وقال المحللون ومديرو الاستثمار إن هذه الخطوة ستوقف تدفقات رأس المال الأجنبي إلى الخارج، وتعزز فرص البلاد في الفوز بالقرض القادم من صندوق النقد الدولي، حسبما ذكرت وكالة "بلومبيرغ".
جاءت تحركات البنك المركزي المصري بعدما سجلت البلاد تدفقات نقدية خارجة بقيمة 15 مليار دولار من سوق الدين المحلي خلال الأسابيع الثلاثة الماضية وحدها، وفقا لحسابات "جولدمان ساكس".
وتراجع سعر صرف العملة المصرية بنحو 15% إلى 18.2202 جنيه مقابل الدولار أمس الاثنين، وهو أكبر انخفاض له منذ تعويم قيمة العملة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 والذي ساعد على إخراج البلاد من أزمة الدولار وتحويلها إلى سوق جاذب للمستثمرين.
يتوقع المستثمرون حدوث تحول مماثل هذه المرة في الوقت الذي تكافح فيه البلاد ارتفاع التضخم والاختلالات الخارجية، وكلاهما تفاقم بسبب الأزمة في أوكرانيا، وفقا لتقرير "بلومبيرغ".
أعلن البنك المركزي أيضا عن رفع سعر الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس يوم الاثنين، ما يجعل سعر الفائدة الحقيقي للدولة إيجابية، في حين أن انخفاض الجنيه يخفف من قلق المستثمرين بشأن المبالغة في تقديره.
وكتب الخبير الاقتصادي في بنك "جولدمان ساكس"، فاروق سوسة، في مذكرة: "سيساعد ذلك في تحفيز تدفقات جديدة إلى السوق، حيث يدرك المستثمرون تراجع مخاطر حدوث المزيد من التخفيضات في قيمة العملة، وحتى إمكانية حدوث بعض الارتفاع في الأشهر المقبلة".
وأضاف أنه يمهد الطريق لبرنامج صندوق النقد الدولي الذي يعتقد أنه سيساعد في ترسيخ الثقة في المسار المالي والإصلاحي لمصر. ذكرت تقارير أن مصر بدأت محادثات مع صندوق النقد للحصول على دعم نقدي.
مع ارتفاع أسعار الفائدة، واستقرار الجنيه، وسجل حافل من التحركات الصديقة للسوق، كانت مصر واحدة من الوجهات المفضلة لمستثمري الأسواق الناشئة طيلة سنوات.
ومع ذلك، في الأشهر القليلة الماضية، تدهورت المعنويات بسرعة مع ارتفاع أسعار الطاقة وتشديد السياسات النقدية العالمية التي أضرت بواحدة من أكثر دول الشرق الأوسط مديونية.
ويشعر بعض المستثمرين بالقلق من أن الإجراءات المتخذة لتيسير مسار صفقة صندوق النقد الدولي، قد لا تكون كافية لمعالجة النكسات التي يتعرض لها الاقتصاد والعجز المتزايد في الحساب الجاري.
في السوق الآجلة، يتأهب المتداولون لضعف الجنيه، حيث وصلت عقود 12 شهرا إلى 20.43 جنيه مقابل الدولار، وهو أضعف بنسبة 11% من السعر الحالي. يعكس ذلك توقعات المستثمرين لسعر صرف الجنيه أمام الدولار بعد 12 شهرا.
قال بول جرير، مدير الأموال في "فيديليتي إنترناشونال" في لندن: "ما زلنا نتوقع أن تقدم الأسواق المحلية المصرية أداء اسميا قويا، لكن خطر تراجع رأس المال السوق قد ارتفع بشكل كبير في أعيننا".
ووفقا لجرير، خفضت "فيديليتي"، التي تدير أصولا بقيمة 700 مليار دولار، مركزها الاستثماري في الجنيه المصري إلى "محايد" بدلا من الاستثمار "الثقيل الوزن" الذي احتفظت به خلال السنوات الخمس الماضية.
من جانبه قال فهد إقبال، رئيس أبحاث الشرق الأوسط للخدمات المصرفية الخاصة في "كريدي سويس"، إن تحرك البنك المركزي "يشير لنا إلى أن الظروف في مصر أسوأ مما توقعنا. لا يمكننا استبعاد خطر إجراء تخفيض إضافي في قيمة العملة في مرحلة لاحقة".