فهل تسهم الزيادات الكبيرة في أسعار النفط في التقليل من أزمات العراق؟
يقول الخبير الاقتصادي العراقي عبد الرحمن المشهداني، إن أي ارتفاع في أسعار النفط عالميا سيكون له أثر إيجابي على إيرادات الموازنة العامة، حيث أن هناك توقعات بأن يتم وضع تسعير للنفط في موازنة 2022، إن تم إقرارها، ما بين 55 - 65 دولار للبرميل.
وبالتالي تذهب تلك الزيادات السعرية الجديدة إلى الاحتياطيات، لكن الأمر غير الواضح هو مدى قدرة الحكومة القادمة على تمرير تلك الموازنة، خصوصا أنه حتى اللحظة هناك انسداد في الأفق السياسي في البلاد والمتعلق باختيار رئيس البلاد أو رئيس الوزراء.
الحالة العراقية
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "أعتقد أن الموازنة ربما لا يتاح إقرارها، وستظل الحكومة تعمل بقانون الإدارة المالية وإدارة الدين العام رقم 6 لسنة 2013، وبالتالي يمكن أن تكون هناك فوائض مالية خلال الأشهر القادمة نتيجة ارتفاع أسعار النفط يمكن أن تضم على العام المالي القادم 2023".
وأشار المشهداني إلى أن العراق بالنسبة لتذبذب أسعار النفط يختلف عن بقية الدول النفطية، فحتى الآن لم يتم تأسيس صندوق سيادي في البلاد، حيث تم الحديث عن هذا الصندوق منذ العام 2012، لكن لم يتم إقراره بشكل رسمي، كما تعالت تلك الدعوات في الآونة الأخيرة والتي طالبت بإنشاء صندوق سيادي تحت أي مسمى، من أجل الاحتفاظ بالفوائد المالية المتحققة، أو تخصص له نسبة الـ 3 في المئة التي كانت مخصصة لتعويضات الكويت، هذا الأمر يحتاج إلى تشريع برلماني ونحن إلى الآن لم يكتمل لدينا النصاب البرلماني المطلوب لانعقاده.
دورة الأسعار
وأوضح الخبير الاقتصادي أن هناك دورة يمر بها سوق النفط كل أربع أو خمس سنوات، بحدث انهيار كبير في الأسعار ثم يعود تدريجيا، وإلى الآن لم نصل إلى الطلب العالمي على النفط الذي كان قبل جائحة كورونا والذي يبلغ 102 مليون برميل يوميا، وبعد تلك الفترة الطويلة مع الجائحة بدأت الحياة اليوم تعود بشكل طبيعي وبالتالي سوف يزيد الطلب على النفط.
وتابع: "حتى الأزمة بين أوكرانيا وروسيا ليست مؤثرة في سوق الطاقة ولا يمكن ربط الزيادات الحالية بتلك الأزمة كما يروج البعض، فلا يمكن معاقبة روسيا وقطع إمدادات النفط عن أوروبا والذي يمثل الشريان الحيوي المحرك للاقتصاد الغربي، كما لا يمكن فرض عقوبات بمنع تصدير النفط الروسي، حيث أن روسيا البلد الثاني عالميا في إنتاج النفط بعد السعودية، لذا لا يمكن تعويض النفط الروسي".
الفساد المالي
من جانبه، يقول عادل الأشرم، الخبير الاقتصادي العراقي، إن التغيرات في أسعار النفط العالمية بالزيادة، يفترض أن يكون مردودها إيجابي باتجاه الشعب، لكن في العراق الذي يعتمد اعتمادا كليا على النفط في موازنته وتسيير أموره وفي كل ما يتعلق بالحياة اليومية للمواطن، وبالتالي عندما انخفضت أسعار النفط في السابق كان لها أثر مدمر وهدام على شريحة واسعة من الشعب، والآن هناك حالة عكسية "ارتفاع"، لكن هذا الارتفاع لا أعتقد أنه سيؤثر على المواطن كما حدث في حالة الانخفاض.
ويضيف في حديثه لـ"سبوتنيك" أن "التغيرات بالارتفاع في أسعار النفط سوف تستفيد منها الجهات الميليشياوية والتي تتحكم بكل شيء في العراق من خلف الكواليس، أي أن تلك الزيادات سوف توزع على خزائن الميليشيات كما ذهب الكثير من قبل".
الصندوق السيادي
وأكد الأشرم على صعوبة أن يكون هناك صندوق سيادي أمين ونزيه بالعراق يتلقى تلك الزيادات لمواجهة الأزمات والتقلبات في الأسعار والتي وصلت إلى الانهيار خلال السنوات القليلة الماضية، ومما لا شك فيه أن مثل هذا الصندوق لا يمكن أن يتوفر الآن في ظل المعطيات السياسية والأمنية الحالية، كما أن البيئة العراقية لا تسمح بأن يكون هناك مثل هذا الصندوق في هذا الوقت العصيب.
ووفقا لبيانات شبكة "بلومبرغ"، فقد تم تداول العقود الآجلة للخام الأمريكي "غرب تكساس الوسيط" عند 89.51 دولار للبرميل، بتراجع نسبته 0.41 في المئة عن سعر الإغلاق السابق، فيما جرى تداول العقود الآجلة لخام "برنت" عند 90.91 دولار للبرميل، بانخفاض نسبته 0.55 في المئة عن سعر التسوية السابق.
وقالت وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيفات الائتمانية، الثلاثاء الماضي، إن فرض عقوبات على إمدادات روسيا من النفط كما هو الحال مع إيران، سيؤدي على الأرجح إلى ارتفاع كبير في الأسعار وتعطل سلسلة التوريد العالمية.
وبحثت الولايات المتحدة وشركاؤها الأوروبيون عقوبات تستهدف إمدادات الطاقة الروسية بسبب الوضع في أوكرانيا، وشجعت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أخيرا منتجي الطاقة الرئيسيين على زيادة الإنتاج.
وأعلنت وزارة النفط العراقية، في الثالث من الشهر الجاري موعد ارتفاع الإنتاج النفطي للبلاد إلى أكثر من 4 ملايين برميل يوميا.
ونقلت وكالة الأنباء العراقية "واع" عن الوزارة قولها إن مارس/ أذار المقبل سيشهد ارتفاع الإنتاج النفطي إلى أكثر من 4 ملايين برميل يوميا.
وأشاد وكيل الوزارة لشؤون الاستخراج، كريم حطاب، بما حققته الوزارة من زيادة في الإيرادات المالية لعام 2021، بعد أن شهدت ارتفاعا في مجموع الإيرادات المالية المتأتية من الصادرات النفطية إلى (75,650) مليار دولار، بزيادة ملحوظة عن توقعات موازنة العام الماضي.