وقبل أيام أعلن المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون، انطلاق الدورة السابعة للهيئة المصغرة للجنة الدستورية، بقيادة وملكية سورية، وبتيسير من الأمم المتحدة، في جنيف.
وطرح البعض تساؤلات بشأن ما يمكن أن تقدمه هذه الجولة من اجتماع اللجنة الدستورية، في ظل فشل الجولات الست الماضية، لا سيما في ظل التغيرات الإقليمية والدولية التي طرأت على الساحة.
استمرار اللجنة الدستورية
وأعلنت السفارة الأمريكية في سوريا أن نائب مساعد وزير الخارجية إيثان غولدريتش التقى وفدا من ممثلي المعارضة في اللجنة الدستورية السورية، وأعرب عن دعم بلاده لعملها.
وقالت السفارة عبر "تويتر" إن غولدريتش اجتمع مع الرئيس المشارك للجنة الدستورية هادي البحرة في جنيف، وأعرب عن دعم بلاده لعمل اللجنة الدستورية "للمضي قدما في العملية السياسية التي يقودها السوريون بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254"، وفقا لروسيا اليوم.
وكانت الولايات المتحدة أوفدت غولدريتش إلى الجولة السابعة لمفاوضات اللجنة المصغرة "للدستورية السورية"، التي انطلقت يوم 21 من الشهر الجاري، بعد ست جولات لم تسفر عن أي نتيجة، وأعلنت هيئة التفاوض السورية أنها قدمت في اليوم الأول "الصياغة المقترحة حول مبدأ أساسيات في الحكم والأسس التي يقوم عليها، فيما ناقشت اللجنة اليوم مبدأ رموز الدولة حسبما ذكرت هيئة التفاوض السورية.
وكان بيدرسون استعرض خلال مؤتمر صحفي، في 20 من مارس/ آذار الحالي، بعد اجتماعه بالرئيسين المشتركين للجنة الدستورية، جدول الأعمال لهذا الأسبوع، واتفق على المبادئ أو العناوين الأربعة التي ستتم مناقشتها، بتوزيع مبدأ واحد لكل يوم، وهي: أساسيات الحوكمة، وهوية الدولة، ورموز الدولة، وتنظيم وعمل السلطات العامة.
تعطيل متعمد
اعتبر الدكتور أسامة دنورة، المحلل السياسي والاستراتيجي السوري، وعضو سابق بالوفد الحكومي المفاوض في جنيف، أنه على الرغم من استمرار الوفد الوطني السوري إلى المحادثات بإبداء الإيجابية التي تعكس إيجابية الدولة السورية بالتعاطي مع المبعوث الدولي، إلا أنه لا يُتوقع حدوث خرق على مستوى المضمون في هذه الجولة، وإن كان الاختراق أو التحسن على المستوى البروتوكولي والإجرائي يبقى محتملاً جزئيًا وغير منفي، دون وجود إمكانية حقيقية لأن يُترجم في الجوهر.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن العامل التقني - الدستوري (إن جاز التعبير) لا يزال مغيبًا لمصلحة رهانات إقليمية ودولية على الضغوط السياسية الموجهة ضد الدولة السورية، ويشترك في هذه المقاربة كل من وفد المعارضة الذي لا يعدو كونه أداةً تنفيذية تعكس مصالح مشغليه، وبعض الدول الإقليمية والقوى الدولية التي تعتبر أن العرقلة ضرورية لمنع تعافي سوريا، واسترداد وضعها الطبيعي سياسيًا واقتصاديًا، يتساوى في ذلك التركي المحتل لأرضٍ سورية والمتورط في دعم الإرهاب، مع الغرب الذي أوضح موقفه الفعلي عبر رد الفعل الأمريكي على استقبال الرئيس الأسد في الإمارات.
وأكد أن: "أمريكا ليست فقط غير راغبة في دفع المحادثات، بل ترغب في تعطيلها لإبقائها رهينة للمقايضة السياسية، شأنها شأن انسحابها المعلّق من سوريا، وتوظيفها الضمني للمنظمات الإرهابية عبر تغاضيها عن تنظيم جبهة النصرة الذي لم يستهدفه "التحالف" بأي فعل عسكري، على الرغم من أن وضعه القانوني (التنظيم) مماثل لوضع داعش (محظور في روسيا ودول أخرى) كتنظيم مصنف إرهابيًا على اللوائح الأممية والأمريكية على حد سواء".
ومضى قائلًا: "من هنا ندرك أن تقاطع المصالح ما بين تركيا والولايات المتحدة قائم في تعطيل أعمال اللجنة الدستورية وتمييعها بمثل ما هو قائم في استخدام الورقة الإرهابية وورقة الاحتلال كعناصر ضغط على الدولة السورية وحلفائها في محور محاربة الإرهاب، وهو الأمر الذي قد تزداد ضرورته في ظل تصاعد العداء الغربي - الروسي، وفي ظل حالة اللا يقين التي لا تزال سائدة فيما يتعلق بإمكانية العودة للاتفاق النووي الإيراني".
تغيرات إقليمية
من جانبه اعتبر العميد عبدالحميد سلهب، المحلل السياسي والاستراتيجي، أن الدورة السابعة من اجتماعات اللجنة الدستورية التي تستمر منذ أيام في جنيف قد تشكل هذه المرة فارقًا، في ظل التغيرات الإقليمية وانعكاساتها على الساحة الدولية والعربية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن الظروف الدولية تغيرت كثيرًا، بعد ظهور روسيا الاتحادية كقطب قوي، يفرض وجوده بالقوة والدبلوماسية على الخريطة الدولية، لا سيما وأن روسيا حليف استراتيجي بالنسبة لسوريا وللكثير من الدول العربية.
ويرى سلهب أن الاجتماع الجديد للجنة الدستورية المصغرة يأتي في ظل استعادة الرئيس السوري بشار الأسد دوره الفاعل والحيوي، على الساحة العربية والدولية، لا سيما بعد زيارته الأخيرة لدولة الإمارات العربية والتقارب مع الدول العربية.
وأكد أن الجميع بات يعي جيدًا بأن الدستور السوري الحالي، والذي تم إدخال تعديلات عليه في العام 2012، بعد اجتماع جيف الأول، يستجيب للمتغيرات، ويلبي طموحات السوريين جميعًا.
أما فيما يخص المعارضة السورية – والكلام لا يزال على لسان سلهب- تلاشت وتفرقت وبات لا وجود لهم على أرض الواقع السوري، مضيفًا: "وما يدعون متمثيلهم لا يمثلون سوى الإرهابيين في شمال إدلب والدول الداعمة لهم".
وفي أكتوبر انتهت الجولة السادسة من المحادثات بين 15 ممثلا عن كل من الحكومة السورية، والمعارضة والمجتمع المدني، من دون التوصل إلى أي اتفاق حول كيفية المضي قدما.