سعى المدرب السوري، حسن منصور، من خلال الرياضة إلى مساعدة الأهالي على تربية أطفالهم بشكل سليم، ومحو ما بقي في ذاكراتهم من مشاهد العنف والدمار، وحمايتهم من رفاق السوء، فافتتح نادي "النمر الأسود" لتهذيب نفسية الطفل من خلال الرياضة.
هذا النادي الذي انطلق بشكل بدائي، في قرية كفير الزيت بوادي بردى في ريف دمشق، يضم اليوم عشرات الأطفال والشبان الذين يمارسون الفنون القتالية بهدف تهذيب النفس، واستخدام الرياضة كوسيلة للسيطرة على المشاعر، وزيادة قدرة التحكم عند الغضب، والتعود على المسامحة بدلا من استخدام القوة.
وعن ولادة هذه الفكرة، قال رئيس النادي الكابتن، حسن منصور لـ" سبوتنيك": "الفكرة بدأت بينما كنت أؤدي بعض الحركات الرياضية، فاقترب مني طفل صغير وفي عينيه نظرة إعجاب بما أقوم به"، وقال الطفل لي: "يا كابتن لماذا لا تدربني؟ أنا أيضا أريد أن أصبح مثلك"، وأضاف: "عندها عدت إلى المنزل، وما زالت رغبة هذا الطفل تستحوذ على تفكيري".
وأوضح منصور: "قريتنا ليست رياضية، وقلة من أهلها يمارسون الرياضة، حتى الأطفال يهدرون طاقاتهم في لعب الشارع دون توجيه، ودون توظيف هذه الطاقات البشرية النامية بشكل صحيح، وعندها قررت أن أبدأ بتدريب من لديه رغبة من أطفال القرية، وبدأت بعدد متواضع لا يتجاوز الـ5 أطفال، وفي منزل مهجور عبارة عن خردة للسيارات القديمة".
"في ظل ظروف الحرب الدامية التي تمر على سوريا، وسوء الأوضاع، كان من المستحيل إنشاء نادي رياضي بالنسبة لي، حتى أنه لم أمتلك وسادة بسيطة لأعلم عليها الأطفال، وكان الحصول على مثل هذه الوسادة حلم بالنسبة لي في ظل هذه الظروف"
وأشار منصور إلى أنه وبسبب ضعف الحال، "كنت أعلم الأطفال بنفسي بحيث أريهم الحركة أو التمرين و أدعهم يكررونه، لأن ضعف الإمكانيات حينها كاد يمنعنا من الاستمرار".
وحول النتائج والأهداف الذي حققها منذ افتتاح المشروع، قال منصور: "أهم نتيجة أنني استطعت من خلال الرياضة أن أزرع روح المحبة والتعاون بين الأطفال، حتى أصبحوا يتمتعون بروح رياضية هادئة وبناءة، يتكيفون من خلالها مع جميع المصاعب التي تواجههم في حياتهم، وأصبح لديهم القدرة على التفكير بإيجاد حلول للأزمات التي يتعرضون لها في الشارع أو المدرسة أو العمل، وبشكل إيجابي، ودون تعصب أو تطرف".
وشدّد منصور على أن "المراحل التي وضعها لتعليم الأطفال هذه الفنون القتالية المختلطة من كونفو أو باركور أو غيرها من رياضات عالمية، هي ثلاث، الأولى: التطور الروحي، والتطور العقلي، ومن ثم التطور الجسدي، لأن البدء بالمرحلة الأخيرة قبل سابقتيها سينمي روح العنف والعداء بين التلاميذ، لا سيما مع وجود متدربين يحملون صفات العنف والخشونة بالتعامل، وبالتالي علينا تهذيبه نفسيا بالدرجة الأولى، كي لا يستخدم ما نعطيه إياه من قدرات قتالية في تعنيف أو إيذاء الآخرين بما يؤثر بشكل سلبي على المجتمع بأكمله".
"الهدف خلق مجتمع سليم، وتشجيع الطفل على استخدام قوته البدنية في خدمة المجتمع، لذلك أقوم بتصوير فيديو ممارسات الطلاب وأنشرها على شبكات التواصل الاجتماعي ليكون تحت المجهر، ويعي مسؤولية ما يقوم به تجاه نفسه ورفاقه وذويه، حتى أن الطفل ذاته يطلب تصويره ليتفاخر أمام أهله بقدراته".
وختم منصور اللقاء بقوله: "الأطفال كائنات بريئة ولطيفة، وبحاجة توجيه وتوعية لتبدأ حياتها بشكل إيجابي، وآمل أن يصبح لدينا فئة من الشباب الواعد الذي يتمتع بالروح الرياضية والقدرة على تعليم الآخرين، لنتمكن من نشر هذه الرياضة في جميع أنحاء سورية، ونحصل على مجتمع سليم".