تجاه المشاركين، واعتدت على الطواقم الصحفية المتواجدة في المكان، بحسب ما أشارت إليه وكالة "شهاب" الفلسطينية.
من بين المصابين أشخاصا أصيبوا برصاصات معدنية، كما اعتقلت وحدات خاصة من الشرطة الإسرائيلية عددا من المتظاهرين، من بينهم فتاة تعرضت للسحل والاعتداء، وفقا لصحيفة "القدس".
من جانبه اعتبر الدكتور أسامة شعث، أستاذ العلوم السياسية والمستشار الفلسطيني في العلاقات الدولية أن ما حدث من تصاعد للاحتجاجات العربية في قرى النقب هو أمر طبيعي ومتوقع حدوثه، لا سيما أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ احتلال فلسطين في 1948 "تمارس التطهير العرقي سواء بالقتل أو بالطرد والتهجير القسري".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فهناك ازدواجية وتمييز عنصري واضح جدا في المعاملة بين المواطنين من اليهود وعرب 48، وهم فلسطينيون ظلوا في أرضهم وقراهم قبل الحكم الإسرائيلي وأصبحوا يحملون الجنسية الإسرائيلية بحكم الأمر الواقع، لكنهم لا يحصلون على أي من حقوقهم الإنسانية أو الخدماتية سواء بالتعليم أو الصحة أو البنى التحتية، ولا يوجد لديهم شبكات كهرباء.
ويرى شعث أن سياسة الطرد والتهجير القسري التي تتبعها إسرائيل مع سكان النقب هي "سلوك عنصري إسرائيلي" ليس بالجديد عليهم، مؤكدا أن سياسة الإذلال والقمع والطرد والتهجير لا يمكن أن تقابل بالورود، على حد قوله.
وتابع: "لذلك هذه الاحتجاجات الشعبية المتصاعدة في قرى النقب هي احتجاجات مطلبية مشروعة ضد العنصرية الإسرائيلية تجاههم، وينبغي على حكومة الاحتلال التي تدعي أنها دولة ديمقراطية أن تنصت لهم وتستجيب لمطالبهم بدلا من قمعهم".
مواجهة مفتوحة
بدوره اعتبر مصباح أبو كرش، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، أن كل الظروف المحيطة بالفلسطينيين قد تجعل من قضية النقب بوابة لمواجهة مفتوحة محتملة قد تحدث مع الإسرائيليين، مؤكدا أنها تعد من أفضل البوابات التي يمكن أن يستثمرها الفلسطينيون بشكل صحيح لإعادة قضيتهم العادلة إلى الواجهة.
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن الأوضاع في الضفة الغربية صعبة جدا حيث يواصل الجيش الإسرائيلي "مهامه الاستعمارية" بشكل ممنهج من خلال بناء المزيد من المستوطنات متجاوزا بذلك حتى الحقوق التي أقرتها الشرعية الدولية، و"تصفية الفلسطينيين بدم بارد" وشن حملات اعتقال شرسة ضدهم بشكل شبه يومي في الضفة.
وتابع: "أما الأوضاع في غزة فهي فوق صفيح ساخن، ومؤشرات انفجارها كبيرة وكثيرة في ظل مواصلة الحصار الظالم الذي أثر بالسلب على كل مناحي الحياة في هذا القطاع".
ويرى أبو كرش أن في ظل هذه المعاناة الفلسطينية الكبيرة فنحن أمام توقع حدوث هذه المواجهة الممتدة بسبب قضية النقب أو غيرها من البوابات التي تكشف حقيقة معاناة الإنسان الفلسطيني المشرد، مع ضرورة التنويه بأن المتوقع هو تراجع الإسرائيليين عما يقومون به في النقب بشكل مؤقت.
جاءت التظاهرة الأخيرة ضمن جملة من الفعاليات الفلسطينية التي أعلنت عنها اللجنة التوجيهية العليا لعرب النقب، والتي ترمي إلى التنديد بتواصل الممارسات القمعية ضد أهالي النقب وأراضيهم وممتلكاتهم.