ماذا وراء دعوات العصيان المدني في السودان.. وهل يحقق أهدافه؟

لاقت دعوة العصيان المدني التي أطلقها ائتلاف قوى الحرية والتغيير بالسودان لمدة يومين فقط، تجاوبا محدودا في يومها الأول، حيث يرى الشارع أن تلك الدعوة ما هى إلا رسالة للداخل والخارج من أجل المساهمة في تصحيح الأوضاع ووقف مسلسل الدماء الذي لم ينقطع منذ أعوام.
Sputnik
فما هى الرسائل المرجوة من وراء العصيان المدني المحدود في السودان؟
بداية يقول، القيادي بالتحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية بالسودان، بكري عبد العزيز، العصيان المدني هو وسيلة من وسائل النضال السلمي، وتمت تجربتها في العام 2018 وقبلها في ثورة أكتوبر/تشرين أول عام 1964.
تصعيد جديد
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن العصيان المدني الذي أعلن عنه الثوار جاء بعد أن سالت الكثير من الدماء في الشارع، وهو تصعيد جديد جاء بعد مجزرة 17 يناير/ كانون ثاني الجاري، ويهدف إلى توصيل رسالة للعالم أن الشعب السوداني رافض للوضع الراهن، ويعد هذا العصيان مرحلي وليس نهاية التصعيد، حيث حدد له يومي 18، 19 يناير على أن ينتهي مع مليونية الخميس 20 يناير الجاري.
وأشار عبد العزيز إلى أن هذا العصيان المؤقت هو رسالة للعالم، ونحن في التحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية وجهت لنا خلال الأيام الماضية دعوة من جانب الاتحاد الأفريقي للتشاور حول الأوضاع في السودان.
روسيا تنفي مقتل أو إصابة أي من مواطنيها خلال الاحتجاجات الأخيرة في السودان
معارك قريبة
وتابع عبد العزيز، أن التظاهرات خلال الأشهر الثلاث الماضية حققت الكثير من الأهداف، على رأسها أنها شقت طريق وأفرزت وكشفت الكثير ممن كانوا يدعون الثورية، وتبينا من هو ضد الثورة ومن يقف مع الشارع، كما قربت المعركة المؤجلة بين الشارع والمجلس العسكري.
وتوقع أن تكون هناك معركة قريبة بين المؤسسة العسكرية وقوات الدعم السريع، حيث أن هناك أخبار مسربة تتحدث عن انشقاقات داخل قوات الدعم، كما أن هناك خلافات غير ظاهرة على السطح بين قيادات من الجيش وقيادات من الدعم السريع.
ميراث الأجداد
من جانبه يقول رئيس المركز العربي الأفريقي لثقافة السلام والديمقراطية بالسودان، الدكتور محمد مصطفى،
نأسف على أن السودان لم يحظ بقائد عظيم كجورج واشنطن وأبراهام لينكولين وجون كنيدي، الذين حولوا أمريكا من بركة إجتماعية مليئة بالظلم والقتل والأمراض إلى مدينة على الجبل تتجه إليها كل الأنظار.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، نحن في بلاد يعيش قادتها أزمة نفوس، يقتلون ويغتصبون وينهبون ويشردون، لا إرادة وطنية ولا إنسانية ولا أخلاق لهم.
وأشار مصطفى إلى أن الآباء المؤسسون في السودان ذهبوا تاركين خلفهم صراعات وحرب أهلية مشتعلة، وجاء من بعدهم من عمق الأزمات والجراح، ليس من بينهم حكيم ولا كبير يفكر في أبنائه وأحفاده والأجيال القادمة، وليس فيهم من يفكر في تاريخه، كلهم يفكرون في أنفسهم فقط، يعيشون على ملذات الحياة وعلى جماجم الضحايا، ويذهبون مخلفين وراءهم أبناء وأحفاد تلاحقهم اللعنات، والتاريخ الملطخ بدماء المظلومين.
خبير يوضح الهدف من قرار مجلس الدفاع في السودان بتشكيل قوة خاصة لمكافحة الإرهاب
خيارات متعددة
وأكد رئيس المركز العربي الأفريقي، ما أعرفه ويعرفه كل السودانيين، أن الثورة التي سالت بها دماء لن تعود إلى الوراء، لذلك لم تكن هنالك ورقة أخيرة، بل هنالك خيارات سلمية عديدة سوف تنتهي بالمدنية والديمقراطية، ذلك الهدف الإستراتيجي الذي يسعى لتحقيقه كل مواطن حر وصادق تجاه وطنه،
الذين يموتون الآن هم أبناء وبنات وأشقاء وشقيقات الجيش وموظفي وموظفات الخدمة المدنية، لذا هنالك تعاطف شعبي كبير مع الثوار، بل إن الشعب كله ثائر الآن ولا مجال للتمادي والعناد، الحل في الاستجابة لصوت الضمير والعقل.
وبعد يوم دام من التظاهرات أمس الاثنين راح ضحيته 7 قتلى وعشرات المصابين، يواصل المتظاهرون المناهضون للانقلاب العسكري في السودان احتجاجاتهم، بإغلاق بعض الطرق الرئيسية وإعلان حالة العصيان المدني.
ووفقا لوكالة "فرانس برس"، فقد أغلق المحتجون الجزء الجنوبي من شارع المطار أحد الشوارع الرئيسية في الخرطوم، كما أغلقوا أحد الشوارع الرئيسية في منطقة بُري شرق العاصمة قبل أن تواجههم قوات الشرطة بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع وإزالة المتاريس.
وفي حي بحري شمال الخرطوم، قطع المتظاهرون الطرق الرئيسية بوضع الحجارة وجذوع الأشجار ورفعوا لافتات كتب عليها "الحصة وطن". كما أغلقت المحال التجارية والصيدليات في الخرطوم واحيائها المجاورة. وشمل الإغلاق سوق "السجانة" أكبر سوق في السودان لمواد البناء وسط العاصمة.
قوى الحرية والتغيير في السودان تقترح توسيع مبادرة الأمم المتحدة للحوار بضم أطراف دولية
ووضع على أبواب أحد المحال لافتة كتب عليها "المحل مغلق حدادا على روح الشهيد عثمان الشريف"، وهو صاحب المحل وقد سقط بين قتلى تظاهرات الاثنين الدامية.
كما علقت جامعة الخرطوم للعلوم والتكنولوجيا الدراسة لمدة يومين وأكدت إدارتها في بيان أن ذلك "إيمانا منا بوحدة الموقف تجاه العصيان المدني ونعلن وقوفنا التام مع كل الكيانات والأجسام التي تدعوا للاعتصام".
وكان ائتلاف قوى الحرية والتغيير، الذي قاد احتجاجات 2019 التي أدت إلى إسقاط الرئيس السابق عمر البشير، قد دعا في بيان له يوم أمس الاثنين كل جماهير الشعب للدخول في عصيان مدني شامل لمدة يومين "18،19"يناير/كانون ثاني الجاري.
في سياق متصل، حذرت البعثة الأممية لدعم المرحلة الانتقالية في السودان "يونيتامس" مما وصفته بـ"الجمود السياسي"، وقالت إن هذا الجمود يعرض السودان لخطر الانحدار إلى عدم استقرار أعمق من شأنه أن يبدد المكاسب المحققة منذ الاحتجاجات التي أطاحت بحكم الرئيس السابق عمر البشير" بحسب العربية ".
ويشهد السودان أزمة سياسية على وقع احتجاجات متواصلة عقب استقالة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وانفراد البرهان بالسلطة، وهو ما يرفضه المحتجون الذين يطالبون بتنحي المكون العسكري عن السلطة في السودان نهائيا.
مناقشة