وكشفت مصادر مقربة من تنظيم "قسد" لوكالة "سبوتنيك" أن رتلاً عسكرياً كبيراً تابع لقوات الجيش الأمريكي وصل، اليوم الاثنين، إلى محيط سجن الثانوية الصناعية في الأطراف الجنوبية من حي غويران بمدينة الحسكة، والذي يتحصن فيه الآلاف من معتقلي "داعش".
ورافقت الرتل الأمريكي مجموعة من باصات النقل الكبيرة (البولمانات) مع معلومات عن مفاوضات بين الطرفين بعد توجيه أوامر صارمة لجميع وسائل الإعلام بضرورة مغادرة محيط السجن والابتعاد إلى الأحياء البعيدة خارج حي غويران.
ويشهد محيط سجن الثانوية الصناعية حالة من الهدوء الحذر، مساء اليوم الاثنين، مع تحليق مستمر للطائرات المروحية والمسيرة التابعة للجيش الأمريكي في سماء المنطقة، مع إطلاق حملات للتفتيش والاعتقال في حيي غويران والزهور وعدد من القرى الريفية من قبل مسلحي تنظيم "قسد"، وذلك بعد ساعات من الاشتباكات والقصف الجوي الذي أدى لمقتل وإصابة عدد من مسلحي الطرفين.
وتابعت المصادر أن هذه التطورات تأتي بعد فشل مسلحي تنظيم "قسد" مدعومين بمدرعات وطيران "التحالف الدولي" بكافة أنواعها، لليوم الرابع على التوالي، في اقتحام مبنى سجن الثانوية الصناعية، وعدم استسلام الآلاف من معتقلي تنظيم "داعش" الذين نشروا مقاطع مصورة من داخل السجن توضح وجود 23 عنصراً من تنظيم "قسد" كرهائن، مع وجود عدد كبير من قتلى تنظيم "قسد"، وأنهم تعاهدوا على الموت وعدم الاستسلام.
700 طفل من "أشبال الخلافة"
وكان تنظيم "قسد" أصدر بياناً تذرع فيه أن العائق الكبير أمام تقدم مسلحيه هو استخدام إرهابيي "داعش" للأطفال من "أشبال الخلافة" المرتبطين بهم، والبالغ عددهم 700 قاصر كدروع بشرية.
وبرر التنظيم وجود أطفال "داعش" في السجن أنه "بهدف إعادة تأهيلهم من الفكر المتطرف، مطالبا الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر التدخل لإعادة تسليم الأطفال المحتجزين إلى القوات الأمنية (التابعة له) حفاظا على سلامتهم".
3 حافلات تتجه إلى جهة مجهولة
وأوضحت مصادر سبوتنيك أن ثلاث حافلات نقل كبيرة بولمانات، ترافقها سيارات دفع رباعي تابعة لتنظيم "قسد"، خرجت اليوم من حي غويران عبر جسر البيروتي، وبداخلها مجموعات من معتقلي تنظيم "داعش" الذين، قال التنظيم الموالي للجيش الأمريكي أنهم سلموا أنفسهم اليوم الاثنين، وتوجهت الحافلات إلى جهة مجهولة.
وأصدر ما يسمى "المركز الإعلامي لتنظيم "قسد" بياناً قال فيه أنه: "بعد نداء الاستسلام الآمن وتسليم السلاح، داهمت قواتنا في الساعة الخامسة من صباح اليوم وسيطرت على أحد مباني السجن الذي يتحصن فيها هؤلاء المرتزقة، حيث استسلم نحو 300 مرتزق لقواتنا"، وأضاف: "والعملية مستمرة وفق الخطة المقررة".
وأضاف تنظيم "قسد" في بيانه: "كما تواصل قواتنا وقوى الأمن الداخلي حملة تمشيط حي غويران وملاحقة الخلايا الإرهابية التي حاولت مؤازرة مرتزقة داعش في السجن، حيث تبدي قواتنا مستوى عالٍ من الدقة والحذر لتواجد المدنيين في المنطقة والذين تتخذهم تلك الخلايا في بعض النقاط كدروع بشرية، وخلال اشتباك مع تلك الخلايا تمّ تصفية ثمانية مرتزقة خطيرين".
وقالت مصادر محلية وأهلية لوكالة "سبوتنيك" إن الأحداث التي يشهدها سجن الثانوية الصناعية في مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا، والذي يعتبر أكبر معتقل لمسلحي تنظيم "داعش" الإرهابي (المحظور في روسيا) في العالم، والذي تمكّن معتقلو التنظيم من الاستيلاء عليه، كشفت حجم الاختراق الأمني الكبير الذي أحدثه التنظيم، وكم الهشاشة الذي تعاني منه مقرات ومواقع المسلحين الموالين للجيش الأمريكي، حيث يوجد للأخير قاعدة غير شرعية لا تبعد أكثر من 500 م عن موقع السجن قاعدة تجمع المؤسسات الحكومية في حي الزهور.
وأضافت المصادر بأنه حتى عند التدخل الأمريكي بكافة الوسائل العسكرية المتاحة برية وجوية، عبر الدفع بعربات "برادلي" القتالية لأول مرة، ونشرها في حيّ غويران ومحيط سجن الصناعة، بالتوازي مع استخدام الطيران الحربي والمروحي والمسيّر في العمليات العسكرية الدائرة في تلك المنطقة، لم يتمكن من إنهاء حالة الفوضى والسيطرة.
في حين تسعى الولايات المتحدة الأمريكية والمسلحين الموالين لها في تنظيم "قسد" لاستثمار التطورات الحالية لصالحهم للفْت النظر إلى أهمية وجودها العسكري في كلّ من سوريا والعراق، وبأن تنظيم "داعش" مازال موجوداً وقويا، وذلك ردا على جميع مناهضي استمرار الاحتلال الأمريكي لسوريا.