خطر الجوع يداهم ملايين اليمنيين.. والأمم المتحدة تحذر من كارثة إنسانية

مع دخول الحرب اليمنية عامها الثامن، تعالت الأصوات الدولية والإقليمية التي تحذر من كارثة إنسانية ومعاناة لم يشهدها التاريخ، يعيشها الشعب اليمني.
Sputnik
وأكدوا أن نسبة كبيرة من اليمنيين أصبحوا لا يستطيعون توفير قوت يومهم بعد انهيار العملة الوطنية وتدمير موارد البلاد خلال سنوات الحرب.
وبحسب الأمم المتحدة يعيش اثنان من كل ثلاثة يمنيين، أي نحو 20 مليون رجل وامرأة وطفل، في فقر مدقع، وهناك توقعات مستمرة بزيادة هذا العدد بالإضافة إلى الأوضاع المعيشية الصعبة وتدهور المنظومة الصحية والتعليمية، وغياب الأمن، وهكذا تستمر الحرب ويستمر الشعب اليمني واقعا بين مطرقة الشرعية وسندان الانقلاب.
إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه؛ هل الحرب وحدها هي المسؤولة عن هذا الوضع المأسوي أم أن هناك أسباب أخرى تتستر خلف الحرب؟
وتعليقا على الأزمة يقول الأكاديمي اليمني والناشط في مجال حقوق الإنسان، الدكتور علي البحر، إنه "بسبب استمرار الحرب، أصبح الوضع كارثي والمجاعة منتشرة بشكل مخيف، تكاد تعصف بجميع سكان البلاد دون استثناء"، لافتا إلى أن "اليمن اليوم يمر بأسوأ أزمة إنسانية في العالم".
وأوضح في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "الأزمة الاقتصادية والمعيشية تضاعفت حاليا بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشتقات النفطية، لا سيما مع ظهور الأزمة في أوكرانيا".

تفاقم الأزمة

وأشار البحر إلى أن اليمن من أكثر البلدان التي تعتمد على استيراد الحبوب وبقية المواد الغذائية وغيرها من الخارج، وفي ظل هكذا أوضاع بات معظم السكان يعتمدون على المساعدات الإنسانية الزهيدة التي لا تفي بتوفير المتطلبات الأساسية للمواطن، وزاد من تفاقم الأزمة تزايد أعداد حالات النزوح من مناطق الصراع إلى المدن الأخرى، وهذا شكل عبء إضافي على النازحين وعلى المدن المستقبلة لهم.
ومؤخرا قال الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش إن 23 مليون يمني يواجهون الجوع والمرض وغيرها من المخاطر التي تهدد الحياة، وهي زيادة بنسبة 20% مقارنة بعام 2021 مع انهيار الخدمات الأساسية في البلاد والاقتصاد.
وأشار إلى أن حوالي 161.000 شخص سيواجهون قريبا مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي، وهو نذير بمصير 7.1 مليون شخص لا يزالون على بُعد خطوة واحدة فقط من هذه المرحلة النهائية من الأزمة الإنسانية.
وحمل الأكاديمي اليمني الأمم المتحدة في المقام الأول المسؤولية القانونية والإنسانية والأخلاقية عن تدهور الوضع الإنساني، طالما ظل اليمن تحت الفصل السابع منذ بداية الحرب، وهناك مسئولية أخلاقية تقع على عاتق دول التحالف العربي، ولا يعفى أطراف الصراع أيضا من مسؤولياتهم تجاه هكذا أوضاع إنسانية كارثية.

مضاعفة الجهود

وأشار البحر إلى أن الحد من تفاقم تلك الأزمة بصورة أكبر فإن ذلك يتطلب من منظمة الاغاثة العالمية وبرنامج الغذاء العالمي، وجميع المنظمات الدولية والإقليمية الأخرى العاملة في المجالات الانسانية مضاعفة جهودها وزيادة حجم المساعدات الإنسانية النقدية والعينية لتلبية الاحتياجات الأساسية لتغطية متطلبات الحياة للمواطن اليمني.
وقبل أيام تعهدت 36 جهة مانحة بتقديم ما يقرب من 1.3 مليار دولار أمريكي للاستجابة الإنسانية في اليمن. وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد ناشد جميع المانحين خلال مؤتمر التعهدات من أجل اليمن "أن يساهموا بسخاء" لانتشال الملايين من الفقر والعوز والجوع والمرض. وستتضمن خطة الاستجابة الإنسانية برامج منسقة بشكل جيد للوصول إلى 17.3 مليون شخص بمساعدة قدرها 4.27 مليار دولار.
وسيوفر هذا التمويل التغذية لما يقرب من سبعة ملايين شخص؛ والمياه والصرف الصحي والنظافة الصحية والحماية لأكثر من 11 مليون شخص؛ والرعاية الصحية لما يقرب من 13 مليون شخص؛ والتعليم لأكثر من خمسة مليون طفل، بحسب موقع "الأمم المتحدة".

الحرب والفساد

من جانبه يرى الحقوقي الجنوبي- عضو منظمة العفو الدولية، رائد الجحافي، أن الحرب المستمرة منذ سبع سنوات هى السبب الرئيسي لما وصل إليه اليمن من أوضاع معيشية متردية و أزمات متراكمة، هذا بجانب الفساد المستشري في البلاد وبشكل خاص في المؤسسات الحكومية، وحلت محلها المنظمات الدولية والجمعيات الخيرية التي تقوم بجمع المساعدات على سبيل تقديمها للفقراء والمساكين، الذين يمثلون غالبية الشعب الآن، حيث تضرر الجميع من تلك الحرب فلا توجد فرص عمل، علاوة على انهيار العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية، أضف إلى ذلك ظهور طبقة أمراء الحروب، بعد أن تحول 20 مليون يمني إلى ما دون خط الفقر، حيث أصبح راتب الموظف الآن لا يستطيع شراء "كيس دقيق".
وأشار في حديثه لـ"سبوتنيك"، إلى أن هناك غياب تام للمؤسسات الحكومية مع تعدد التيارات السياسية والصراعات والنزاعات فيما بينهم ومحاولة كل منهما لإفشال الآخر، ما أدى إلى تردي الأوضاع بشكل عام.

المنظمات الإغاثية

وتابع الجحافي، أن الحرب كانت هى السبب الأول للمجاعة في اليمن هى الحرب، وعندما جاءت المنظمات الإغاثية والإنسانية والتي تعد الفساد بعينه، حيث تعتمد على أشخاص أو موظفين محليين، حيث نجد المنظمات المحلية الموجودة في اليمن والتي تتعامل مع المنظمات الإغاثية الدولية، لا تقوم بإيصال تلك المساعدات إلى مستحقيها.
وأضاف: "فهناك محسوبية وفساد وتلاعب في تلك المواد الإغاثية، علاوة على أن الموازنات التشغيلية الخاصة بها تصل لأكثر من 90 في المئة من المعونات المخصصة والباقي قد لا يصل ربعه لمستحقيه، بل هناك فئات أخرى تقوم بالمتاجرة بهذا الجزء الضئيل المتبقي لحسابها الخاص، ما دفع العديد من الدول العزوف عن إرسال المساعدات".

كارثة إنسانية

بدوره يقول: أنيس السنمي، عضو مفوضية مكافحة الفساد باليمن، إن اليمن بالفعل يعيش كارثة إنسانية خلال تلك الفترة والفترات السابقة، بسبب جبهات القتال المفتوحة في اليمن بشكل عام والجنوب بشكل خاص.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، خلال السنوات السابقة بعد الحرب بدأت كل الركائز تنهار بما فيها العملة الوطنية التي وصلت إلى مرحلة تاريخية من الانهيار، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع المعيشية بشكل يصعب تحمله، كما أن موارد الدولة ضائعة نتيجة الفساد في أروقة الدولة والوزارات الحكومية وعدم وجود أجهزة رقابية تكبح جماح الفساد وأدواته.

الفساد السياسي

في السياق نفسه، يرى الناشط الإعلامي اليمني، محمد مساعد صالح، أن الفساد والحرب من أبرز الأسباب التي جعلت اليمن بلد فقير وشعبه مهدد بالمجاعة على الرغم أن اليمن يملك موارد ولكن لا تستخدم بشكل جيد وصحيح، والفساد في اليمن أضحى سياسيا يكرسه الحكم القائم من خلال الاستحواذ و الوصول إلى السلطة ثم السيطرة على ثروة ومقدرات البلاد وتسخيرها في المصالح الخاصة القبلية والحزبية والأسرية.
وأضاف لـ"سبوتنيك"، تسببت الحرب والانقلاب على مدى سبع سنوات بمضاعفة معاناة الشعب، وفي كل الحالات الشعب والمواطن هو الخسران والذي يتجرع الويلات ومخلفات الحرب والفساد .

قضايا عادلة

وتابع صالح، هناك أسباب أخرى تتعلق بتراكم الممارسات غير المسؤولة تجاه قضايا عادلة وفي مقدمتها القضية الجنوبية التي تعد قضية دولة وشعب بدأت في مطالب حقيقة ثم تطورت إلى طلب فك الارتباط، ولكن التعنت وطبيعة التعاطي والتعامل مع مختلف القضايا من أطراف الحكم والمعارضة في الداخل أدت إلى تعقيد الأزمة أكثر، وتعدد الصراع وانعكس ذلك على أرض الواقع وأيضا على التدخل الإقليمي والدولي، فالحاصل أن الحلول الجذرية لا تتم وغائبة مما يجعل البلاد في حالة تدهور وصراع حتى وصلت اليوم إلى القاع على الرغم أنها ضمن 14 دولة من الدول التي تمتلك الغاز.
وتقود السعودية، منذ مارس/ آذار 2015، تحالفا عسكريا من دول عربية وإسلامية، دعما للحكومة اليمنية المعترف بها، في سعيها لاستعادة العاصمة صنعاء ومناطق واسعة في اليمن، سيطرت عليها الجماعة أواخر 2014، وبالمقابل تنفذ "أنصار الله" هجمات بطائرات دون طيار، وصواريخ باليستية، وقوارب مفخخة؛ تستهدف قوات سعودية ويمنية داخل اليمن، وداخل أراضي المملكة.
مناقشة