ونقلت وسائل إعلام دولية عن مسؤول أمريكي قوله إن المفاوضات حققت بعض التقدم، إلا أنه ليس كافيا لتبرير محادثات مفتوحة دون تواريخ وآجال محددة، مشيرا إلى أن الوتيرة التي تتقدم بها المحادثات لا تواكب التقدم النووي الإيراني.
وأكد المسؤول الأمريكي أنه في حال استمرت المحادثات خلال الأسابيع المقبلة بالوتيرة المتباطئة الحالية، فقد يتعين على واشنطن إعادة النظر في أهمية الاتفاق النووي تماما، واتخاذ قرار بشأن تصحيح المسار، وفقا لـ"سكاي نيوز".
يرى مراقبون أن الاتفاق المبدئي مطلوب، ويعطي مزيدا من الوقت للمفاوضات، ويغلق الباب أمام الحلول الراديكالية والمقاربات العسكرية، في حال فشل التوصل لاتفاق في وقت قريب.
اتفاق مبدئي
وأكد رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى الإسلامي في إيران، وحيد جلال زاده، أن أولوية وفد بلاده المشارك في مفاوضات فيينا هي التوصل إلی اتفاق دائم لصالح إيران.
وقال زاده في تصريحات لوكالة أنباء "إرنا" الإيرانية، إن "مقترحات مجموعة 4 + 1 للتوصل إلى اتفاق مؤقت قيد الدراسة ولم يتم قبولها أو رفضها بعد".
وأوضح زاده بأنه "على الرغم من أن أولويتنا وهدفنا هو التوصل إلى اتفاق دائم، إلا أننا يجب أن نعترف بأن الاتفاق المؤقت لا يضر بقانون المبادرة الاستراتيجية لإلغاء الحظر وحماية المصالح الوطنية".
وأشار البرلماني الإيراني إلى أن بلاده شهدت انسحاب أمريكا أحادي الجانب من الاتفاق النووي "دون دفع تعويضات سياسية واقتصادية".
وأكد أن "التوصل إلی أي اتفاق يتطلب الوفاء بالالتزامات"، مشددا على أن إيران "لا تثق بالأطراف الغربية بسبب عدم امتثالها لالتزاماتها بموجب الاتفاق السابق".
رفض إيراني
أكد الدكتور رامي الخليفة العلي، الباحث في الفلسفة السياسية بجامعة باريس، أنه "جرى الحديث خلال الفترة الماضية عن رغبة أطراف أوروبية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية بإبرام اتفاق مؤقت يضمن عدم استمرار إيران في تخصيب اليورانيوم والتقدم باتجاه امتلاك القدرة النووية في مقابل رفع بعض العقوبات".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن "هذا الاتفاق ليس اتفاقا دائما بل مجرد اتفاق مؤقت حتى يتم الاتفاق على النقاط العالقة بين الطرفين فيما يتعلق بالعقوبات التي تفرضها أمريكا وما هي نوعية العقوبات التي سترفع والتي ستبقى مقابل رفض إيراني لهذا المنطق الأمريكي بالإبقاء على بعض العقوبات".
ويرى العلي أن "الاتفاق المؤقت مطلب أوروبي وأمريكي، لكن الجانب الإيراني حتى الآن يرفض فكرة الاتفاق المؤقت، وتحدث عدد من المسؤولين الإيرانيين أن هذا الحديث يأتي لمزيد من الضغط على الجانب الإيراني، لهذا حتى الآن لم تأخذ على محمل الجد".
اتفاق مرحلي مطلوب
في السياق ذاته، اعتبر مصطفى الطوسة، المحلل السياسي المقيم في فرنسا، أن "الأمور تتجه في مفاوضات فيينا للتوصل لاتفاق مرحلي مؤقت، وذلك بسبب أن كل الأطراف تريد أن تتفادى القطيعة أوأن ترغم للجوء إلى مقاربات راديكالية".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، "إذا اعترفت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أنه ليس هناك إمكانية للتوصل لتفاهمات سياسية مع إيران حول ملفها النووي، فهذا يرغمها على التفكير في الخيار العسكري والحرب وتدمير فعلي لكل المنشآت النووية الإيرانية لمنعها من الحصول على السلاح النووي".
وتابع: "تفاديا لهذا السيناريو الكابوس، والذي لا يريده أي من الأطرف، الكل يفكر في إمكانية التوصل لاتفاق مرحلي انتقالي جزئي في طريقة حله للأزمة، ويمر هذا الاتفاق عبر السماح لبعض الدول أن تتعامل مع إيران وترفع عقوباتها وتعيد فك أرصدتها المجمدة في الخارج، لتعطي انطباعًا أن هناك إمكانية تطبيع مستقبلي للعلاقات الإيرانية الدولية".
ويرى الطوسة أن "هذا الاتفاق المؤقت يمكن أن يعطي الانطباع بأن المجموعة الدولية وبعد 8 جلسات من التفاوض في فيينا، استطاعت أن تنزع فتيل الأزمة والمواجهة العسكرية الحتمية، وتضع الملف على سكته التفاوضية المستقبلية".
واستطرد: "الاتفاق المرحلي يمكن أن يحافظ على ماء الوجه، سواء للولايات المتحدة التي تريد العودة للاتفاق النووي دون تقديم التنازلات الضرورية، أو للسلطات الإيرانية التي سترغم للتوقيع على اتفاق جديد دون تقديم تنازلات يكون لها ثمن كبير على المستوى الداخلي في إيران، هذا الاتفاق يخدم مصالح الجميع، ويؤجل الحل النهائي ويجنب المجموعة الدولية شبح الحرب المفتوحة".
موقف إيراني
بدوره اعتبر صادق موسوي، المحلل السياسي الإيراني، أن "الحديث عن موقف إيران من إمكانية إبرام اتفاق مؤقت خلال المفاوضات القائمة في فيينا، والتي لم تتوصل بعد إلى صيغة لاتفاق نهائي، تتوقف على ماهية هذا الاتفاق المرحلي".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، "هناك صورتان للاتفاق الجزئي والمؤقت، الصورة الأولى يكون هناك مراحل لتطبيق بنود الاتفاق بشكل متتابع، أما الصورة الثانية فتكون طريقًا للتملص من باقي الاتفاق".
وتابع: "إذا كان المقصود من الاتفاق المؤقت أن يكون مرحلة أولية يتبعها مراحل أخرى معروف تاريخ البدء فيها، وشكلها ومضمونها، بحيث في النهاية تجمع هذه المراحل بنود الاتفاق النووي الذي خرج منه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، فيمكن أن تقبل به إيران".
واستطرد: "أما إذا كان الاتفاق الجزئي غير محدد المعالم، ومجرد طريق للتهرب من الالتزامات الأمريكية بالاتفاق الذي خرج منه ترامب، فهذا مرفوض ولا يمكن للمفاوض الإيراني قبوله".
وقبل أيام، استأنفت إيران والدول الكبرى الجولة الثامنة من المفاوضات التي سبق وانطلقت في أبريل/نيسان الماضي برعاية الاتحاد الأوروبي.
والمحادثات التي تشهدها فيينا بين الدول الكبرى وإيران، تهدف إلى إحياء الاتفاق النووي الموقع في 2015 وإعادة أمريكا إليه بعد انسحابها منه في عهد الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، والذي أعاد فرض عقوبات مشددة على طهران.
والاتفاق الأصلي الموقع عام 2015، كان قد رفع عقوبات عن إيران في مقابل فرض قيود صارمة على أنشطتها النووية، قبل أن ينسحب منه ترامب، لترد إيران لاحقا بالتخلي عن التزاماتها النووية التي كانت قد التزمت بها بموجب الاتفاق.