وتطرح تصريحات أديس أبابا ونقيضها من القاهرة والخرطوم تساؤلات عدة، هل هناك تقدم إثيوبي في النواحي الإنشائية والفنية في سد النهضة، ولماذا تصمت القاهرة والخرطوم، وما الخطوات اللازمة لتحريك الملف مجددا؟.
بداية يقول، الدكتور أحمد المفتي، الخبير السوداني في القانون الدولي- العضو السابق في مفاوضات حوض النيل، إن الإثيوبيين لم يتوقفوا عن عمليات البناء والتشييد في سد النهضة حتى وهم في الحرب ضد التيغراي، واتضح الآن أن عملية التشييد مرتبطة بعملية إزالة لبعض الغابات كما حدث في الملء الثاني، وهذا يعني أنهم جادين جدا.
خطورة كبيرة
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، صرح الإثيوبيين مؤخرا أنهم سوف يبدأوا في توليد الكهرباء، معنى ذلك أنهم يعتزمون القيام بعملية الملء الثالث، وأهمية هذا الملء أنه يمثل خطورة كبيرة جدا، لأنها سوف تمتلك قوة مائية خلف السد بعد الملء الثالث قدرها 18 مليار متر مكعب، هذا الأمر يمثل قنبلة مائية تهدد دولتي المصب "مصر والسودان"، الغريب في الأمر أن الإثيوبيين متحركين وبسرعة الآن، وعقدوا مؤخرا اجتماع مجلس الوزراء في موقع "سد النهضة" من أجل لفت الانتباه.
وأكد المفتي، أنه في الوقت الذي تتحرك فيه إثيوبيا، نجد حالة من الصمت المطبق من جانب القاهرة والخرطوم، ولا نجد أي تحرك حتى الآن يعمل على إيقاف المشروع أو التجهيز الإثيوبي للملء الثالث منفردا، وبعض التصريحات التي تخرج تتحدث عن أن الأوضاع الحالية في إثيوبيا لا تسمح بأي عملية تفاوضية، هذا الأمر بالغ الخطورة ويعطي أديس أبابا مزيد من الوقت للقيام بإجراءات أحادية.
الحل في "العصا"
ولفت الخبير القانوني إلى أن الحل في تلك الأزمة يتطلب وجود "عصا" تضغط على إثيوبيا، وتمثل مطالبة السودان بأراضي بني شنقول المقام عليها السد وأنها ملكية سودانية، أحد وسائل الضغط القوية على أديس أبابا من أجل أن تذعن للحوار وتساعد في التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ومرضٍ لجميع الأطراف.
"مع بداية المطالبة سيكون هناك شىء جديد لتحريك الملف. بكل تأكيد خطوات أخرى سوف تلي تلك الخطوة، ولا أرى في الوقت الراهن شيء أقوى من المطالبة بالأرض المقام عليها السد والتصعيد في هذا الملف. وقتها سيتحرك المجتمع الدولي لأن الأمر سوف يكون في تلك الحالة مهدد للأمن والسلم الدوليين"، حسب قوله.
حرب التيغراي
من جانبه، يرى الخبير الاستراتيجي المصري في شؤون المياه، أن وضع الحرب داخل إثيوبيا أعاق كل التحركات ودعوات التفاوض بشأن سد النهضة، لأن توجه أي دول في حالات الحروب يكون نحو جبهات القتال فقط، والحرب إلى الآن لم تنته رغم الهدوء الحاصل.
وأضاف لـ"سبوتنيك"، الحديث الآن عن الملء الثالث قد يكون غير منطقي، حيث لا توجد أمطار في تلك الشهور على إثيوبيا والتي تبدأ في شهر يونيو/حزيران من كل عام، كما وأنه قبل نشوب حرب التيغراي الأخيرة، واجه سد النهضة عددا من المشكلات الفنية في التوربينات والفتحات والعامل الفني في معدل الأمان، وهناك توقف كامل في سد النهضة خلال مدة الحرب والتي لم تنته حتى الآن.
وأشار نور، إلى
أن مصر لا تجد من تخاطبه في تلك المرحلة، لأن إثيوبيا منشغلة بالحرب، وحتى الأطراف الدولية في أثناء الحرب لا تجد من تخاطبه، علينا أن ننتظر حتى موسم الأمطار القادم لكي نتحدث عن الملء ويتضح الأمر بالنسبة للحرب الأهلية في إثيوبيا.
أعلنت إثيوبيا، الخميس الماضي، البدء قريبا في إنتاج الطاقة من سد النهضة، الذي لا يزال محل خلاف مع دولتي مصر والسودان.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية السفير دينا مفتي، إن بلاده "ستبدأ قريبا في إنتاج الطاقة من سد النهضة "، داعيا السودان إلى الاحتفال بهذا الحدث لأنه المستفيد الأكثر، وذلك حسب وكالة الأنباء الإثيوبية.
وأضاف، "إن إنتاج الطاقة من سد النهضة لا يعني توقف المفاوضات الثلاثية (مصر وإثيوبيا والسودان) بشأن القضايا العالقة".. مؤكدا أن المفاوضات ستتواصل للتوصل إلى حل مربح للجميع.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، قال وزير الطاقة والمياه الإثيوبي، هابتامو إيتيفا، إن بلاده تواصل عمليات بناء سد النهضة الإثيوبي، على نهر النيل، جنبا إلى جنب مع قتالها للإرهابيين، وذلك بعد إعلان الجيش الإثيوبي نشر وحدات في محيط منطقة السد، لتأمينه ضد أي خطر إثر محاولات لمهاجمته.
وتواصل مصر مطالبها بضرورة استئناف مسار مفاوضات سد النهضة الإثيوبي في أقرب وقت، بهدف التوصل لاتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة على نحو يحقق مصالح الدول الثلاث ويحفظ حقوق مصر المائية.