واعتبر رئيس وفد المفاوضات غير المباشرة في ملف ترسيم الحدود مع إسرائيل، العميد الركن اللبناني بسام ياسين، أنه "في المفاوضات هناك تنازلات ولا أحد يأخذ كل شيء، وأن هذا أمر طبيعي".
وقال العميد الركن بسام ياسين في تصريحات متلفزة، إنه "لا يمكن التنازل من دون أي مقابل، وأن إعلان لبنان أن خطه التفاوضي هو الخط 23، يعد خسارة منذ البدء، ونحن دفعنا كل شب وببلاش، ونحن حققنا لإسرائيل ما تريده".
وطرح البعض تساؤلات بشأن الأسباب التي دفعت الحكومة اللبنانية للتنازل دون مقابل في مفاوضات ترسيم الحدود، وعن الآثار السياسية والاقتصادية التي ستعود على لبنان من هذا التنازل.
أهداف إسرائيلية
وأشار العميد بسام ياسين إلى أن "ما حصل اليوم، هو أننا تنازلنا وأعلنا خطنا الـ23، وإسرائيل حققت أهدافها بضربة واحدة، ونحن لم نستفد بشيء".
وأضاف ياسين: "كان لدينا خط أحمر قبل المفاوضات، وهو ألا ننزل على التفاوض وتتم محاصرتنا بالـ860 كيلومتر، وقد حصلنا من رئيس الجمهورية ميشال عون على موافقة على ذلك، وكان كل هدف الإسرائيلي والأمريكي في المفاوضات هو حشرنا بـ"860 كلم" ولم ينجحوا ونحن لم نتنازل"، موضحا أن "نقطة البدء في الترسيم هي رأس الناقورة، وهذا مصدر خلاف كبير بقي لآخر يوم في المفاوضات".
وتابع: "الخط 23 ليس له أي أسس قانونية، وقد رسم غوغائياً، وليس هناك أي قاعدة ترسيم يتبعها، وهو انطلق من البحر ولم ينطلق من رأس الناقورة، والخطان القانونيان، هما "خط هوف" و"خط 29"، وفقا لموقع النشرة.
خلافات قائمة
اعتبر المحلل السياسي اللبناني ميخائيل عوض، أن اعتماد لبنان الخط 23 للتفاوض البحري مع إسرائيل فسره البعض أنه بمثابة تنازل مجاني لإسرائيل، عن الحقوق البحرية اللبنانية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، ويأتي ذلك ربما دفعًا للمخاطر أو محاولة لاسترضاء أمريكا في بعض الملفات المأزومة، لا سيما في ملفات التهديد الأمريكي بفرض عقوبات على بعض المسؤوليين اللبنانيين.
وأكد المحلل اللبناني أن هناك طرفًا آخر يعتبر هذه هي الحدود البحرية اللبنانية التي يجب التفاوض عليها، مؤكدًا أن الموضوع في كل الأحوال أصبح خلافيًا، في لبنان، والخلافات في عمق الدولة والمؤسسات، وكذلك في الفريق المفاوض مع إسرائيل وأمريكا.
أما على المستوى الشعبي- والكلام لا يزال على لسان عوض- لبنان يعلم أنه يملك عناصر قوة وقدرة على استعادة الحقوق النفطية والغازية والحدود البحرية، كما استعاد من قبل بفعل المقاومة جزءًا أساسيًا من الأراضي التي احتلتها إسرائيل لمدة تزيد عن 40 عامًا.
ويرى أن ملف ترسيم الحدود معقد ولن يصل إلى نتيجة، وفي اللحظة المناسبة سيتدخل حزب الله ويعلن عن الحقوق اللبنانية وأنه لن يفرط بها، وستستجيب إسرائيل، أو يتم تعليق التفاوض، وكذلك تعليق عمل الشركات التي ألزمتها إسرائيل لاستخراج الغاز من المربعات البحرية التي تقع على حدود لبنان.
فوائد شخصية
بدوره أكد أسامة وهبي، الناشط المدني اللبناني، أن هناك انقسامًا كبيرًا في لبنان حول الخط الذي يجب أن يعتمد في ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، وهناك الكثير من الحسابات الضيقة عند كل طرف من الأطراف السياسية المعنية بهذا التفاوض.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الوفد اللبناني المفاوض يترأسه العميد بسام ياسين، وهو يعرف جيدًا حقوق لبنان المائية ولديه كل الدلائل والمستندات التي تقول إن الخط 29 هو الخط التفاوضي، إلا أن رئيس الجمهورية والسلطة السياسية في رئاسة الحكومة والنواب تنازلت عن الخط 29، وقال رئيس الجمهورية إن الخط 23 هو خط التفاوض.
وتابع: "ولذلك يكون لبنان على لسان رئيس جمهوريته تنازل عن الحق اللبناني ضربة واحدة دون أن يأخذ أي شيء بالمقابل من إسرائيل، وهذا ما صرح به العميد بسام ياسين الذي قال إن تصريح عون أعطى للعدو كامل ما يطلب به دون الحصول على شيء بالمقابل".
ويرى الناشط المدني أن هذا يعد تنازلا خطيرا عن الحق اللبناني وسيحرم لبنان والأجيال القادمة من الثروة النفطية والغازية ومن آلاف الكيلومترات من المياه الإقليمة اللبنانية، وهذا يعتبر كما وصفه ياسين خيانة أقدم عليها رئيس الجمهورية والسلطة السياسية في لبنان كما أن العميد ياسين طلب توضيحا من رئيس الجمهورية لكنه لم يأت.
واستطرد: "رئيس الجمهورية لديه اعتبار وحيد يتحكم بقراره وهو أن يقايض الأمريكيين بالتنازل عن الخط 29 مقابل رفع العقوبات الأمريكية عن صهره جبران باسيل، والذي يعاني في لبنان من فقدان شعبيته وحظوظه بالوصول لرئاسة الجمهورية، ففي لبنان هناك سلطة تتنازل عن الحق اللبناني مقابل لا شيء، طمعا في مآرب شخصية ضيقة".
والأسبوع الماضي، ووصل الموفد الأمريكي آموس هوكشتاين إلى بيروت في زيارة يبحث خلالها مع مسؤولين لبنانيين مسألة ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل.
وأبدى الرئيس اللبناني ميشال عون استعداد بلاده لدراسة المقترحات الجديدة التي قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية.
وقال بيان صادر عن رئاسة الجمهورية إن الموفد الأمريكي تقدم باقتراحات ستتم دراستها انطلاقا من الرغبة في التوصل إلى حلول بهذا الشأن. ومن المقرر أن يستمر التواصل مع الجانب الأمريكي تحقيقا لهذ الهدف، بحسب البيان.