الحكومة الجديدة حال تشكيلها تتوفر لها أرضية مشتركة وحالة توافقية بنسبة كبيرة عن سابقتها، غير أن موقف حكومة الوحدة الوطنية من تسليم السلطة يظل التساؤل الأبرز حتى اللحظة، خاصة أن التصريحات السابقة لرئيس الحكومة تشير لعدم تسليم السلطة.
وصوّت مجلس النواب الليبي، أمس الاثنين، لصالح خارطة الطريق السياسية للمرحلة المقبلة، فيما يصوّت على اختيار رئيس جديد للحكومة يوم الخميس المقبل.
وأعلن رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، في جلسة الاثنين، أنه تم استبعاد 5 من المترشحين لمنصب رئيس الحكومة الجديدة، ليتم الاستقرار على ترشح وزير الداخلية في حكومة الوفاق الوطني السابقة، فتحي باشاغا، وخالد عامر البيباص.
تتوافق رؤية الخبراء في بعض النقاط وتتباين في أخرى، حول الفترة المقبلة، وما يمكن أن تقدمه الحكومة الجديدة في ظل التوافق الحاصل بين الشخصيات الفاعلة في المشهد الليبي، غير أن التغيرات المفاجئة تظل محتملة على الساحة الليبية، طبقا لما شهدته السنوات الماضية.
من ناحيته، قال المحلل السياسي الليبي، محمد الأسمر، إن "الانقسام في المشهد الليبي وارد وأنه واقع في الوقت الراهن على كافة المستويات".
ما احتمالية تكرار التجارب السابقة؟
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أنه "لا توجد أي ضمانات لعدم تكرار تجارب حكومة الوفاق أو "الوحدة الوطنية" إلا أن تنفيذ الاستحقاقات والالتزامات هو الضروري في الوقت الراهن عبر حكومة تصريف الاعمال إن جدد لها البرلمان أو الحكومة الجديدة إن كلفها المجلس".
وأشار إلى أن "الالتزامات تتمثل في المدد الزمنية الخاصة وأنها في الماضي كانت مناطة بالمجتمع الدولي المتمثل في البعثة الأممية، والأمم المتحدة ومجلس الأمن بما أصدره من قرارات، ولم ينفذ أي من هذه الالتزامات بداية من حكومة الوفاق التي استمرت لنحو 6 سنوات".
ويرى الأسمر أن "المجتمع الدولي لم ينفذ الالتزامات التي اقرت على سبيل المثال في قراري مجلس الأمن 2570، 2571، إذ تضمنا معاقبة معرقلي العملية السياسية وهو ما لم ينفذ حتى الآن، كما أن البعثة الأممية لم تبت في تصريحات الدبيبة بأنه لن يسلم السلطة".
تخوفات من صدام عسكري
تخوفات أخرى ترتبط بالجانب العسكري واحتمالية الاصطفاف خلف حكومة الدبيبة، إذ يشير الباحث السياسي الليبي إلى أن "عملية توحيد المؤسسة العسكرية غير ممكنة، إذ أن هناك بعض المجموعات المسلحة والمليشيات تساند رئيس حكومة الوحدة الوطنية ومنها من أعلن ذلك، الأمر الذي يمكن أن ينعكس على الوضع".
على مستوى الانقسام السياسي، يشير محمد الأسمر إلى أن "الحكومة أصبحت تمثل شرخا كبيرا، إذ أنها لا تعترف بقرارات البرلمان، وأن الأخير لا يعترف بها أيضا، فضلا عن الانقسام في مواقف البعثة الأممية بشأن إشكالية تغيير الحكومة من عدمها".
توافق الأطراف الفاعلة
في الإطار، قال المتحدث السابق باسم المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، محمد السلاك، إن "المعطيات الحالية وحالة التوافق بين الأطراف الفاعلة في مختلف أنحاء البلاد، ما يشير إلى أن المرحلة المقبلة مغايرة، وأن الحكومة الجديدة يمكنها أن تنجز ما أخفقت فيه الحكومات السابقة، لتوفر الأرضية التوافقية بين جميع المكونات".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "ما كان ينقص ليبيا هو طي صفحة الماضي والتجاوز عن الخلافات، وهو ما يتوفر بدرجة كبيرة في الوقت الراهن، الأمر الذي يمكن أن ينتج عنه توحيد المؤسسة العسكرية خلال الفترة المقبلة".
ورغم وجود بعض التيارات تعارض التوافقات الحالية وعلى رأسها تيار الإسلام السياسي الذي يساند رفض رئيس الحكومة لتسليم المهام، يشير السلاك إلى أن "فرص التوافق والانتقال للمرحلة الجديدة أكبر من عرقلتها".
موقف الدبيبة
وأشار السلاك إلى أنه "من الصعب توقع ما الذي يمكن أن يفعله رئيس الحكومة الحالي، إذ تؤكد تصرفاته منذ توليه رئاسة بأنه يأتي بكل ما هو غريب وعجيب، وأنه صرح بالفعل بأنه لن يسلم السلطة".
ويرى أنه "إذا توافقت الأطراف على الحكومة الجدية وفقا للأطر القانونية والنصاب القانوني في البرلمان، لن يكون أمام الدبيبة أي حجة قانونية لعدم تسليم المهام، سوى الاتكاء على بعض الدول التي تعارض اتجاه تغيير الحكومة".
خارطة الطريق
تحتوي البنود المتفق عليها بين الجانبين، تضمين خارطة الطريق في التعديل الدستوري الـ12، بعد الاتفاق على جميع النقاط التي تشمل الفترة الزمنية للحكومة، والتي ستكون في الأغلب مدتها ما بين عام ونصف العام إلى عامين، بحسب بعض النواب من البرلمان، كما أنه تحدد المدد الزمنية للاستفتاء والانتخابات، على أن تتولى الحكومة الجديدة مهمة الإشراف عليها.