ففي رسالته بمناسبة عيد ميلاده الستين، طلب الملك عبد الله الثاني من الديوان الملكي الهاشمي البدء بتنظيم ورشة عمل وطنية، تجمع ممثلين من أصحاب الخبرة والتخصص في القطاعات الاقتصادية، وبالتعاون مع الحكومة، لوضع رؤية شاملة وخارطة طريق محكمة للسنوات المقبلة.
وتناول الملك في رسالته ملامح مستقبل الأردن في إطار رؤية وطنية شاملة عابرة للحكومات يشارك فيها الجميع. مؤكدا أن هذه الرؤية تتطلب جهوداً مكثفة تبني على مواطن القوة وتعالج نقاط الضعف، في التخطيط والتنفيذ، بما يرفع سوية الأداء في مختلف القطاعات، ويوفر الفرص والخدمات لكل الأردنيين.
ورشة وطنية
ولفت الملك إلى أهمية أن تضمن هذه الرؤية إطلاق الإمكانيات، لتحقيق النمو الشامل المستدام، الذي يكفل مضاعفة فرص العمل المتاحة لأبنائنا وبناتنا، وتوسيع الطبقة الوسطى ورفع مستوى المعيشة لضمان نوعية حياة أفضل للمواطن، وفقا للغد الأردنية.
وأكد أنه سيتابع تنفيذ هذه الرؤية، لتشكل بما تتضمنه من خطط وبرامج، المرتكز الأساسي لكتب التكليف للحكومات، وبما يضمن الاستمرارية في الإنجاز للحكومات والمسؤولين، والحيلولة دون إعادة صياغة الخطط والاستراتيجيات كلما حلت حكومة محل أخرى.
وقال رئيس الوزراء الأردني الدكتور بشر الخصاونة إن حكومته ستبدأ فورًا في تنفيذ توجيهات الملك، بالتواصل مع قطاعات السياحة والزراعة والنقل، واسترجاع الميزة النسبية التي كانت موجودة في قطاعات الصحة والسياحة العلاجية والرقمنة، وكذلك البدء في التحديث الإداري ورفع الكفاءة وتمكين الاستثمار المحلي وتحفيزه، وجلب الاستثمارات الأجنبية، وإعطاء الأولوية لمواجهة تحديات البطالة عبر شراكات حقيقية مع القطاع الخاص والقطاعات الحيوية والإنتاجية.
خطة مستدامة
أكدت لما جمال العبسة، الخبيرة الاقتصادية الأردنية، أن طلب العاهل الأردني بتنظيم ورشة عمل وطنية لأصحاب الخبرة والاختصاص في القطاعات الاقتصادية المختلفة بالتعاون مع الحكومة من أجل وضع رؤية شاملة وخارطة طريق محتملة للاقتصاد الأردني، ليست المرة الأولى من نوعها.
وبحسب حديثها لـ "سبوتنيك"، سبق وأن تم المطالبة بتشكيل لجان اقتصادية خاصة وورش عمل متعددة، ودائمًا يكون هناك حماس في البداية والكل يرمي بقوسه باتجاه التصحيح الاقتصادي، لكن في نهاية المطاف، لا شيء يتم إنجازه على أرض الواقع.
وتابعت: "النقطة الأساسية في الأمر الملكي تتركز حول الأشخاص المشاركين، هل سيتم الاستماع لوجهة النظر الأخرى والاستعانة بأصحاب الخبرات والكفاءات أم سيتم الاستعانة بالمستفيدين من إبقاء الأردن بهذا الوضع الاقتصادي المؤلم والمحزن؟".
وبشأن ما يحتاجه الأردن في الخطة الاقتصادية، قالت العبسة إن الأردن يحتاج لكل شيء بداية من نظام اقتصادي مستدام بالمعنى الحقيقي، حيث عانى الأردن في ظل الحكومة الحالية والحكومات السابقة من عدم وجود خطة مستدامة على الإطلاق، حيث تعتمد كل الخطط الاقتصادية والمالية على الضريبة وكيفية تحصيلها وزيادتها وتضييق الخناق على المواطنين.
وترى الخبيرة الأردنية أن الاقتصاد الأردني بحاجة لخطط مستدامة، على الأقل خطة متوسطة المدى على مدار 5 سنوات قادمة لا تتغير بتغير الحكومات، إضافة إلى ضرورة الاستعانة بالأشخاص ذوي الكفاءة، والذين يقرأون الواقع بشكله الحقيقي، ويبحثون عن حلول للأوضاع الحالية.
القضاء على البيروقراطية
بدورها اعتبرت الدكتورة صباح الشعار، عضو مجلس النواب الأردني السابق، أن الرسالة الملكية التي جاءت بمناسبة عيد ميلاده الستين تضمنت تقييما وجاء فيها أن الحكومات لم تستطع ترجمة التوجيهات الملكية في تحسين مستوى معيشة المواطنيين في ظل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة التي وصلت إلى أرقام قياسية خلال السنوات الماضية فضلا عن استقطاب الاستثمارات الأجنبية والعربية.
وبحسب حديثها لـ "سبوتنيك"، استدرك الملك عدم قدرة الحكومات في تحسين مستوى معيشة المواطن الأردني وخلق فرص عمل لآلاف الشباب العاطلين عن العمل بعد مؤشرات تبين وصول أرقام البطالة في الأردن بين فئة الشباب إلى 50% خاصة بين خريجي الجامعات وسيقود الديوان الملكي كحكومة ظل الورش والمناقشات مع خبراء اقتصاديين وقيادات محلية من مختلف مناطق المملكة للخروج بخطة واستراتيجية وطنية تشكل خارطة طريق مستدامة بعيدا عن رحيل الحكومات وخططها التي ترحل معها.
وأوضحت الشعار أن أروقة الديوان الملكي حاليا تشهد نشاطًا غير مسبوق لترجمة التوجيهات الملكية لكي يلمسها المواطن الأردني بشكل سريع وسيكون القطاع الزراعي والصناعي على أولوياتها في ظل الحديث عن الأمن الغذائي العالمي فضلا عن استثمارات خليجية وخصوصا دولة الإمارات التي فاقت استثماراتها دولا أجنبية وعربية.
وبينت الشعار أن الرسالة الملكية وضعت يدها على الجرح الذي تعاني منه الدولة الأردنية وهو الخوف والارتجاف من قبل المسؤولين في اتخاذ القرارات المهمة والبيروقراطية التي أضاعت المليارات على الأردن فضلا عن الشد العكسي الذي اختبأ وراءه الكثير من المسؤولين خصوصا عباءة العشائرية التي باتت عند البعض واضحة في محاربة خصومهم من المستثمرين.
وكان وزير التخطيط والتعاون الدولي الأردني ناصر الشريدة، قال إن عدد العاطلين عن العمل في بالبلاد بلغ 425 ألف شخص تقريبا، بنهاية الربع الثالث من عام 2021.
واعتبر الوزير الأردني أن معدل البطالة في الأردن "ما زال يشكل تحديا كبيرا" إلا أنه في الربعين الثاني والثالث من العام الماضي "شهد بعض التحسن"، مشيرا إلى أنه انخفض من 25% إلى 23.2% بين الذكور والإناث.