ويسود الأجواء السياسية في العراق حالة من التفاؤل بعد اتصال جرى أمس الأول (الخميس) بين الصدر وزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي بعد سنوات من القطعية.
وعقب الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، جرى الإعلان عن التحالف الثلاثي الذي يضم الفائزين الثلاثة الأوائل على مستوى المكونات العراقية، وهم التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة السني من أجل الوصول إلى تشكيل حكومة أغلبية وطنية.
لكن، رفض الإطار التنسيقي تشكيل حكومة أغلبية من الأحزاب الفائزة في الانتخابات، ودعوته إلى تشكيل حكومة توافقية من جميع الأحزاب، عقد الأمور، وهدد بتفاقم الخلافات على الساحة العراقية واستمرار الجمود السياسي.
والإطار التنسيقي هو تحالف يضم الأحزاب الشيعية التي خسرت في الانتخابات الأخيرة، وأعلنت رفضها لنتائجها، ويضم بما في ذلك رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي زعيم ائتلاف "دولة القانون".
وسبق أن عرض الصدر على الإطار التنسيقي المشاركة في الحكومة باستثناء المالكي الذي يقاطعه منذ سنوات، عندما كان رئيسا للوزراء (في ولايته الأولى) ونفذ عام 2008 عملية "صولة الفرسان" الأمنية في البصرة والتي قتل خلالها واعتقل المئات من عناصر التيار الصدري.
من جانبه، أكد عضو تحالف السيادة صالح الرديني، اليوم السبت، طرح اسم محمد جعفر الصدر كمرشح لتولي رئاسة الحكومة المقبلة.
واعتبر الرديني في تصريحات لشبكة "رووداو" العراقية، أن جعفر الصدر "اسم مقبول" من الإطار التنسيقي والتيار الصدري على حد سواء.
وأعرب عن أمله في أن "تحدث انفراجة في العملية السياسية والتواصل بين الأطراف، عقب المكالمة الأخيرة".
وقال إن الجميع في حالة انتظار للاجتماع الذي من المقرر عقده بعد غد الاثنين بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري حول هذا الموضوع.
يشار إلى أن محمد جعفر الصدر هو نجل مؤسس حزب الدعوة الإسلامي محمد باقر الصدر، وهو سياسي عراقي سبق أن شغل منصب سفير العراق لدى المملكة المتحدة، وشغل منصب عضو مجلس النواب (البرلمان) في 2010.
في سياق متصل، قال عضو ائتلاف دولة القانون وائل الركابي، إن مقتدى الصدر تطرق خلال اتصاله بالمالكي إلى مسألة "طرح اسم مرشح لرئاسة الوزراء كطرف شيعي معني بهذا الموضوع وهو اسم محمد جعفر محمد باقر الصدر، الذي يُعتقد بأنه محل توافق الجميع".
وأضاف أنه لاحقا وبعد مكالمة الصدر والمالكي طرح الأخير هذا الاسم على الإطار التنسيقي، الذي عقد اجتماعا لبحث الأمر ووافق بشكل عام على طرح اسم محمد جعفر الصدر لتولي المنصب.
ومضى الركابي: "ليس هناك اختلاف على جعفر محمد باقر الصدر، لأنه ابن محمد باقر الصدر، الذي تتفق عليه كل الأطراف الشيعية لما لهذا الرجل من تاريخ كبير على الصعيد السياسي كونه شهيدا وقارع النظام البائد وهو ينتمي لحركة إسلامية".
وكان محمد باقر الصدر مرجعا شيعيا معروفا، وقد أعدمه نظام صدام حسين عام 1980 يتهمة العمالة والتخابر مع إيران.
وأضاف عضو "دولة القانون" أن "الأسماء المطروحة (لتولي منصب رئيس الحكومة المقبلة) قد تكون للتداول الإعلامي منذ فترة طويلة وليس الآن، لكن لحد اللحظة لا يوجد اسم منافس بهذا المستوى لمحمد جعفر".
وجرت العادة في العراق على تولي المكون الشيعي لمنصب رئيس الوزراء، فيما يتولى السنة منصب رئيس البرلمان، بينما يكون رئيس الجمهورية من المكون الكردي.
وفي 9 يناير/كانون الثاني الماضي، انتخب التحالف الثلاثي محمد الحلبوسي (مرشح تحالف السيادة السني) رئيسا للبرلمان، ومن المقرر أن يجتمع البرلمان خلال الأيام المقبلة لانتخاب رئيس الجمهورية.
وفي إشارة إلى حل الأزمة بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، ضمن تسوية شيعية-شيعية جرى التوافق خلالها على اسم مرشح لرئاسة الحكومة، جاءت تغريدة رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي أمس الجمعة والتي كتب فيها "أدينا الواجب الذي استدعينا من أجله لخدمة شعب العراق العظيم"، في تلميح من قبله حول تقلص حظوظه في تشكيل الحكومة الجديدة.
ويقول مراقبون إن التوافق على اسم جعفر الصدر يأتي بمبادرة إيرانية، في ظل اعتراض القوى السياسية الشيعية وفصائلها المسلحة المقربة من إيران و المنضوية ضمن الإطار التنسيقي على التجديد للكاظمي المتهم من قبلها بخدمة الأجندة الأمريكية، وفق موقع "ميدل إيست أونلاين" البريطاني.
من جانبه، أعلن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، اليوم السبت، في تصريحات له خلال منتدى أنطاليا الدبلوماسي في تركيا أن الحكومة الجديدة ستتشكل خلال فترة وجيزة، على ما نقلته وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع).
وقال فؤاد: "العراق ليس الدولة الديمقراطية الوحيدة التي تواجه صعوبة بالحكومة"، مضيفا "الحكومة الحالية تبذل قصارى جهدها لكي يتم تشكيل الحكومة الجديدة، وسيتم ذلك خلال فترة وجيزة".