عبد الحميد... "مناضل" سوري تحول من "مستخدم مدرسة" إلى دكتوراه باللغة العربية... فيديو

استطاع عبد الحميد محمد الحسين ابن الــ 44 عاماً من سكان أقصى الشمال الشرقي في سوريا، أن يتحول خلال أعوام قليلة من "مستخدم" في مدرسة بمدينته القامشلي، إلى طالب دكتوراه في اللغة العربية في جامعة دمشق العريقة.
Sputnik
الأعوام الماضية كانت حافلة بالأزمات التي كادت تقضي على أحلام عبد الحميد كما معظم السوريين.. بدءا من الإرهاب إلى الحصار الاقتصادي والفقر، وصولا إلى الظروف القاسية التي يكرسها وجود الاحتلال الأمريكي في منطقته شرقي سوريا، كل ذلك جعل من كفاح هذا الشاب السوري، بمثابة نضال من أجل مستقبله وحياة أسرته.
ظروف الحياة عموما، بدءا من العمل الذي فرض على الحسين أوقاتا محددة للدراسة حيث كان يصطحب كتبه معه إلى محله الصغير وإلى المدرسة منتهزا كل دقيقة فراغ ليتصفح كتبه ويراجع معلوماته، كما كان للتشجيع والتحفيز الذي حظي به من أفراد أسرته دور في النجاح الذي وصل إليه اليوم.
نقطة البداية
يقول عبدالحميد الحسين خلال حديثه لــ"سبوتنيك" عشت ظروفاً صعبةً في حياتي دفعتني لترك المدرسة مبكراً في الصف السادس ابتدائي، والعمل في مهن مختلفة حتى أتمكن من تأمين مصروف عائلتي، وفي عام 2008 عينت في مسابقة توظيف في مديرية تربية محافظة الحسكة بصفة مستخدم من الفئة الخامسة، وبدأت مسيرتي في مدارس منطقة المالكية قبل الانتقال إلى القامشلي.
وفي عام 2012 كانت أولى الخطوات نحو تحقيق الحلم بإكمال التعليم والتي ما تزال مستمرة حتى اليوم حيث كان المشجعون كثر والمحبطون بنفس الوقت كثر أيضاً، بحسب "الحسين"، مضيفاً حيث شجعني الزملاء و الأصدقاء على إتمام الدراسة، فتقدمت لامتحانات الشهادة الإعدادية ( التاسع) في عام 2012 وحصلت عليها رغم الظروف الصعبة وأهمها انقطاعي عن التعليم لسنوات طويلة.
عبد الحميد محمد الحسيني، تحول خلال أعوام قليلة من"مستخدم" في مدرسة بمدينته القامشلي، إلى طالب دكتوراه في اللغة العربية في جامعة دمشق، سوريا
متابعاً : وفي 2013 تقدمت لامتحانات الشهادة الثانوية الفرع الأدبي وذلك بتشجيع كبير من صديقي الشهيد المهندس رضوان الدرويش والذي شجعني وقام بتدريسي بشكل مجاني دون أي مقابل ونجحت بمجموع ممتاز لأتمكن من دراسة فرع الجامعة المفضل عندي وهو اللغة العربية وبالفعل تحقق الحلم وسجلت في قسم اللغة العربية في كلية الآداب و العلوم الإنسانية بجامعة الفرات فرع الحسكة.
بعد الثانوية بدأت مرحلة الجامعة التي يقول عنها الحسين لـ "سبوتنيك" إنه وضع لها جدولاً زمنياً 6 سنوات، لكنه لم يحتج أكثر من 4 للتخرج وبمعدل جيد جداً في عام 2017، أهّله لمتابعة دراسة الماجستير في اللغة العربية في جامعة دمشق،حيث كنت ارغب بالتوقف عن إكمال الدراسات العليا لكن شغفي و إدماني على التعليم و الدراسة منعني من ذلك، رغم كل الظروف الحياتية الصعبة.
مرحلة جديدة
مرحلة جديدة من العمل الحكومي بدأها الموظف الطالب بعد أن تم تعديل وضعه الوظيفي من مستخدم فئة خامسة إلى فئة أولى وتحول للعمل كأستاذ للغة العربية في مدرسة "جرمز" بريف القامشلي في عام 2018 ، وهنا كانت مرحلة جداً مهمة في حياته كما يبين الحسين لأنه حلم تطلب منه بذل الكثير من الجهد والصبر والتحمل من عناء السفر إلى “دمشق” والعمل ليل نهار لتأمين متطلبات أسرته اليومية، إضافة لتحقيق حلمه ليتحول من مستخدم إلى مدرس في مدرسته.
عبد الحميد محمد الحسيني، تحول خلال أعوام قليلة من"مستخدم" في مدرسة بمدينته القامشلي، إلى طالب دكتوراه في اللغة العربية في جامعة دمشق، سوريا
وفي بداية الشهر الأخير من العام الفائت توج الطالب والموظف عبدالحميد الحسين بدرجة الماجستير باللغة العربية في جامعة دمشق بتقدير جد جداً، ولان العلم و المعرفة أصبحا قضية إدمان لديه تمكن مع بداية العام الحالي 2022 من التسجيل والقبول في جامعة دمشق لإتمام دراسة الدكتوراه في اللغة العربية ليتوج مرحلة مهمة وصعبة في حياته العملية والوظيفة.
وقال: عانيت كثيراً خلال مرحلة الدراسة يشرح الحسين خصوصاً في مرحلة الدراسات العليا وذلك بسبب بعد المسافات بين مدينتي القامشلي و دمشق، كما عنيت مادياً كثيراً حيث انعكست سلباً على حيلاتي وحياة عائلتي، كما عانيت سابقاً من نظرة بعض الناس السلبية فمنذ البداية كان هناك مشجعون كثر و محبطون كثر ،لكن رغبتي بتغير الواقع وله أسباباً كثيرة أولها نظرة المجتمع لشاب يعمل مستخدما في مدرسة.
عبد الحميد محمد الحسيني، تحول خلال أعوام قليلة من"مستخدم" في مدرسة بمدينته القامشلي، إلى طالب دكتوراه في اللغة العربية في جامعة دمشق، سوريا
وأضاف: الدافع الأخر نظرة المدرسين في المدرسة التي كنت اعمل بها كمستخدم فكانت نظارتهم وأوامرهم لي فيها الكثير من الفوقية و التعلي، وفي نفس الوقت كانت مساعدة الأصدقاء و الأقارب والعائلة وزوجتي لي هي دافع الأكبر لزيادة العمل و الدراسة لأصل إلى ما وصلت إليه اليوم.
عبد الحميد محمد الحسيني، تحول خلال أعوام قليلة من"مستخدم" في مدرسة بمدينته القامشلي، إلى طالب دكتوراه في اللغة العربية في جامعة دمشق، سوريا
مسيرة عبد الحميد الحسين تشكل نموذجاً يقتدى به وطموحه والإرادة التي يتحلى بهما تستحق الإشادة والتكريم،للتعلم لذة ومتعة لايمكن وصفها حسب الحسين، وهو ينصح كل شخص ترك دراسته أن يعود إليها، ويرى أن نجاحه اليوم جعله قدوة في المجتمع ومثلاً أعلى يتطلع كثيرون ليفعلوا مثله وأحسن.
مناقشة