توقف مسار "ملف الذاكرة" بين الجزائر وفرنسا بشكل تام... الأسباب والتداعيات

بعد زخم كبير حظي به ملف الأرشيف الجزائري بفرنسا توقفت المحادثات بين الجانبين في المدى المنظور، دون تحديد أو جدولة للعودة لاستكمال المسار مرة أخرى.
Sputnik
اعتمد البرلمان الفرنسي، في فبراير/ شباط الماضي، بشكل نهائي مشروع قانون "تعويض الحركيين الجزائريين" الذين قاتلوا إلى جانب فرنسا إبان الحرب الجزائرية، الذين تعتبرهم الجزائر "خونة".
ويعترف نص مشروع القانون بـ"الظروف الجائرة" و"التعامل غير المشرف" الذي تعرض له أكثر من 90 ألف حركي جزائري وعائلاتهم بعد فرارهم إلى فرنسا عقب انتهاء حرب الجزائر.

توقف تام

خبراء جزائريون أكدوا في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن مسار ملف الذاكرة توقف بشكل كامل بعد زخم كبير خلال العام الماضي.
وبحسب الخبراء توقفت المحادثات بشكل تام بعد فترة من التوتر، خاصة التي تلت حديث للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والذي أبلغ فيه أحفاد حرب الاستقلال 1954-1962 أن الجزائر يحكمها "نظام سياسي عسكري أعاد كتابة تاريخها بالكامل"، بحسب وكالة "فرانس برس".
شاب جزائري يسافر إلى فرنسا متخفيا في الجزء السفلي من الطائرة.. فيديو
من ناحيته قال المحلل السياسي الجزائري أحسن خلاص، إن المسار المتعلق بالذاكرة بين الجزائر وفرنسا توقف كله، وليس الجانب المتعلق بالأرشيف فقط.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن المحادثات توقفت بعد أن عرفت زخما في بداية الولاية الرئاسية للرئيس عبد المجيد تبون، وكذلك بعد صدور تقرير مستشار الرئيس الفرنسي المؤرخ بن جامان ستورا الذي لم تتجاوب معه الجزائر على المستوى الرسمي، ونال انتقادات من طرف المثقفين والجامعيين في الجزائر.

تصريحات ماكرون

وأوضح أن تصريحات ماكرون التي "مست بتاريخ الجزائر" ساهمت في تأزم الوضع، فيما حاولت الحكومة الفرنسية رأب الصدع وإعادة الدفء للعلاقات مع الجزائر، حيث أعلنت الحكومة الفرنسية على لسان وزيرتها للثقافة فتح الأرشيف الإداري والقضائي والشرطي ما بين 1954 و1962 للباحثين في فرنسا دون إمكانية نقله إلى الجزائر.
ويعتبر المحلل السياسي أن الخطوة الفرنسية دون المستوى المطلوب، خاصة أن الأمر لا يتعلق بنقل الأرشيف إلى الجزائر، كما أن نوع الأرشيف المفتوح لا يمس قطاعا هاما، حيث أن الجانب الأكثر أهمية يتعلق بالأرشيف العسكري والاستخباراتي.

ملف حساس

في الإطار قال القانوني إسماعيل خلف الله، إن ملف الذاكرة والأرشيف الجزائري يعد من الملفات الحساسة للبلدين، والذي أدى لتوتر العلاقات بين البلدين في فترات مختلفة، مشددا على أن حل قضية الأرشيف لا يمكن أن يتم بعيدا عن الطرح الشامل لمسألة الذاكرة.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن المصالح المشتركة للبلدين تتطلب التواصل المستمر بينهما، وأن الذهاب إلى ملف الذاكرة كان من بين الشروط الخاصة بعودة العلاقات بعد تأزمها الفترة الماضية.
الخط البحري بين الجزائر وقطر... دوافع وأهداف مشتركة وراء الإنشاء
وأشار إلى أن الزيارة الأخيرة لرأس الدبلوماسية الفرنسية جان إيف لودريان، تناولت ملف الذاكرة وأنه من المحتمل الذهاب إلى مشاورات في المستقبل القريب.
ويرى أن الأزمة الراهنة في أوكرانيا، وكذلك الانتخابات الجزائرية انعكست على مسار ملف الذاكرة، حيث أن باريس قد لا تجد الوقت لبحث الملف الدقيق الذي يحتاج للكثير من الجهد.
وشدد خلف الله على أن الجزائر تولي الكثير من الاهتمام للقمة العربية المرتقبة، إضافة إلى اهتمامها بالأزمة العالمية، ما قد يؤجل النقاش بعض الوقت، دون تغافل ضرورة حل ملف الذاكرة.

توقف لن يدوم

في الإطار ذاته أكدت الكاتبة الجزائرية حدة حزام، أن التوقف لن يكون نهائيا في ظل تمسك الجزائر بحقها في استعادة الأرشيف الخاص بذاكرة الثورة والفترة الاستعمارية وكتابة تاريخ المرحلة يتطلب ذلك.
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، أن كل المحادثات متوقفة الآن عند ثبات وصرامة الموقف الجزائري، وأن ماكرون قد يكون عطل ذلك بسبب الخلاف السابق رغم تحسن العلاقة في الوقت الراهن.
طائرة عسكرية فرنسية تمر فوق الجزائر لأول مرة بعد أشهر من التوتر
في ديسمبر/ كانون الثاني 2021، أعلنت فرنسا فتح أرشيفها المتعلق بحرب الجزائر، والذي يتضمن القضايا القانونية وتحقيقات الشرطة في الجزائر خلال حربها ضد الاستعمار.
وبحسب الموقع الرسمي لإذاعة "مونت كارلو الدولية"، فإن هذا الإجراء يعتمد على مرسوم وزارة الثقافة الذي يسمح بالاطلاع على كل المحفوظات العامة التي تم إنشاؤها في إطار القضايا المتعلقة بالأحداث التي وقعت خلال الحرب الجزائرية بين الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني 1954، و31 ديسمبر/ كانون الأول 1966
ووفقا لمرسوم الوزارة حينها، يمكن الاطلاع على كل من "الوثائق المتعلقة بالقضايا المرفوعة أمام المحاكم وتنفيذ قرارات المحاكم"، إضافة إلى "الوثائق المتعلقة بالتحقيقات التي أجرتها دوائر الضابطة العدلية".
مناقشة