وتعليقا على تلك الخطوة الأحادية من الجانب الإثيوبي، يقول الخبير السوداني في القانون الدولي- العضو السابق في مفاوضات حوض النيل، بعد الإعلان عن بدء إثيوبيا تشغيل التوربينات وتوليد الكهرباء من سد النهضة لم يتبق شيء للتفاوض سوى الملء الثالث المقرر له في يوليو/ تموز المقبل.
ويضيف في حديثه لوكالة "سبوتنيك"، أن "تشغيل 2 توربين لتوليد الكهرباء كما أعلنت إثيوبيا، في اعتقادي أن تشغيل هاتين التوربينتين له هدف آخر خلافا لعملية توليد الطاقة الكهربائية، هذا الهدف يتمثل في أن إثيوبيا بحاجة إلى تمرير جزء من المياه المتراكمة خلف سد النهضة، وذلك بهدف خفض منسوب المياه حتى لا تمر من فوق الممر الأوسط الذي تريد تعليته وتمنعها كميات المياه المخزنة والتي تخطت منسوب البناء الحالي، لأنه بدون تلك التعلية لن تتمكن من إتمام عملية الملء الثالث المقدرة بـ 10 مليار متر مكعب في الصيف القادم".
وأشار المفتي إلى أن قيام أديس أبابا بتشغيل التوربينات هو مصلحة مزدوجة لها، حيث تقوم بعملية التجريب وفي نفس الوقت تخفيض منسوب المياه لتعلية الممر الأوسط، كل تلك الخطوات تقوم بها بطريقة أحادية، الأمر الذي يعني أنها مصرة على مواقفها، وهذا الأمر هو منعطف خطير جدا تمر به الأزمة المتعلقة بسد النهضة، وإذا ما اكتمل الملء الثالث للسد فلن يكون هناك أي معنى لعملية التفاوض مع إثيوبيا من جانب مصر والسودان، وفي تلك الحالة ستكون إثيوبيا قد امتلكت القنبلة المائية.
كهرباء السد
وفيما يتعلق باستفادة السودان من الكهرباء المنتجة من السد، يقول خبير القانون الدولي، إن تلك الطاقة التي كان يعول عليها السودان كرأي عام وحكومة، هذا الأمر لن يكون كما تتخيل الخرطوم، حيث أن المادة 6 من إعلان المبادئ تنص على إعطاء إثيوبيا كهرباء للسودان من سد النهضة إذا ما كان لديها فائض، فليس هناك كمية مخصصة للسودان، حيث يختلف الواقع كليا وأن الاتفاق لم يخضع لدراسة، بعكس ما هو مفهوم لدى الرأي العام السوداني، والدليل العملي أنه لا توجد خطوط كهرباء بين السد والسودان.
الحل الوحيد
وأشار المفتي إلى أن الحديث عن المياه المنصرفة خلف التوربينات وأنها توازي حصة مصر والسودان، هذا الأمر قد يكون منطقيا، لكن المشكلة أن الكمية المنصرفة سوف تظل مقيدة بحاجة إثيوبيا إلى الكهرباء وليس على حسب حاجة السودان ومصر للمياه من أجل الزراعة، فمن الممكن أن لا تحتاج إثيوبيا لكهرباء السد بالكامل في الوقت الذي تحتاج فيه مصر والسودان للمياه، ولا حل أمام السودان سوى مطالبة السودان بالأرض المقام عليها سد النهضة، فهذا هو الجزء القانوني الذي يمكن الاعتماد عليه.
الخارجية المصرية
اعتبرت مصر، اليوم الأحد، إعلان إثيوبيا بدء تشغيل سد النهضة "إمعانا" منها في خرق التزاماتها بمقتضى اتفاق إعلان المبادئ الموقع عام 2015.
جاء ذلك في أعقاب إعلان أديس أبابا، في وقت سابق اليوم، عن بدء عملية توليد الطاقة الكهربائية من سد النهضة.
وأكدت الخارجية المصرية في بيان، أن هذه الخطوة تُعد إمعاناً من الجانب الإثيوبي في خرق التزاماته بمقتضى اتفاق إعلان المبادئ لسنة 2015، الموقع من قِبَل رئيس الوزراء الإثيوبي.
وأشارت إلى أن ذلك يأتي "تعقيباً على الإعلان الإثيوبي اليوم 20 فبراير الجاري عن البدء بشكل أحادي في عملية تشغيل سد النهضة وذلك بعد سابق الشروع أحادياً في المرحلتين الأولى والثانية من ملء السد".
موقف خطير
في نفس السياق، تقول الكاتبة السياسية المصرية المتخصصة في الشأن السوداني، أسماء الحسيني، سيظل الإجراء الإثيوبي بالنسبة لمصر أحادي ومحاولة لفرض الأمر الواقع، وهو أمر مرفوض، وسوف تتواصل المساعي المصرية من أجل إعلام المجتمع الدولي وإطلاعه على قضيتها العادلة وخطورة الموقف وانعكاساته السلبية التي تؤدي إلى الاحتقانات والتوتر، الأمر الذي لا تستقيم معه أي عملية تنمية.
وأضافت في حديثها لوكالة "سبوتنيك"، أن مصر تطالب ضمن حزمة الحل التي تجري في القرن الأفريقي وفي شرق أفريقيا، بعد الأحداث في إثيوبيا ومحاولة الحل الداخلي في إثيوبيا، القاهرة تريد أن تكون قضية سد النهضة ضمن حزمة الحل في المنطقة، وكما توالت الضغوط والمطالب الدولية على أبي أحمد لتقديم تنازلات في الداخل، يجب أن تكون نفس الضغوط لتقديم تنازلات في الخارج وإلا ستظل المنطقة متوترة لأن الأمر متعلق بمصالح مصيرية وشعوب لا يمكن أن تتنازل عن حقها في الحياة.
وحول جدوى أي عملية تفاوضية قادمة، تقول الحسيني: "لقد حدث الملء الأول والثاني وسيحدث الثالث أيضا في يوليو المقبل، وهناك حاجة دائمة للوصول إلى اتفاق وتوافق وتنسيق رغم كل الصعوبات، لأن السد وما سينتج عنه من تداعيات هى عملية مستمرة، هناك حاجة لتخفيض الجوانب السلبية في هذا الأمر وتعظيم الإيجابيات والمشتركات، ولن يتحقق ذلك إلا بتوافق واتفاق، وأعتقد أن هناك قوى إقليمية ودولية على علاقة جيدة بجميع الأطراف تستطيع أن تلعب دورا إيجابيا، لأن أمن المنطقة العربية والأفريقية مرتبط بهذا الأمر، ولا يجب أن يصبح السد قيد على رقبة ملايين المصريين والسودانيين".
ودشن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، اليوم الأحد، رسميا المرحلة الأولى من توليد الطاقة الكهربائية في سد النهضة، الذي يدور خلاف بشأنه مع مصر والسودان منذ بدء إنشائه قبل نحو 10 سنوات.
وذكرت هيئة البث الإثيوبية أن "رئيس الوزراء أبي أحمد دشن رسمياً عملية توليد الطاقة في سد النهضة الكبير بعد الانتهاء من عملية الاختبار والبدء في إنتاج الكهرباء".
وأوضحت الهيئة الرسمية أنه "تم تشغيل توربين واحد بقدرة 375 ميغاوات من أصل 13 وحدة توربينية"، مشيرة إلى أنه "هناك اثنين من التوربينات على وشك الانتهاء"، وأضافت بأن السد "يخضع حاليًا لتطوير سريع ومن المتوقع أن يتم الانتهاء منه في العامين المقبلين".
وبحسب هيئة البث الإثيوبية فقد توجه آبي أحمد، في كلمة خلال الاحتفالية، بالشكر إلى رؤساء إثيوبيا الثلاثة السابقين، قائلا إنهم هم أساس هذا المشروع، متوجها بالتهنئة للشعب الإثيوبي قائلا "أود أن أهنئكم على رؤية هذا النصر معنا اليوم".
فيما قال آبي أحمد، عبر صفحته على فيسبوك: "اليوم، من أكبر محطة للطاقة في أفريقيا، بدأ أول توربين في سد النهضة في توليد الطاقة"، مضيفا: "هذه أخبار جيدة لقارتنا ولدول المصب التي نطمح للعمل معها معًا، بينما تحتفل إثيوبيا بميلاد عهد جديد، أهنئ جميع الإثيوبيين!".
يأتي احتفال إثيوبيا بهذه الخطوة وسط حضور كبار المسؤولين، وحضور إعلامي كبير لصحفيين من مختلف القنوات والوكالات الدولية والمحلية لنقل هذا الحدث الذي ظلت تنتظره إثيوبيا منذ بدء العمل في بناء سد النهضة عام 2011.
بدأت أثيوبيا في تشييد سد النهضة على النيل الأزرق في عام 2011، بهدف توليد الكهرباء، وتخشى مصر أن يلحق السد ضررا بحصتها من المياه والتي تحصل على أغلبها من النيل الأزرق.
ورغم توقيع اتفاق مبادئ بين مصر والسودان وإثيوبيا عام 2015، يحدد الحوار والتفاوض كآليات لحل كل المشكلات المتعلقة بالسد بين الدول الثلاث، فشلت جولات المفاوضات المتتالية في التوصل لاتفاق بين الدول الثلاث على آلية تخزين المياه خلف السد وآلية تشغيله.
وأدى عدم التوصل لاتفاق بين الدول الثلاث إلى زيادة التوتر السياسي بينها، وتصعيد الملف إلى مجلس الأمن الذي عقد جلستين حول الموضوع من دون اتخاذ قرار بشأنه.
وكانت المفاوضات حول سد النهضة قد تعثرت العام الماضي، مع فشل الدول الثلاث [إثيوبيا، ومصر، والسودان]، في التوصل إلى اتفاق حول ملء وتشغيل السد قبل بدء إثيوبيا في الملء الثاني للسد بشكل أحادي، ما أدى إلى زيادة التوتر السياسي بين البلدان الثلاث، وتصعيد الملف إلى مجلس الأمن الذي عقد جلستين حول الموضوع من دون اتخاذ قرار بشأنه.