ووصلت الدوحة إلى مكانة أكبر من بقية دول الخليج، رغم حرص الأخيرة دائمًا على علاقات متقدمة مع الولايات المتحدة الأمريكية، حيث باتت من الحلفاء المقربين من واشطن في عهد إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن.
وعبّر بايدن مؤخرا عن العلاقة القوية، بعد أن أعلن "اعتزام بلاده تصنيف الدوحة كحليف رئيسي من خارج حلف الناتو، وهو القرار الذي يسمح بعلاقات عسكرية وتجارية أوسع بين البلدين".
وطرح البعض تساؤلات بشأن كيفة نجاح قطر في توطيد علاقاتها مؤخرًا مع أمريكا وأوروبا، والمصالح التي قد تحصل عليها بالمقابل، وكذلك الفوائد التي تعود على واشنطن من هذه العلاقة.
علاقات قوية
وقبل أسبوع صرح الرئيس الأمريكي جو بايدن، بأن "قطر صديق عزيز وشريك موثوق وقادر، وسأبلغ الكونغرس نيتي بتصنيف قطر بكونها حليفا رئيسيا للولايات المتحدة من خارج حلف الناتو بما يعكس أهمية علاقاتنا"، مؤكدا أن "هذه الخطوة كان يجب أن تتخذ منذ وقت طويل".
وتقول وزارة الخارجية الأمريكية إن "تسمية دولة كحليف رئيسي غير عضو في حلف الناتو تعد رسالة رمزية لقوة العلاقات الوثيقة التي تربط الولايات المتحدة بتلك الدولة"، وفقا لشبكة "سي.إن.إن" الأمريكية.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) جون كيربي، إن "هذا التصنيف سيغير الطريقة التي تتعامل بها الولايات المتحدة وجيشها مع قطر".
وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، "أبلغ الكونغرس عن نيته منح قطر صفة الشريك الرئيسي خارج حلف الناتو".
واستقبل الرئيس الأمريكي جو بايدن، الاثنين الماضي، أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، وناقشا أمن منطقة الخليج في ظل الهجمات الحوثية الأخيرة التي استهدفت الإمارات والسعودية، بجانب قضايا ثنائية أخرى.
مصالح أمريكية كبيرة
اعتبر الدكتور رامي الخليفة العلي، المحلل السياسي والباحث في الفلسفة السياسة في جامعة باريس، أن "الركن الأساسي في استراتيجية قطر في المنطقة، وعلى مستوى العلاقات الخليجية هو التحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية، وضمن المنظومة الخليجية التحالف مع أمريكا هو جزء من منظومة الأمن القومي لكل دولة من دول الخليج، وبالتالي هو ركن أساسي تعول عليه الدوحة كثيرًا".
وأضاف العلي في حديثه لـ "سبوتنيك": "بالنسبة لقطر تستفيد من العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية بأن يكون لها دور في المنطقة، حيث كانت العلاقة مع أمريكا دائمًا غطاءً وحماية للإمارة الخليجية خلال السنوات الماضية".
وتابع: "إضافة إلى ذلك العلاقة مع أمريكا تسمح بهامش من الحركة لدولة قطر، سواء على مستوى وساطاتها على المستوى الإقليمي والدولي، أو فيما يتعلق بتنويع علاقاتها على المستوى الدولي ما يعطي قوة للسياسة الخارجية القطرية".
وأردف: "ما بالنسبة للولايات المتحدة، فهي تستفيد من العلاقات مع قطر بحسب العلي، من عدة جوانب، الأول الجانب العسكري حيث تستضيف الأراضي القطرية أكبر قاعدة عسكرية أمريكية، وهي قاعدة برية تجاوزت أمريكا عبر تواجدها في دولة قطر كل الإشكاليات التي واجهتها خلال وجودها بالمملكة العربية السعودية، حيث كان هناك معارضة على المستوى الداخلي في السعودية وهذا الأمر غير موجود في قطر، فالناحية العسكرية مهمة للغاية".
ويرى العلي أن "هنالك جانبًا آخر لعبت فيه قطر دورا هاما خلال الفترة الماضية، حيث أبقت قطر على علاقاتها مع بين أعداء الولايات المتحدة، فكانت الأقدر من غيرها على لعب دور الوساطة، سواء مع طالبان أو مع بعض الحركات المتشددة، وبالتالي لعبت في هذا المجال دورا وظيفيا بالنسبة لأمريكا، ولطالما استعانت بها للوصول إل أماكن وقيادات وأحزاب وتيارت سياسية لم تستطع أمريكا بحكم طبيعة العلاقات وسياساتها في المنطقة الوصول إليها.
واستطرد: "حيث مثلت قطر قناة تواصل ما بين حزب الله اللبناني وأمريكا، وكذلك حركة طالبان، والإخوان المسلمين وغيرها من التيارات، ولعبت قطر دور الوسيط ما بين عدة دول متناقضة ومتنافرة، وكل هذه الأسباب تجعل لقطر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية".
وساطة قطرية مميزة
اعتبر المحلل السياسي القطري عبدالله الخاط، أن "تنامي العلاقات القطرية مع أمريكا ودول أوروبا، جات في إطار تعزيز الدوحة لدورها كوسيط لحل الأزمات الإقليمية والعالمية، حيث تمتلك علاقات قوية مع معظم بلدان العالم".
وقال في حديثه لـ "سبوتنيك": "قطر لديها علاقات متميزة مع أوروبا، ولديها القدرة على الحراك في جانب الطاقة وتعزيز أمن الطاقة لأوروبا، كما تملك علاقات متميزة مع روسيا، وتجمعهما تفاهمات بشأن الطاقة النظيفة والغاز، وكذلك لديها شراكة استراتيجية مع تركيا".
وتابع: "قطر فقط مهيأة للقيام بدور مماثل لما قامت به في أفغانستان، فهي اليوم حليف أساسي مع الولايات المتحدة الأمريكي، وهي الأقدر على فك رموز الأزمة الأوكرانية، وتملك بشكل استثنائي مفاتيح حل القضية التي تؤرق العالم، من خلال علاقاتها المتقدمة مع جميع محاور الأزمة".
ويرى الخاطر أن "قطر لديها خبرات كبيرة اكتسبتها من ممارساتها خلال الفترة الأخيرة، وحازت على ثقة جميع الأطراف، إضافة إلى أنها حليف استراتيجي للولايات المتحدة وهذا يعطيها الثقة المطلقة والمكانة التي تجعل من سعيها يحتل أهمية قصوى لدى المجتمع الدولي وجميع الأطراف، وهذا ما يذلل أي صعاب في طريق الحل".
وكان مفوض السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، قد قال إن "الاتحاد الأوروبي يعمل مع الولايات المتحدة وقطر وأذربيجان على مسألة الغاز، وذلك حال قررت روسيا تخفيض إمدادات الغاز في ظل التوترات مع أوكرانيا".