التكنولوجيا الحديثة… سلاح تونسي جديد للنهوض بقطاع الزراعة... صور

على الرغم من أن الزراعة هي ركيزة أساسية في الاقتصاد التونسي، إذ تسهم بنحو 11 في المئة من الناتج الداخلي الخام و10 في المئة من الصادرات و8 في المئة من الاستثمارات، إلا أن هذا القطاع يعاني اليوم من صعوبات جمة.
Sputnik
فاليد العاملة تتناقص تدريجيا بسبب عزوف الشباب عن العمل في مجال الزراعة، إذ أن أكثر من 85 في المئة من النشطين في القطاع تتجاوز أعمارهم 55 عاما، بينما لا تتعدى نسبة الشباب 6 في المئة.
زراعة أسطح المنازل تقاوم مشاهد الإسمنت في تونس... صور
كما يواجه المزارعون في تونس إشكاليات مستعصية لها علاقة بالفقدان المتكرر للأسمدة خاصة في موسم الزراعات الكبرى، إلى جانب معضلة اندثار البذور المحلية الأصلية، وشيخوخة الأشجار نتيجة ضعف التحكم في تقنيات الإنتاج على غرار الري.
لكن تبقى مشكلة الجفاف وشح المياه التحدي الأبرز الذي يواجه قطاع الفلاحة في بلد يقبع تحت خط الشح المائي، فنقص مياه الأمطار وتراجع منسوب مياه السدود أثرا على مردودية القطاع.
وفي ظل هذا الوضع، يحاول مبتكرون تونسيون ومهندسون زراعيون ومستثمرون استخدام التكنولوجيات الحديثة والتطور العلمي من أجل النهوض بقطاع الفلاحة وحماية الأمن الغذائي، من خلال إيجاد حلول لتحسين الإنتاج الفلاحي وحمايته من الأمراض وابتكار بدائل تجعل الزراعات أقل استهلاكا للمياه بشكل يخفف الخسائر على المزارعين.

روبوت يعوض الفلاح

ومن بين الابتكارات الواعدة التي تعتبر استثمارا مهما في مجال الزراعة هو مشروع "الروبوت الفلاح" الذي أطلقته مؤسسة "فلاحتك" الناشئة والتي يقودها مجموعة من الشبان الباحثين والمختصين.
تقول أمل خميرة، وهي واحدة من فريق مؤسسة فلاحتك لـ "سبوتنيك"، إن فريقها نجح في ابتكار روبوت قادر على تعويض الفلاح في جميع أعمال التفقد اليومي للنباتات داخل البيوت المكيفة، مؤكدة أن المشروع بلغ مرحلته النهائية وسيكون متاحا للاستخدام في غضون ثلاثة أشهر.
التكنولوجيا الحديثة والنهوض بقطاع الزراعة في تونس
وذكرت أمل أن الزراعة داخل البيوت المكيفة تتطلب جهدا خاصا ومعرفة دقيقة بحاجيات النباتات، مشيرة إلى أن بعض المزارعين يفقدون محصولهم نتيجة نقص الخبرة وعدم اضطلاعهم بالظروف الملائمة لنمو النبات خاصة في علاقة بالتحكم بالحرارة والإضاءة.
وقالت إن هذا الروبوت يعتمد على تقنية الاستشعار عن بعد، وهو يضطلع بثلاث مهام رئيسية تشمل معرفة حاجيات النبات من المياه بدقة وتحديد الكمية المتوقعة من الإصابة والمهمة الثالثة فهي تشخيص الأمراض التي قد تصيب النبات.
وتضيف أمل: "تصاب النباتات بأمراض لا يمكن للفلاح أن يتفطن لها بالعين المجردة، وهذا الروبوت قادر على مراقبة النبات داخليا عن طريق كاميرا خاصة تمكنه من كشف العوارض غير المرئية للأمراض".
وأكدت أمل أن هذه الخاصية ستساعد المزارعين على معالجة النباتات واتخاذ الخطوات الوقائية اللازمة لمنع انتشار الأمراض وحصرها في نطاق معين.
ولفتت إلى أن هذا المشروع سيوفر على المزارعين الجهد البشري والمال خاصة وأن معظمهم يشتكون من ارتفاع أسعار الأدوية، إضافة إلى ترشيد استهلاك المياه وهو ما سيساعد الدولة على الحد من معضلة شح المياه.
وتشجع أمل على تعصير الزراعة واستغلال التقنيات الحديثة في النهوض بقطاع الفلاحة، خاصة في ظل وجود مشاريع عدة تستهدف تطوير آليات العمل الفلاحي، على غرار مشروع الطائرة المسيرة الذي أطلقه حديثا فريق من المهندسين الشبان في الجنوب التونسي بغرض تخصيب أشجار النخيل بتكاليف أقل بنسبة 30 في المئة من التخصيب اليدوي.
الزراعات المائية في تونس... تقنية جديدة لمقاومة شح المياه
وقالت: "مع التطور العلمي والتوجه العالمي نحو الفلاحة الذكية، أصبح الفلاح في تونس منتبها إلى التقنيات الحديثة وراغبا في تطوير زراعته بحثا عن رفع الإنتاجية".

القمر الصناعي في خدمة الفلاحة

ولا تتوقف تجارب تطوير الفلاحة في تونس عند هذا الحد، فالقمر الصناعي التونسي "تحدي واحد" (تشالنج وان) الذي أقلع في شهر مارس/ آذار 2021 على متن المركبة الفضائية الروسية "Soyouz2"، سيخوض تجربة جديدة هي الأولى عربيا وأفريقيا.
حيث سيتم استخدام "تحدي واحد" في مجال زراعة الحبوب ضمن مشروع مشترك أطلقته شركة "تلنات" المختصة في الهندسة والتكنولوجيا والمعهد الوطني للزراعات الكبرى (مؤسسة عمومية تخضع لإشراف وزارة الفلاحة).
وأكد مسؤول في مجمع تلنات في تصريح خاص لـ "سبوتنيك"، أنه سيتم استخدام القمر الصناعي لأول مرة في المجال الزراعي بهدف ترشيد استهلاك مياه الري، من خلال ربط أراضي فلاحية بـ"أنترنت الأشياء" التي تتيح للشخص التحكم في جهاز معين دون الحاجة إلى التواجد في مكان محدد.
التكنولوجيا الحديثة والنهوض بقطاع الزراعة في تونس
وأوضح: "ستقع التجربة الأولى بداية الأسبوع المقبل على أرض فلاحية في الشمال الغربي التونسي، حيث سيتم تركيز مجسات للبيانات على الأرض لمعرفة خصائصها وحاجياتها، ثم يتولى القمر الصناعي قراءة هذه البيانات وتحليلها، ومن ثمة إرسال تعليمات تحكم عن بعد للمجسات التي ستتولى عملية تحديد كمية المياه التي تحتاجها الزراعات وموعد ريها".
وقال مسؤول الشركة إن هذه التجربة الفريدة ستمكن من تقليص عمليات الري البشري للزراعات الكبرى التي تستغرق وقتا طويلا إلى جانب ترشيد استهلاك مياه الري، مضيفا: "من الآن فصاعدا لن تهدر قطرة واحدة من المياه".
ولفت إلى أن هذا الإنجاز لن يكون مقتصرا على الأراضي الفلاحية المملوكة للدولة وإنما سيكون متاحا أيضا للفلاحين خاصة في الأراضي غير الموصولة بشبكة الإنترنت العادية.
وبين أن هذه التقنية منتشرة في الدول المتطورة التي تعتمد على الفلاحة الذكية، قائلا: "حان الوقت لتونس أن تدخل مرحلة جديدة في مجال الزراعة والتي ستمكنها من زيادة حجم الإنتاج والتحكم في مواردها المائية اعتمادا على معطيات علمية دقيقة".
ارتفاع أسعار الحبوب والجفاف يهدد موازنة تونس... خبراء يكشفون مصير المخزون الغذائي
وتونس من البلدان التي تعاني فقرا مائيا يزداد حدة بفعل نقص هطول الأمطار نتيجة تأثيرات التغيرات المناخية، حيث لا تتجاوز نسبة امتلاء سدودها الـ 30 في المئة. وينعكس شح المياه بشكل مباشر على القطاع الزراعي من خلال تقلص الإنتاج وارتفاع الحاجة إلى التوريد.
مناقشة