وأقر مجلس الوزراء اللبناني، أمس الجمعة مشروع قانون بتأجيل الانتخابات البلدية، عامًا واحدًا، وذلك بسبب عدم الجهوزية المادية والبشرية من أجل القيام بهذه الخطوة.
وقال وزير الإعلام اللبناني بالوكالة عباس الحلبي، في بيان إن المجلس قرر الموافقة على مشروع قانون يرمي إلى تمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية حتى31 مايو/ آيار 2023، وأن القرار سيحال للبرلمان لاتخاذ القرار المناسب.
وطرح البعض تساؤلات بشأن دلالات هذا التأجيل وإمكانية أن يكون تمهيدًا لإرجاء الانتخابات النيابية في لبنان، في ظل استمرار الانقسام والتوتر بين القوى السياسية.
تمهيد للانتخابات النيابية
قال ميخائيل عوض، المحلل السياسي اللبناني، إن لبنان معتاد على التأجيل، وإن الطبقة السياسية تستطيع أن تجد الكثير من الذرائع لها من أجل تأجيل الانتخابات في البلاد.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، تأجيل الانتخابات البلدية هي لجهة الذرائع التي قدمتها بشكل أو بآخر تعد تمهيدًا لاستخدام نفس الذرائع أو غيرها تفيد بأن الظروف لن تسمح بإجراء انتخابات نيابية.
وأكد أن الطبقة السياسية ستقدم أسبابًا مختلفة منها الأزمة وعمقها وعدم توفر الأموال اللازمة، والمعدات، وكذلك انعكاسات الحرب بين روسيا وأوكرانيا على ارتفاع الأسعار والاختناقات الاقتصادية التي تشهدها لبنان، وغيرها من الذرائع.
واعتبر عوض أن إلغاء الانتخابات البلدية في لبنان يمهد لتأجيل الانتخابات النيابية إذا ما تم ترجيح خيار اللا انتخابات لتصير البدائل، إما تمديد مزدوج للرئيس ميشال عون والمجلس النيابي، أو تغدو البلاد بلا مؤسسة نيابية وتنفتح على حلول من نوعية أخرى.
تأجيل محتمل
من جهته لا يتفق سركيس أبوزيد، المحلل السياسي اللبناني مع ربط عوض بين تأجيل الانتخابات البلدية وتأثيرها على تأجيل الانتخابات النيابية، مؤكدًا أنه لا توجد علاقة مباشرة، ولكل منها آلية وظروف وأبعاد ومعطيات مختلفة.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن إجراء الانتخابات البلدية كان يمكن أن يوتر الأجواء ويؤدي إلى تنافسات واضطرابات معينة تعطل الانتخابات النيابية أو تؤثر عليها سلبًا، بينما التأجيل ربما يفسح المجال أكثر من أجل مزيد من الاستقرار يمهد لإجراء الانتخابات النيابية.
لكن في الوقت نفسه، يرى أبوزيد أن تأجيل الانتخابات النيابية لا يزال أمرًا واردًا، حيث ترتبط بالتحالفات والنتائج وانعكاسها على تركيبة المجلس النيابي القادم، ولمن ستكون الأكثرية وماذا تستطيع أن تفعل في هذه الظروف.
وتابع: "موضوع التاجيل مطروح لأن إجراء الانتخابات يتطلب حد أدنى من الاستقرار الأمني والسياسي، وهذا حتى الآن حذر، لذلك علينا أن نننتظر للأسابيع المقبلة حتى تتضح التحالفات والاتصالات الدولية التي تحصل ومدى انعكاسها على لبنان".
وأكد أن طبيعة الانتخابات البرلمانية تفترض مزيدًا من الاستقرار حتى تحصل بظروف مواتية، لذلك تم تأجيل الانتخابات البلدية حتى تتفرغ الدولة أكثر لضبط الوضع الأمني والمحافظة على الاستقرار في لبنان تمهيدًا للانتخابات النيابية، بالإضافة إلى أن الظروف المالية والاقتصادية لا تمسح بإجراء انتخابات بلدية وبعدها نيابية، لأن ميزانية الدولة غير جاهزة ولا تتحمل هذا الأمر.
ويعتقد المحلل اللبناني أن تأجيل الانتخابات البلدية كان مناسبًا، من أجل إتاحة الفرصة لأجهزة الدولة والقوى السياسية للتفرغ للانتخابات النيابية، باعتبارها الأهم والأساس، وعليها يتحدد المستقبل السياسي للبلاد.
وكان وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي قد أكد في أكثر من مرة إلى تعذر حصول الاستحقاقين النيابي والبلدي في الوقت نفسه لأسباب لوجستية.
إلى ذلك تستمر التحضيرات للانتخابات النيابية وسط مخاوف من تأجيلها أيضاً لأسباب مادية ولوجستية.
وحددت السلطات اللبنانية، يوم 15 أيار/مايو 2022، موعدا لإجراء الانتخابات النيابية، وذلك بعد تأكيد رئيس الجمهورية، ميشال عون، على ضرورة إقامتها في هذا الموعد، وعدم وجود مبرر لتأجيلها.
وأشار الرئيس اللبناني إلى أنه يجرى القيام بجميع التحضيرات اللازمة، لإجراء الانتخابات النيابية في موعدها المقرر.
وكان مجلس النواب اللبناني صادق، نهاية تشرين الأول/أكتوبر الماضي، على إجراء الانتخابات التشريعية، في 27 آذار/مارس 2022، لكن الرئيس عون رفض التوقيع على هذه المصادقة.
وينتظر أن ينتخب المجلس الجديد رئيسا جديدا للبلاد، خلفا لميشال عون، الذي يشغل هذا المنصب، منذ عام 2016، بعد شغوره لنحو 29 شهرا؛ وتنتهي ولاية عون، في نهاية تشرين الأول/أكتوبر المقبل.
وتقسم مقاعد المجلس النيابي بالتساوي بين المسلمين والمسيحيين، وبالتناسب بين المذاهب.
وستجري الانتخابات في ظل معاناة لبنان من أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه؛ والتي وصفها البنك الدولي بأنها "الأكثر حدة وقساوة في العالم".