تعددت الحكومات المؤقتة بل تجاوزت العشر حكومات ولكن شيئا لم يتغير، ومشاكل السيولة النقدية وشحها في البنوك هذه الأزمة التي بدأت أواخر عام 2015 ولم يتم حلها هذه اللحظة رغم وعود الحكومات المتعاقبة بحلها، وانتخابات برلمانية ورئاسية تأمل الليبيون أن تكون في 24 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ولكن تم تأجيلها لفترة قادمة لم يتم تحديدها بشكل رسمي حتى اللحظة.
في هذا الإطار يقول المحلل السياسي، هيثم الورفلي، لـ"سبوتنك": "إن المفوضية العليا للانتخابات طالبت مجلس النواب بالقوانين في شهر يوليو/ تموز ولكنْ مجلس النواب ماطل ولم يعمل عليها إلا في سبتمبر/ أيلول، الكثير وصفوها بأنها معيبة عندما وصل عدد المرشحين للانتخابات الرئاسية لـ 98 مرشحا، وأكثر من 5000 مرشح للانتخابات البرلمانية، بالنسبة لي لا آراها معيبة إلا بدخول شخصيات مرشحة لم تكن في الحسبان".
عرقلة الانتخابات
أوضح الورفلي أن "دخول سيف الإسلام القذافي على الانتخابات أربك المشهد، فالكل يعلم بأنه هو القوى القاهرة التي منعت إجراء الانتخابات تحديدا المجتمع الدولي الذي يعي ذلك جيدا، بالنسبة لي استمعت لأكثر من مرة لتصريحات السفير الأمريكي في ليبيا بدعوته المعلنة للانتخابات، وسوف يُعاقب كل من يُعرقل هذه الانتخابات، وبعد منع ترشح سيف الإسلام توقف السفير الأمريكي عن التصريحات بعد أن أوقفت المفوضية ترشح سيف الإسلام وذلك عقِب حُكم المحكمة ببطلان ترشيحه".
وأكد المحلل السياسي أن هناك ضغوط كبيرة على المفوضية العليا للانتخابات من جميع الأطراف المحلية والدولية، وبهذا لم تصدر المفوضية القائمة النهائية للمرشحين للرئاسة.
وأشار أن من أهم أسباب التأجيل "هو دخول تيار الإسلام السياسي الذي حاول عرقلة الانتخابات وكذلك انتشار السلاح على الأرض، وسيطرة المجموعات المسلحة على الكثير من المدن وحرق بعض المراكز الانتخابية من قِبل المجموعات المسلحة، كل هذه الأسباب كان سبب رئيسي في عدم إجراء الانتخابات في ديسمبر الماضي".
وقال إنه "بالنسبة لترشيح عبد الحميد الدبيبة للانتخابات الرئاسية كانت هناك معارضة كبيرة من نشطاء المنطقة الشرقية، خاصة وأنه تعهد بعدم الترشح للانتخابات بعد أن جاء عن طريق حوار جنيف، وبالتالي حدثت عدة عدة مشاكل لوم يكن هناك توافق على الأرض".
وتابع: "أجلت الانتخابات بالرغم من تأكيد عماد السايح رئيس المفوضية العليا للانتخابات، بجاهزية المفوضية لإتمام العملية الانتخابية، غير أنه أثبت عدم استعداد المفوضية في جلسة المحاسبة التي أمتثل فيها أمام مجلس النواب الليبي في طبرق"، مؤكدا أن مجلس النواب وضع خارطة جديدة تحدد مدة 14 شهراً لقيام الانتخابات من جديد.
ترشيح باشاغا
ولفت إلى أن "ترشيح باشاغا أمر مرحب به لأن جاء عن طريق اتفاق ليبي، يعتبر الأول منذ الانقسام الذي حدث عام 2015 وولادة المجلس الأعلى للدولة الذي جاء عن طريق حوار الصخيرات"، معتبرا أن باشاغا هو الأنسب في الوقت الحالي لرئاسة الحكومة، أما فيما يخص عبد الحميد الدبيبة فلم يتوقع أن يتحصل باشاغا على 120 صوتا في جلسة مجلس النواب التي صوتت بالأغلبية لباشاغا".
وأضاف أن المؤسسات سوف تتوحد بشكل حقيقي وهذا أهم سبب عجز عنه الدبيبة الذي جاء لتوحيد المؤسسات ولكنه فشل في ذلك، بل أنه لم يتمكن حتى من زيارة مدينة بنغازي وأغلب مدن ليبيا ولم يسيطر إلا على الساحل الغربي الممتد من مدينة مصراتة، وحتى رأس جدير غربا وهذا ما حدث في عهد حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج.
مشيرا إلى أن "بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا كانت قد وضعت شروط لمجلس النواب على تغيير الحكومة بوضع فترة زمنية لقيام الانتخابات، لذلك تم الاتفاق على مدة 14 شهراً لحدوث الانتخابات بتشكيل اللجان القانونية، ولكن يجب أن يكون هناك زخم شعبي كبير من الشارع الليبي لضمان إتمام العملية الانتخابية حتى نصل لتدوال سلمي حقيقي في ليبيا، وهناك من يرى بأن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا زادت الأمور تعقيدا بعدم معاقبة وملاحقة كل من ساهم في عرقلة حدوث الانتخابات، وهناك من يرى بأنها ترك الأمر لحوار ليبي أنجب حكومة مؤقتة ربما ستكون الانتقالية الأخيرة التي ستصل بهم إلى بر الأمان".
مراحل انتقالية صعبة
من جانبه يوضح الناشط السياسي محمد قشوط في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "العملية الانتخابية التي كانت ستُجرى في ديسمبر الماضي كانت تمثل لنا نافذة أمل للخروج من الأزمة التي نعيشها قبل 7 سنوات، ونقول 10 سنوات مررنا من خلالها بمراحل انتقالية صعبة كل فترة فيها نتأمل أن تكون الأفضل ولكن للأسف تكون أصعب من التي قبلها والأمور تزداد تعقيدا، كنا مستعدين لانتخابات ديسمبر، كان الزخم الشعبي كبير وصل عدد الناخبين لأكثر من 2 مليون وكنا على استعداد لخوض هذه العملية الانتخابية، ولكن هناك من يرى بأن هذه العملية تهدد مستقبله السياسي وسوف يقصون من المشهد لذلك ساهموا في إفشال العملية الانتخابية برمتها، من أجل استمرار الأزمة ومن أجل البقاء في المشهد، بالإضافة لخذلان المجتمع الدولي لنا وذلك بتقديم الوعود بمعاقبة المعرقلين وتهديدهم بالعقوبات، ولكن يوم 24 ديسمبر أثبت المجتمع الدولي أنه عاجز في الإيفاء بوعوده للشعب الليبي، ويبدوا أن هناك أطراف دولية لا تريد الاستقرار لليبيا".
وعن اختيار باشاغا بديلا للدبيبة، أكد أنه "كان نتاج فترة فاشلة مرت بها حكومة الدبيبة بعد مضي 9 أشهر من منح الثقة لها من مجلس النواب، حيث وضع فيها الليبيون كل الثقة لتنفذ ما جاءت من أجلة في اتفاق جنيف، منها تحسين الوضع المعيشي ودعم العملية الانتخابية وتوحيد المؤسسات لكن هذه الحكومة أنحرفت عن مسارها وأصبحت تحقق في طموحات عائلة الدبيبة فقط".
ويصف قشوط، حكومة الدبيبة بأنها "أفسدت الحياة السياسية في ليبيا، حيثُ مارست سياسة شراء الذمم، وتعمدت إفشال العملية الانتخابية من أجل الاستمرار في المشهد كل هذه الأسباب كانت كفيلة بتغييرها بحكومة بديلة قد تكون أفضل منها وهذا ما نتمناه".
ويرى قشوط أن "تكليف باشاغا كان نتاج لقاء الأطراف الفاعلة على الأرض في لقاء بنغازي الذي دعا له المشير حفتر وكان باشاغا أحد أطرافه الرئيسية بناءً على قناعة بأن الليبيون اليوم يجب أن يتنازلوا لبعضهم البعض، إذ يجب أن يقرروا مصيرهم لوحدهم وبأن الإرادة الوطنية يجب أن تكون هي الكلمة العليا وليست الإرادة الدولية أفشلت لفجأة العملية الانتخابية، ولم تفي بوعودها للشعب الليبي وتهديد المعرقلين بالعقوبات، كل هذه النقاط دفعت مجلس النواب والأطراف السياسية للاتجاه نحو تشكيل حكومة جديدة".
مصلحة ليبيا
ويقول قشوط: "أما الأمر الأخر فإن باشاغا من الشخصيات الفاعلة في المشهد السياسي الليبي وإن اختلفنا معه، يجب علينا أن ننسى خلافاتنا فبلادنا باتت مهددة بالانقسام وعلينا أن نتفق إذا كنا نريد مصلحة ليبيا، باشاغا لديه حاضنة شعبية، ويمتلك الثقل الاجتماعي ويمتلك القوى التي تؤهله لأن يكون شخصية ناجحة، أتمنى يستفيد من تجربة وفشل السيد عبدالحميد الدبيبة في إدارة الدولة حتى يذهب بالدولة الليبية لتأسيس ملامح دولة نذهب بعدها لانتخابات تنتج برلمان ورئيس في أجواء أكثر استقراراً من الآن".
وتابع "بعد مشاهدة الممارسات التي أفسدت العملية الانتخابية من عدة أطراف وبعد تقرير اللجنة البرلمانية التي قُدمت لمجلس النواب وذكرت فيها الأسباب القاهرة التي أفشلت العملية الانتخابية، أصبحنا نفكر في حكومة تكون قادرة على توفير المطالب للشعب الليبي أصبح هدف ومطلب رئيسي، اعتقد أن المدة التي وضعت هي 14 شهر واعتقد أن تصل لأكثر من ذلك في مدة أقصاها عامان".
ويؤكد أن "14 شهرا هي المدة المبدئية التي حددت من قبل مجلس النواب الليبي، فأغلب تساؤلات أبناء هذا الشعب هل ستكون هناك انتخابات رئاسية وبرلمانية وتغيير حقيقي لكل الأجسام الحاكمة أم أن القوى الفعلية على الأرض ستزيد الأمور تعقيدا ويحرم الليبيون من تحديد مصيرهم، ربما الأشهر القادمة كفيلة بتبيان كافة الأحداث".
أبرز المستبعدين من سباق الانتخابات الرئاسية في ليبيا
© Sputnik