وأصدرت بلدية القدس الإسرائيلية قرارا بإخلاء منزل أسرة صالحية، ومشتل يملكونه في الحي، بعد صدور قرار من محكمة إسرائيلية بطردهم.
واشتبكت الشرطة الإسرائيلية، وأفراد العائلة الفلسطينية، التي تحصنت على سطح منزلها في حي الشيخ جراح على خلفية مصادرة بلدية القدس الأرض التي بني عليها المنزل، بدعوى استخدامها لبناء مدرسة.
وقال مراقبون إن استمرار الاستيطان الإسرائيلي، والمضي قدمًا في ملف طرد الفلسطينيين من أراضيهم ومنازلهم بالأحياء الفلسطينية، ينذر بانتفاضة فلسطينية قريبة.
تجدد المواجهات
وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية: "أعلنت الشرطة أنها تستعد لهدم منزل عائلة صالحية في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية بحلول الثلاثاء المقبل".
وأضافت: "تحصنت الأسرة على سطح منزلها بأنبوبة غاز ومواد قابلة للاشتعال وأشعلت النار في المراتب. وقالت بلدية القدس إنه صدر أمر إخلاء للمنزل في عام 2017 لصالح إنشاء مؤسسات تعليمية لسكان الحي".
وأمس الاثنين، أظهرت مقاطع فيديو بثتها مواقع إخبارية مقدسية وناشطون قوات كبيرة من الشرطة الإسرائيلي وهي تهدم المشتل المجاور الذي تمتلكه أسرة صالحية بجرافة، استعدادا لإخلاء المنزل.
لكن، مالك المنزل محمود صالحية، صعد وأفراد أسرته (12 بينهم 5 أطفال) إلى سطحه، وهدد بإحراق نفسه وأولاده، إذا تم الإخلاء.
وقال صالحية في مقطع فيديو تداوله ناشطون على مواقع التواصل: "من يخرج من منزله فهو خائن، لن أبرح منزلي"، مضيفا وهو يحمل قارورة من البنزين: "سأحرق نفسي وأولادي... سأفجر البيت بمن فيه".
وأضاف: "بلدية القدس جاءت لتطرد الأهالي من منازلهم لصالح إقامة مدارس لأولادهم".
وظهر صالحية في مقطع آخر من على سطح منزله، وهو يطالب أهالي الشيخ جراح بالتصدي لمخطط الإخلاء الإسرائيلي، معتبرا أنه حال تم تنفيذ إخلاء منزله، فسيكون مقدمة لإخلاء العديد من المنازل الفلسطينية بعده.
ووصل عشرات من الأهالي والنشطاء إلى منزل صالحية للتضامن مع الأسرة، وأظهر مقطع مصور الشرطة الإسرائيلية وهي تعتدي على عضو الكنيست اليساري "عوفر كاسيف".
خيار المواجهة الشعبية
اعتبر الدكتور جمال نزال، المتحدث باسم حركة فتح، أن الحركة هي أول وأكبر المؤسسين لخيار المواجهة الشعبية ضد إسرائيل، حيث أثبتت نجاعتها في الانتفاضة الأولى.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، خاضت حركة فتح كذلك عدة مواجهات حديثة مؤخرًا مع إسرائيل، أبرزها معارك البوابات وخان الأخمر، وبلعين والشيخ جراح، وغيرها من المواجهات.
وأكد أن إسرائيل تعرف جيدًا أن تأجيج الوضع في مدينة القدس لن يترك شباب فلسطين في الداخل المحتل منذ عام 1948م وراء سياج الحياد، مؤكدًا أن عودة المواجهات في حي الشيخ جراح قد تشهد انتفاضة فلسطينية جديدة ضد القوات الإسرائيلية.
مخطط إسرائيلي
بدوره قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية والقيادي في حركة فتح، إن غياب الإرادة السياسية الفلسطينية هو سبب أساسي في تأخر انتفاضة فلسطينية شاملة على إسرائيل، كما أن للانقسام دورا في غياب الرؤى، ورغم ذلك الرهان على الشعب الفلسطيني ليتجاوز كل القيادات من أجل مستقبل يعاني من التيه.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، ما يحدث في الشيخ جراح وإصرار إسرائيل على إخراج السكان الفلسطينيين من هذا الحي والإصرار الفلسطيني على البقاء هو جزء من مخطط إسرائيلي لإخلاء كل المناطق الفلسطينية التي تفصل بين القدس الغربية وحائط البراق بشكل متدرج.
وتابع: "إن لم تفجر أحداث الشيخ جراح الانتفاضة الفلسطينية فسيفرجها أحداث أخرى سيقوم بها الاحتلال، ولا أتوقع أن الظروف الحالية توحي بانتفاضة جديدة ولا حتى حرب كما حدث في مايو من العام الماضي".
ويرى الرقب أن الأحداث تتسارع في ظل رؤية إسرائيل بأن الظروف تساعدها في تهويد القدس والضفة وستجد في لحظة حاسمة شعب فلسطيني لن يستطيع أحد كسره.
وطالبت الرئاسة الفلسطينية في بيان بتدخل دولي فوري عاجل لتوفير الحماية للشعب الفلسطينية ولجم "سياسة الاحتلال الإسرائيلي".
واعتبرت الرئاسة على ما نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) أن محاولة "الاحتلال الإسرائيلي إخلاء عائلة صالحية من منزلها في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية المحتلة إنما يندرج في إطار التهجير القسري الذي يتنافى مع القانون الدولي والإنساني".
ومنزل أسرة صالحية يقع قرب عشرات المنازل التي صدرت قرارات بإخلائها، بدعوى أنها أقيمت على أرض تمتلكها إحدى الجمعيات الاستيطانية بحي الشيخ جراح.
وشهد العام الماضي اندلاع حرب في غزة، استمرت 11 يوما بين إسرائيل والفلسطينيين، أججها الغضب في حي الشيخ جراح حيث تقاوم عائلات أوامر بإخلاء منازلهم.
وحسب موقع "مكان" الإسرائيلي، فقد قامت شرطة إسرائيل بإخلاء المبنى، بعد أن صدر أمر قضائي قبل نحو عام بمصادرته لإقامة مدرسة للتعليم الخاص لسكان الحي، وأكدت الشرطة أنها أخلت المكان من عدة أشخاص تحصنوا فيه "بشكل مناف للقانون" وتم اعتقال عدد منهم للإخلال بالنظام العام وممارسة سلوك عنيف. وتقوم بلدية أروشليم القدس، بهدم المنزل من أجل إقامة المدرسة.
وحسب صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، فقد قامت الشرطة بعملية الهدم بعدما هدد سكنا المنزل بقتل أنفسهم، حيث صعد سكان العقار إلى أعلى المنزل، حاملين عبوات غاز وهددوا بإشعال النار في أنفسهم، مما أدى لإنتهاء المواجهة مع الشرطة، وذلك يوم الاثنين الماضي، ثم عادت الشرطة الأربعاء الماضي من أجل الهدم.
وتعود أزمة المنازل إلى التسعينيات من القرن الماضي، حسب وليد ثائر محامي سكان المنزل، حيث كانت المدينة قد خصصت هذا المكان للاستخدام العام عام 1984، لكنها صادرته رسميا في 2017، لبناء مدرسة تخدم العرب من ذوي الاحتياجات الخاصة، حسب جيروزاليم بوست.
في وقت طالب فيه الاتحاد الأوروبي إسرائيل بالسماح للأسرتين بالبقاء في المنزلين المتجاورين، كما أدن أعضاء مجلس الأمن إخلاء المنزلين، وهدمهما.