فمن قلب حي الجلوم في مدينة حلب القديمة، يسرد "العكيد" الحكواتي بلباسه التقليدي قصص أبطال أشداء ينهضون بكل قواهم، يحاولون الطرق من داخل توابيتهم المظلمة والضيقة نحو الحياة والنور، يصارعون الشر فيغلبهم تارةً ويغلبونه تارات.
وعندما كان "العكيد" يغرق في شغف مدينته، كان يندمج مع حكاياته الآسرة ليشعر بأنه هو بطلها، فيما يجلس متابعيه مشدوهين وغير قادرين على تمييز الأحداث الحقيقية من الحكايا الخرافية.
العكيد الحكواتي، غزوان بوسطه جي، في حي الجلوم في مدينة حلب القديمة، سوريا
© Sputnik . Karim Taibi
هام حكواتي حلب عشقاً بمدينته، فحمل على عاتقه تعريف العالم بها، حيث يبين بوسطه جي في حديثه لوكالة "سبوتنيك" أنه يرى نفسه حارس الموروث الشعبي في حلب، ويعمل على إحياء الثقافة الشعبية فيها.
العكيد الحكواتي، غزوان بوسطه جي، في حي الجلوم في مدينة حلب القديمة، سوريا
© Sputnik . Karim Taibi
بوسطه جي الذي يعمل ككاتب وشاعر شعبي أيضاً، يفتخر بلقبه "العكيد" الذي اكتسبه لأنه يسرد حكايات حلب وتاريخها لجميع الناس كباراً وصغاراً وسيدات ورجال، مثقفون وعوام ليحفظوها كي لا تندثر.
العكيد الحكواتي، غزوان بوسطه جي، في حي الجلوم في مدينة حلب القديمة، سوريا
© Sputnik . Karim Taibi
"الدنيا قصص وحكايا"، يلخص بوسطه جي شغفه بمدينته بهذا المثل الحلبي الشعبي، مؤكدا أن حلب مدينة لا تموت، وأنها لا تتلخص بقلعتها أو بتاريخها فقط، فهذه المدينة العظيمة أكبر من ذلك، "حلب الطرب، المأكولات اللذيذة، الأسواق الشعبية، سكانها بماضيهم وحاضرهم، بذكرياتهم وآمالهم وأحلامهم"، كما يقول.
العكيد الحكواتي، غزوان بوسطه جي، في حي الجلوم في مدينة حلب القديمة، سوريا
© Sputnik . Karim Taibi
تترنح قصص التراث الحلبي على أنغام العود، فيما يتمايل الحضور على وقع الرقصة الحلبية الشهيرة التي تعد جزء لا يتجزأ من أي جمعة تضم الأصدقاء أو الأقارب في المدينة.
العكيد الحكواتي، غزوان بوسطه جي، في حي الجلوم في مدينة حلب القديمة، سوريا
© Sputnik . Karim Taibi
عبد الحي قدور، يرى أن إحياء تراث حلب يبدأ من هذه البيوت العربية العتيقة، بكل مكوناتها ابتداءً من الليوان إلى البحرة والأشجار، بالإضافة إلى الأثاث التراثي كالأدوات النحاسية والفخارية والخشب والكراسي وهذا كله من التراث المادي لحلب.
العكيد الحكواتي، غزوان بوسطه جي، في حي الجلوم في مدينة حلب القديمة، سوريا
© Sputnik . Karim Taibi
ويتابع قدور في حديثه لـ "سبوتنيك": "في كل فترة نقيم حفلات تضم مجموعات صغيرة متناغمة، نعزف على العود، ونستمع لحكايات الحكواتي لأنه يحكي عن عاداتنا وتقاليدنا التي يجب ألا ننساها ونعلمها لأطفالنا حتى يستمر هذا التراث ولا يندثر".
العكيد الحكواتي، غزوان بوسطه جي، في حي الجلوم في مدينة حلب القديمة، سوريا
© Sputnik . Karim Taibi
ومع كل مطلع شمس، يستمر حكواتي حلب في سرد حكايات مدينة لا تموت، مدينة تسطر تاريخها وتلخص مسيرة الإنسان لتثبت أنها جديرة بالحياة.