وجاء في بيان صحفي صادر عن لجنة القضاء على التمييز العنصري (CERD) أن "اللجنة شكلت لجنة مصالحة خاصة"، تعمل ضمن مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
وقال خبراء إن القرار يعد انتصارًا للدبلوماسية الفلسطينية في مواجهة إسرائيل، حيث يمكن للقرار أن يفتح الباب أمام المزيد من الملاحقات الدولية لقادة إسرائيل، ويعد دليلًا يمكن الاستعانة به في الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية لمقاضاة إسرائيل.
لجنة المصالحة
وبحسب البيان الأممي، ستوفر لجنة المصالحة الجديدة "مساعيها الحميدة لكل من دولة فلسطين وإسرائيل بهدف حل الصراع حول مزاعم التمييز العنصري بشكل ودي".
يذكر أن (CERD) هي هيئة من الخبراء المستقلين التي ترصد تنفيذ اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري من قبل الدول الأطراف فيها.
وكانت لجنة المصالحة قد عقدت اجتماعين تحضيريين عبر الإنترنت في 19 يناير/كانون الثاني و10 فبراير/شباط من هذا العام، حيث اعتمدت خلالهما نظامها الداخلي وانتخبت، غون كوت، رئيسا لها، وفيها 5 خبراء هم: فيرين شيبرد، وغون كوت، وبانسي تلاكولا، وتشينسونغ تشونغ، وميشاي بالسيرزاك. والخبراء المعينون مستقلون عن أي حكومة أو منظمة، ويعملون بصفتهم الشخصية، وفقا لـ"روسيا اليوم".
وستقوم لجنة المصالحة بمراجعة المعلومات والأدلة وإعداد تقرير يسلط الضوء على نتائجها وتوصياتها من أجل الحل الودي للصراع.
فتح باب الملاحقات
اعتبرت حكمت المصري، الباحثة الفلسطينية أن القرار يعتبر دليل إثبات على الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة خصوصًا في ظل الظروف الصعبة التى يعيشها الشعب الفلسطيني.
وأكدت أنه من الممكن توظيف عمل اللجنة، واستخدامه أمام هيئة الأمم المتحدة ومنظمة العفو والجنائية والعدل الدولية وأي قضاء عالمي آخر، ويمكن أن يوظف ويستخدم كتقرير يقدم لهيئات اتفاقيات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وهي لجنة القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري ولجنة حقوق الإنسان ولجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ولجنة مناهضة التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية المهينة التي يتعرض لها الفلسطينيون.
وبحسب حديثها لـ "سبوتنيك"، بناء على ما يمكن أن يورد في التقرير يمكن مطالبة هيئة الأمم المتحدة بإرسال لجنة تحقيق دولية للتحقيق في التمييز العنصري وتحديد جريمة الفصل العنصري كجريمة ضد الإنسانية، استنادا على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بهدف ضمان محاسبة ومساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة من قبل إسرائيل.
وتابعت: "بالإضافة إلى أن الشعب الفلسطيني يستطيع رفع شكاوى فردية ضد السياسات التي تمارسها إسرائيل والانتهاكات التي تقوم بها كدولة فصل عنصري والتمييز ضد المدنيين الفلسطينيين، كما يحدث في الشيخ جراح وسلوان، ورفع شكاوى أمام هيئات اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وتقديمه دليلا على ذلك".
وترى المصري أن التقرير يمكن إمكانية أن يدعو إلى محاكمة ومساءلة المسؤولين الإسرائيليين، بعد الاستناد إلى اتفاقية الفصل العنصري ونظام روما الأساسي، والذي يعتبر الفصل العنصري جريمة دولية وجريمة ضد الإنسانية تهيمن فيه مجموعة عرقية إسرائيلية صهيونية على فلسطين، وتمارس خلاله عمليات قمع منهجي ضد الفلسطينيين ويترتب عليه آثارا منها التهجير القسري كما يحدث في الشيخ جراح وسلوان بالإضافة إلى نزع ملكية العقارات وارتكاب أبشع الجرائم بحق المدنيين.
وتعتقد الباحثة الفلسطينية أن التقرير يعتبر تأكيدا لتقارير صادرة عن منظمة "هيومن رايتس" التي أكدت فيه أن إسرائيل تمارس سياسة الفصل العنصري والتمييز والاضطهاد بحق الفلسطينيين، كذلك تقرير منظمة "بتسيلم" الإسرائيلية، الذي أكد أيضا أن اسرائيل تمارس الفصل العنصري، وأن جميعها هي امتداد للقرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1975 الذي اعتبر الصهيونية شكلا من أشكال العنصرية والذي تم إلغاؤه بعد مؤتمر مدريد.
انتصار فلسطيني
بدوره، اعتبر القيادي في حركة فتح، زيد الأيوبي، أن تشكيل لجنة مصالحة خاصة تتبع للأمم المتحدة وتعمل بإشراف المندوب السامي لحقوق الإنسان هو انتصار كبير لدماء الشهداء وعذابات الأسرى الفلسطينيين وهو إنجاز كبير وغير معهود للدبلوماسية الفلسطينية التي تتبنى مسار فضح الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني أمام المنصات والمنظمات الدولية وأمام القضاء الدولي.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الشعب الفلسطيني ينتظر الإنصاف والعدالة من قبل اللجنة الدولية المتخصصة والتي ستبحث في كافة الوقائع والأدلة التي قدمتها فلسطين والتي تتضمن الشكوى من التمييز العنصري الذي تمارسه إسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني بشكل واضح ومستمر وفق استراتيجية ممنهجة ومتعمدة لتحقيق أهدافها الاستعمارية.
ويرى الأيوبي أن ما سيصدر عن لجنة المصالحة الدولية من تقارير مهمة قد تدين حكومة إسرائيل، وهو ما سيتم وضعه في الاعتبار أثناء محاكمة قادة إسرائيل أمام محكمة الجنايات الدولية في لاهاي.
وكانت منظمة العفو الدولية أصدرت في مطلع شهر فبراير/شباط الجاري تقريرا اتهمت فيه إسرائيل بإخضاع الفلسطينيين لنظام فصل عنصري قائم على سياسات "الفصل ونزع الملكية والإقصاء" التي قالت إنها ترقى إلى مرتبة الجرائم ضد الإنسانية.
ووصفت منظمة العفو الدولية في تقريرها إسرائيل بأنها تمارس "نظامٌ قاسٍ يقوم على الهيمنة وجريمة ضد الإنسانية"، وأوضحت أن إسرائيل عملت على مصادرة الأراضي والممتلكات الفلسطينية على نطاق واسع، وعمليات القتل غير المشروع، والتهجير القسري، والقيود الصارمة على الحركة، وحرمان الفلسطينيين من حقوق الجنسية والمواطنة".