وبعد الحريري، أعلن رئيس الحكومة اللبناني السابق فؤاد السنيورة عدم ترشحه للانتخابات النيابية، وكذلك أعلن رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي عزوفه عن الترشح هو أيضًا، ما يترك الطائفة السنية دون قيادي بارز.
وطرح البعض تساؤلات بشأن عزوف الحريري ومن خلفه قيادات سنية عن الترشح للانتخابات، وبشأن تأثير ذلك على خريطة القوى السنية وقيادتها بالبرلمان اللبناني المقبل.
عزوف سني بارز
والإثنين الماضي أعلن رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي عزوفه عن الترشح للانتخابات النيابية المقبلة المقررة في شهر مايو/آيار المقبل، مؤكدًا إيمانه بحتمية التغيير وبضرورة إفساح المجال أمام الجيل الجديد ليقول كلمته ويحدد خياراته عبر الاستحقاق النيابي المقبل، داعيا في الوقت ذاته أهالي طرابلس إلى المشاركة في الانتخابات.
وبعد يوم من حديث ميقاتي، أعلن رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق فؤاد السنيورة عدم ترشحه للانتخابات النيابية مع استمراره في الانخراط بالعملية الانتخابية.
وقال السنيورة إن هناك حاجة إلى تجديد الدماء السياسية ودعم الوجوه الواعدة، وتسهيل الطريق أمام الخبرات التي لم تتح لها فرصة الخدمة الوطنية، لافتًا إلى أن لبنان يحتاج في هذه الفترة إلى كل الجهود الخيرة لإنقاذه عبر التقيد المثابر والملتزم بمصالح اللبنانيين الحقيقية، وأيضاً بواجب العمل على استعادة الدور والسلطة الحصرية للدولة اللبنانية على كامل أراضيها ومرافقها، داعيًا أهالي بيروت وصيدا والشمال والبقاع وجبل لبنان، وكل أنحاء وأرجاء لبنان إلى المشاركة في هذا الاستحقاق الانتخابي المهم والمفصلي.
وقبل شهرين، أعلن سعد الحريري تعليق عمله السياسي وعدم خوضه مع حزبه تيار المستقبل الانتخابات البرلمانية، معتبرا أنه "لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الإيراني والتخبط الدولي والانقسام الوطني واستعار الطائفية واهتراء الدولة"، وفقا لقوله.
انعكاسات سياسية
اعتبر رياض عيسى الناشط السياسي اللبناني، والمرشح النيابي على مقاعد السنة، أن: "قرار سعد الحريري باعتزال الحياة السياسية يتعلق برؤيته السياسية، فرغم معرفته أن السنة سيحصدون نفس عدد المقاعد في الانتخابات، إلا أنه ومن خلال العمل البرلماني والحكومي لسنوات طويلة، لاحظ أن القرارات السياسية لا تستند على مؤسسات الدولة، بل على موازين القوى التي يتحكم فيها حزب الله".
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن: "اعتذار الحريري عن خوض الاستحقاق الانتخابي ترك تداعيات كبيرة على الطائفة السنية في لبنان، حيث تقدم عدد كبير من المرشحين السنة لحجز المقاعد النيابية التي كان يشغلها الحريري وتياره السياسي، فهناك من يحاول أن يرث الحريري سياسيًا في بيروت وباقي المناطق التي كان يسيطر عليها، وهناك مناطق أخرى تتجه لمقاطعة الانتخابات كموقف اعتراضي على ما حدث، معتبرين أن المجلس النيابي القادم يفتقر للمصداقية بفعل غياب المكونات الأساسية، لا سيما المكون السني".
وكشف عيسى أن معظم رؤساء الحكومات السابقين، وما يطلق عليهم صقور السنة اعتزلوا العمل السياسي، وقرروا عدم خوض الانتخابات النيابية من بينهم الرئيس السنيورة والمشنوق وغيرهم من القيادات السنية، مشيرًا إلى أن المجلس النيابي المقبل سينتج عنه ممثلين بالبرلمان هويتهم تتبع الطائفة السنية، لكن قد يكون تمثيلهم محدودًا وغير محصور في فئات معينة أو يكون هناك بعض المتطرفين والمتشديين.
وأكد أن: "هناك أقطاب سياسية سنية قررت خوض الانتخابات، فبعض المرشحين كانوا بتيار المستقبل مع رئيس الوزراء السابق سعد الحريري وقدموا استقالتهم وخاضوا المعركة الانتخابية، لكن لا يوجد هناك ثقل سني الآن، فالثقل السني كان في المناطق الخاضعة لتيار المستقبل، وبعد اعتكافه العمل السياسي سيكون هناك بعض الشخصيات الأخرى التي تسعى لحجز أماكن السنة بالبرلمان".
وذكر أن قوى 8 آذار والمتحالفة مع حزب الله شكلت لوائح في الدوائر التي كان يفوز فيها الحريري، ما قد ينتج عنه زيادة في نواب السنة الموالين لقوى آذار ولحزب الله، على حساب باقي القوى السنية.
احتمالية التأجيل
من جانبه اعتبر ميخائيل عوض، المحلل السياسي اللبناني، أن عدم مشاركة فعاليات تقليدية سنية في الترشح للانتخابات يؤكد ويشير إلى احتمال تأجيلها بمعرفة المنظومة والسفيرة الأمريكية التي تقود النظام في لبنان.
وأضاف في حديثه لـ "سبوتنيك" أنه: "في كل الأحوال إن جرت الانتخابات النيابية في لبنان ستمتلء المقاعد السنية بعدد من المرشحين بعضهم كان في تيار المستقبل وتمرد، وبعضهم طامح في أن يكون فعالا في الحياة السياسية ودخوله للمنظومة والطبقة السياسية، وهناك عدد هائل من الفعاليات والمتمولين وممثلي العائلات السنية يرغبون وطامحون في المشاركة".
وتابع: "هؤلاء تم منعهم خلال 30 عامًا بسبب الهيمنة الحريرية السياسية واحتكارها للبيوت السنية، بمجرد أن يكون هناك بعض المرشحين السنة ولا يكون هناك قرار بالاعتكاف أو المقاطعة النهائية للطائفة برمتها كما جرى عام 1992م مع المارونية والمسيحية السياسية".
ويرى عوض أنه في حال جرت الانتخابات النيابية في لبنان فسيكون هناك ممثلون عن سنة لبنان، وتجري الأمور كالمعتاد والمعروف، أما إذا جرى تأجيلها فستكون بذريعة عدم وجود فعاليات سنية تقليدية، وهنا سيكون للأمر شيء آخر.
وأعلن وزير الداخلية والبلديات اللبناني، بسام مولوي، إغلاق باب الترشح للانتخابات النيابية المقبلة في لبنان، مشدداً على إجراء الانتخابات في موعدها في 15 أيار/مايو المقبل، وبين أن "عدد المتقدمين للترشح بلغ 1043 مرشحاً، بينهم 155 سيدة، وذلك حتى نهاية مهلة تقديم أوراق الترشح.