فهل يتحمل السودانيون ضغوطا جديدة في حياتهم اليومية؟
بداية يقول الخبير الاقتصادي السوداني، الدكتور محمد الناير: أعتقد أن قضية الإصلاح الاقتصادي، هى تنفيذ لروشتة صندوق النقد الدولي بالكامل وفي فترة زمنية قصيرة جدا، ولم يكن هناك مراعاة للآثار السالبة لتلك التوصيات والشروط على المواطن السوداني بصورة أساسية.
وصفة دولية
وأكد في حديثه لـ"سبوتنيك" أن هذه الروشتة نفذت بطريقة قاسية جدا في العام الماضي 2021، والسودان تجاوز نسبة تنفيذ في تلك التوصيات أكثر من 90 في المئة، وللأسف الشديد لم يحصل على أي مبالغ أو قروض مقدما يمكن أن تسهم في امتصاص الآثار السالبة لتلك السياسات، بل إن البرنامج الوحيد الذي تم الإعلان عنه من البنك الدولي وتوقف الآن، كان يمنح المواطن 5 دولارات شهريا ، وهى لا تثمن ولا تغني من جوع، لأن الفقير بالنسبة لكل دول العالم هو الذي يتقاضى أقل من 2 دولار يوميا، أي 60 دولار في الشهر، فلا يعقل منح المواطن 5 دولارات في الشهر ثم نقول أن ذلك من أجل تخفيف سياسات الإصلاح الاقتصادي.
قرارات مفاجئة
وأضاف الناير: جاءت القرارات الأخرى مطلع العام الحالي، حيث فوجئ المواطن بإلغاء الدعم تماما عن الخبز وتحول إلى سلعة تجارية، حيث تعادل القطعة الواحدة من الخبز الآن ثلاثون جنيها، كما ظهرت زيادة أخرى في أسعار الدقيق، الأمر الذي قد يدفع أصحاب المخابز لرفع سعر الخبز وقد تصل القطعة الواحدة إلى 50 جنيها، هذا الأمر أرهق المواطن بصورة كبيرة، كل هذا يجري في ظل عدم وضوح الرؤية وانعدام الشفافية بين الحكومة والمواطن.
أما ما يتعلق بالقرار الأخير برفع الدعم عن الكهرباء يقول الخبير الاقتصادي: هو قرار تم الإعداد له سرا ودون توضيحه للمواطن، أعتقد أن هذا القرار غير مدروس فنيا واقتصاديا لمعرفة الأثر السلبي له، حيث يؤثر هذا القرار على مجمل الأوضاع الاقتصادية في البلاد سواء الإنتاجية أو الخدمية، هذا بدوره سيؤدي إلى ارتفاع كبير جدا في أسعار السلع والخدمات في البلاد، وسوف تفقد كل السلع التصديرية ميزاتها التنافسية، وسوف يؤثر أيضا على كل الشرائح الضعيفة في السودان بصورة أساسية في ظل تدني الأجور والمرتبات والتي لا يتجاوز حدها الأدني 20 دولار تقريبا، والتي لا تفي بالحد الأدنى لمعيشة الأسرة.
مردود سلبي
وأوضح الخبير الاقتصادي أن المجتمع يخضع الآن لقرارات غير مدروسة ويقع عبئها بالكامل على النشاط الاقتصادي بصورة سالبة، كما تؤثر على الفقراء وذوي الدخل المحدود بصورة كبيرة، وأرى أن يتم تجميد هذا القرار لحين إخضاعه للدراسات، يبدو أن من يصدرون القرارات لا يعون مردودها السلبي على المواطن ومعظم النشاط التجاري والاقتصادي في البلاد.
سياسات سابقة
من جانبه يرى المحلل السياسي السوداني، أبي عزالدين، أن تلك الزيادات في السلع والخدمات هي نتيجة سياسات تجمع المهنيين وقرارهم السابق برفع الدعم كليا عن الوقود والقمح وكل ما كان نظام البشير يدعمه طوال سنوات.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك قام بالتوقيع على قرار رفع الدعم عدة مرات، وآخرها قرارهم برفع الدعم في موازنة ٢٠٢٢، ولكنه لم ينتظر ليرى نتيجة سياساته على المجتمع السوداني.
وأشار عز الدين إلى أن، هذه السياسات مستوردة من صندوق النقد الدولي، وقام حمدوك بتطبيقها بحذافيرها دون مراعاة لطبيعة اقتصاد البلد أو مجتمعها، ظنا منه أنه ينال رضا المؤسسات الامبريالية الدولية بهذه الطاعة العمياء.
توقف الإنتاج
وأوضح أن : عجلة الانتاج ستتوقف تماما، وهي التي تباطأت عقب الانقلاب على البشير، وسترتفع مدخلات الإنتاج، مما يزيد العبء على المواطن المستهلك بصورة تجعل الهجرة أفضل خيار أمام عبث المنظمات الدولية بسياسة واقتصاد البلد.
ولفت عز الدين إلى أن هناك ضغط الآن على جميع الأسر، بعد انهيار الاقتصاد في السنوات الثلاث الأخيرة، وقد تتواصل التظاهرات رغم تباين أسباب الخروج، وقد لا يجد المواطن المنهك له طاقة للخروج متظاهرا ضد هذه السياسات المستوردة.
وكان وزير الطاقة والنفط المكلف بالسودان، محمد عبد الله قد قال لرويترز، إن الحكومة رفعت أسعار الكهرباء، وهي من بين عدد قليل من السلع التي لا تزال مدعومة، في إطار حزمة إصلاحات اقتصادية جارية.
وتشمل التغيرات السعرية، التي تطبق بأثر فوري، زيادة حادة في أسعار الاستهلاك الكهربائي من 1.6 جنيه للكيلو واط إلى تسعة جنيهات، كما تشمل زيادات كبيرة للاستهلاك المنزلي أيضا.
وقال عبد الله لرويترز، إن من الصعب على الحكومة في الظروف الحالية تقديم الدعم بالطريقة القديمة، حيث تدرس الحكومة مشروعات استثمارية في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لكنها تواجه صعوبة بسبب الدعم.
وتعاني شبكة الكهرباء السودانية من عقود من الإهمال وصعوبة سداد تكاليف الوقود وقطع الغيار، مما أدى إلى انقطاع التيار لفترات طويلة خلال شهور الصيف هذا العام.
وألغى السودان في 2020 دعم الوقود وخفض بشدة دعم الطحين "الدقيق" في إطار إصلاحات تابعها صندوق النقد الدولي.
وقال عبد الله إن تغييرات الأسعار الجديدة تعني خفض الدعم في المتوسط إلى 69 بالمئة من 95 بالمئة، في إطار برنامج مدته ثلاث سنوات لرفع الدعم.
ويشهد السودان احتجاجات متواصلة في مدن وولايات بينها العاصمة الخرطوم، وأم درمان، وغيرها، تلبية لدعوات من تجمع المهنيين السودانيين وقوى سياسية أخرى تعارض الإجراءات التي اتخذها رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان في 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2021.