"الهدنة الرمضانية".. هل هذا أقصى ما تستطيع الأمم المتحدة تحقيقه في اليمن؟

يترقب اليمنيون شمالا وجنوبا أن ينجح المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، في أخذ تعهدات من كل الأطراف في اليمن بوقف الأعمال القتالية خلال شهر رمضان المبارك، بعد العديد من اللقاءات والمشاورات مع كل الأطراف.
Sputnik
هل تنجح تلك الخطوة وما الجدوى التي يمكن أن تنتج عنها إذا ما عادت الأعمال القتالية بعد رمضان، وهل يحتاج اليمنيون إلى هدنة أم إلى إيقاف القتال كليا سواء في رمضان أو في كل شهور العام؟.
مصدر: اغتيال المسؤول عن قتل مؤسس جماعة "أنصار الله" اليمنية
يعلق رئيس اللجنة السياسية في مجلس الحراك الثوري الجنوبي باليمن، الدكتور محمد عبد الهادي، بقوله:" إن المبعوث الأممي لليمن هانس غرونبرغ، قام بجولات مكوكية ما بين العاصمة الأردنية عمان حيث المشاورات الجارية بين الأطراف اليمنية وبين مسقط التي يمكث فيها وفد تفاوض الحوثيين، وخلال الساعات الماضية علمنا أن هناك ترحيب شديد من جانب الحوثيين بالهدنة خلال شهر رمضان المبارك."
تفاؤل كبير
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن المبعوث الأممي كان لديه تفاؤل كبير بعد فترة من الحوارات الثنائية التي أجراها مع العديد من أطراف الصراع اليمني والمكونات السياسية والحراكية في البلاد، ولا تزال المشاورات مستمرة حتى يومنا هذا، وستكلل غدا بجولة من المشاورات بين المبعوث الأممي وفريقه مع ممثلي مجلس الحراك الثوري الجنوبي برئاسة فؤاد راشد.
وتابع عبد الهادي، أن كل الأنظار تتجه نحو الهدنة المرتقبة وأن تصبح واقعا خلال شهر رمضان المبارك، وأن يكتب النجاح لمجهودات المبعوث الأممي وأن تفضي في النهاية إلى توافق شامل لوقف إطلاق النار وجلوس كل الأطراف حول الطاولة المستديرة لإيجاد تسوية سياسية حقيقية في اليمن تنهي حالة التأزم والاقتتال والتدمير وسفك الدماء.
وأشار رئيس اللجنة السياسية في الحراك الثوري، إلى أن مشاورات عمان الثنائية تزامنت معها المبادرة الخليجية ودعوتها لكل الأطراف اليمنية للتشاور في العاصمة السعودية الرياض، بداية من 29 مارس/أذار الجاري وحتى السابع من أبريل /نيسان القادم، ووضعت العديد من المحاور، منها العسكري والأمني والاقتصادي لمناقشتها جميعا ووضع حلول لها خلال لقاءات الرياض.
هدنة رمضانية
أعلن مكتب المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ، أنه يتم مناقشة هدنة محتملة في اليمن، خلال شهر رمضان الذي يبدأ في مطلع أبريل/ نيسان المقبل.
وقال المكتب في بيان إن غروندبرغ التقى السبت الماضي مع كبير مفاوضي جماعة "أنصار الله" ومسؤولين عمانيين في مسقط لمناقشة مشاورات الأمم المتحدة الجارية.
من جانبه يقول القيادي بالحراك الجنوبي، عبد العزيز قاسم: "فيما يتعلق بمدى نجاح المبعوث الأممي في تحقيق الهدنة في اليمن خلال شهر رمضان أعتقد أن الحديث عن هدنة بدلا عن وقف الحرب يمثل بداية فشل، لأن المسألة مرتبطة ومرهونة بمدى قبول الأطراف بهذه الهدنة، ولنا في اتفاقات سابقة عبرة إذ لم تصمد أي من اتفاقات التهدئة بين القوى المتصارعة المنضوية في إطار التحالف من جهة، وأنصار الله (الحوثيين) من جهة أخرى، أو حتى بين القوى المنضوية في إطار التحالف نفسه".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن: "الأزمة لا تتعلق بلتهدئة لوقت معين، ولا تمثل التهدئة أي وزن وقد تكون التهدئة ذاتيا دون تدخل المبعوث الدولي لسبب بسيط، أن الجبهات غير مشتعلة نسبيا على عكس السابق، ولأن اليمنيين عادة ما يراعون مثل هذه الأشهر".
اليمن.. مقتل جندي وإصابة آخرين إثر هجوم بطائرة مسيرة في لحج
وتابع قاسم: أما ما يمكن أن يتخلل تلك المشاورات من تقارب، برأيي أن مبادرة مجلس التعاون الخليجي لا تخرج عن سياقات لمبادرة سابقة كالمبادرة الخليجية قبل 11 عام، ولكنها أفضت إلى حرب نشهدها حتى اللحظة، ولم تلتزم الأطراف الموقعة عليها رغم أنها جاءت لتحل مشكلة السلطة وتقاسمها مع النظام السابق ومع من كانوا جزء فيه، وليس طرح القضايا بواقعية كما هي كالقضية الجنوبية، كذلك اتفاق الرياض الذي يعد هو الآخر في إدراج الرياح، وانتهى إلى حرب بين أطراف جميعهم تحت عباءة وتوجيهات التحالف، أي حوارات ومشاورات لابد أن تطرح القضايا وجوهرها ومضامينها، وتحديد الأطراف بعيدا عن القفز على هذه القضايا".
وقال قاسم: "أعتقد بحكم تجربتنا أن المشكلة سواء في اليمن الجنوبي أو الشمالي تتعلق بالمحيط الإقليمي، وليس في القوى اليمنية، لأن المحيط الإقليمي و تحديدا التحالف يحاول إيجاد حلولا مفصلة على مقاس مصالحه دون النظر إلى جوهر الصراع وأهداف القوى المتصارعة، باختصار الشرعية ورقة ضغط تمتلك القرار الشكلي لكنها غير قادرة على تنفيذه على أرض الواقع، بينما القوى الأخرى كالمجلس الانتقالي تمتلك الأرض ولا تمتلك القرار ولا يمكن أن تخرج هذه المشاورات بأي نتيجة طالما الآلية وتجاوز الواقع هو الحاضر في مخيلة دول التحالف".
القضية الجنوبية
واعتبر أن الحل يكمن في الاعتراف بالقضية الجنوبية كقضية سياسية أولا، ثم الجنوب كطرف مكافىء لليمن الشمالي، و بالمقام الأول لابد من تحديد أطراف الحوار، ومن يمثلوه إما أن يكون حوارا شاملا لمختلف القوى، ستبقى المشكلة قائمة كما حدث سابقا ثم أن الحرب تدور أساسا على حدود دولتي اليمن الجنوبي واليمن الشمالي سابقا، ولا تستطيع أنصار الله "الحوثيين" تجاوزها، ولا يمكن للجنوبيين الحرب خارج حدودهم السابقة لدولة الجنوب، ولابد من تحديد طرفين فقط للحوار ومن وقائع السيطرة على الأرض، وليس من وقائع الحبر على الورق، ولابد أن يكون الطرف المحاور قادرا على الالتزام بما تم الحوار عليه، أي طرف لا يستطيع الإيفاء لا يعد طرفا في الحوار بل وجوده شكلي وهزلي.
"الانتقالي الجنوبي" يكشف موقفه من دعوة مجلس التعاون الخليجي لعقد مشاورات لحل الأزمة اليمنية
وتوجهت "سبوتنيك" بالسؤال للنائب في مجلس الشورى بصنعاء، حول مدى تقبل فكرة المبعوث الأممي بفرض هدنة خلال شهر رمضان المقبل فأجاب:" بالنسبة لي لا أظن أن التحالف بقيادة السعودية ستدع أحدا ينجح ولو نجاحا جزئيا بوقف الحرب، إلا بقدر تضررها من الهجمات عليها، ولا أعتقد أن صنعاء ترفض أي حقنا للدماء، لكن بشرط أن لا يتم اختراق تلك الهدنة من ساعاتها الأولى من جانب الطرف الآخر.
وتقود السعودية، منذ مارس/ آذار 2015، تحالفا عسكريا من دول عربية وإسلامية، دعما للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، في سعيها لاستعادة العاصمة صنعاء ومناطق واسعة في شمال وغرب اليمن، سيطرت عليها الجماعة أواخر 2014.
وبالمقابل تنفذ جماعة "أنصار الله" هجمات بطائرات بدون طيار، وصواريخ باليستية، وقوارب مفخخة؛ تستهدف قوات سعودية ويمنية داخل اليمن، وداخل أراضي المملكة.
واجتمعت أطراف النزاع في اليمن في ديسمبر/كانون الأول 2018، لأول مرة منذ عدة سنوات، على طاولة المفاوضات، التي نظمت تحت رعاية الأمم المتحدة في ستوكهولم. وتمكنت من التوصل إلى عدد من الاتفاقيات المهمة، لا سيما بشأن تبادل الأسرى، ووقف إطلاق النار في مدينة الحديدة الاستراتيجية ووضعها تحت سيطرة الأمم المتحدة.
مناقشة