ويعتبر لبنان البلد الأوحد في العالم الذي يتبع نظام الوكالات الحصرية، بالمخالفة لنص المادة 36 من اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي التي توجب إلغاء مثل هذه الوكالات.
وأكد رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، في مداخلة خلال الجلسة النيابية، أن "لبنان البلد الأوحد في العالم فيه وكالات حصرية، وأن المادة 36 من اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي توجب إلغاء الوكالات الحصرية".
وشدد بري على أن "القانون لا يستهدف أناسا دون آخرين، أما الواقع، فإن عدد الوكالات الحصرية المسجلة 3030 وكالة، الصالح منها 313 فقط، والبقية غير قانونية فهي لا تجدد العقود ولا تدفع الرسوم".
وقال مراقبون إن القرار إيجابي وجيد، ومن شأنه أن يحرر الاقتصاد ويخفض الأسعار، لكنه جزئي، ولن يحسن مفرده الاقتصاد، ويحتاج لاستكماله عن طريق رؤية اقتصادية شاملة تشمل باقي القطاعات.
خفض الأسعار
اعتبر الدكتور عماد عكوش، الخبير الاقتصادي اللبناني، أن البرلمان اللبناني أوقف حماية الوكالات الحصرية على أصناف محددة من السلع ولا سيما منها المواد الغذائية والأدوية والمتممات المرتبطة بها.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، المشكلة أنه تم إلغاء الوكالات الحصرية عن السلع الغذائية عام 1992م، لكن للأسف لم يتم تطبيق المرسوم الخاص بهذا الإلغاء فلا أحد يضمن اليوم تطبيقه.
ويرى عكوش أن إلغاء الوكالات الحصرية يزيد من حجم الاقتصاد في حال التطبيق ويخفض الأسعار بنسبة كبيرة نظرا لعامل المنافسة المهم، لكن في الواقع قوة الكارتيلات المتحكمة بالاقتصاد قوية جدا، وهي نفسها المتحكمة بالسياسة في لبنان.
خطوة جزئية
اعتبر سركيس أبو زيد، المحلل السياسي اللبناني، أن أصحاب الوكالات الحصرية لعبوا تاريخيًا دورًا أساسيا في السلطة بلبنان، لأن من كان يملك هذه الوكالات كان يحتكر السوق اللبناني وإلى حد ما الأسواق العربية التي كانت هذه البضائع تنتطلق من لبنان لها.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، كان لأصحاب هذه الوكالات دور أساسي في السلطة والمنظومة الحاكمة، لكن مع الوقت هذه الوكالات خسرت الكثير من الأسواق العربية، بعد أن أصبح التجار العرب يمتلكون هذه الوكالات مباشرة، فخسر الوكيل اللبناني الكثير من هذه الأسواق، وتراجع دوره.
وتابع: "لكن مؤخرًا إلغاء هذه الوكالات الحصرية خطوة إيجابية، تعيد للسوق نوعًا من حرية الاستيراد والتصدير، لأن لبنان يدعي بأنه نظام رأسمالي وحر، لكنه كان يقيد هذه الحرية وهذه الأسواق بحصرية الوكالات".
ويرى أبو زيد أن هذه الخطوة سيكون لها دور إيجابي إلى حد ما، بعد أن أصبحت الأسواق حرة ومفتوحة ما يفسح المجال أمام الكثير للاستيراد دون الاحتكار ودون التحكم بالأسعار، لكن لن يكون لها الحل السحري والجذري؛ لأن لبنان بعد الأزمة الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي يعاني منها هو بحاجة لرؤية متكاملة.
ويعتقد المحلل السياسي أن الوكالات جزء من هذه الرؤية، لكن المصارف لها دور أساسي ومفصلي بهذا الموضوع، وكذلك عملية التصنيع وتوريد الإنتاج المحلي وتطوير الزراعة والصناعة وغيره من الثروات هي نقاط أساسية لأن النظام اللبناني الآن نظام ريعي وفاسد، لذلك مطلوب أن يكون هناك رؤية شاملة حتى يتجه أكثر نحو الإنتاج وترشيد الأسواق وغيرها من المسائل لإيجاد حل مقنع وعملي.
وأكد أن ما يحدث الآن مجرد محاولات جزئية وانتقائية لها تأثير محدود على الحركة الاقتصادية، لكن لبنان بحاجة لرؤية متكاملة للوضع الاقتصادي ككل من أجل إخراج لبنان من الأزمة والمأزق الموجود فيه للإنتاج والأسواق ومحاربة الفساد، وإلى تفعيل الإنتاج والاقتصاد، فهي خطوة فعالة لكن مطلوب استكمالها برؤية متكاملة تشمل مختلف القطاعات، لترسم معالم اقتصاد جديد للمرحلة المقبلة، تأخذ بعين الاعتبار التطورات اللبنانية والعربية.
وتعود الوكالات الحصرية في لبنان للعام 1967، حيث تم تكريسها بقانون قدم حماية لعدد من التجار، تسمح لهم بحصرية تمثيل الشركات والعلامات التجارية على الأراضي اللبنانية، وبالتالي تمنع أي جهة أخرى من استيراد أو توزيع منتجات وسلع من تلك العلامات التجارية.
وفي عام 1975، خضع القانون لتعديلات وألغى الوكالات الحصرية عن المواد الغذائية، وبعد 17 عاما وبالتحديد عام 1992، تم تحديد المواد التي لا تعتبر من الكماليات، والتي لا يسري عليها حصر التمثيل التجاري أي لا تسري عليها الوكالات الحصرية وهي: المواد الغذائية للاستهلاك البشري والحيواني لجميع أسمائها وأنواعها وأصنافها، إضافة لمواد التنظيف ومساحيق الغسيل.
وبحسب "الدولية للمعلومات"، لا يزيد عدد أصحاب الوكالات الحصرية في لبنان عن 300 شخص فقط، يحتكرون استيراد وتوزيع 2335 سلعة، وفقا لـ"الشرق الأوسط".