وقال الإطار التنسيقي في العراق، إن "جلسة يوم السبت القادم لن تتحقق لعدم اكتمال النصاب"، مشددا على "أهمية استمرار الحوارات البناءة مع بقية القوى الأخرى لاستكمال الاستحقاقات المقبلة".
ودعا الإطار التنسيقي في بيان نقلته وكالة الأنباء العراقية (واع) "كل الشركاء في العملية السياسية إلى التحلي بروح الوطنية الصادقة والانتباه إلى مصلحة الوطن وإبعاده عن كل ما يعكر صفو أمنه واستقراره".
وأكد أن "ما يجري العمل عليه من ضغط وتهويل لعقد جلسة غير مكتملة الشروط من ناحية النصاب والقناعات، خصوصا لدى أهم الفواعل السياسية والمستقلين سيؤدي إلى التفريط بحقوق المكون الأكبر من أبناء الشعب العراقي الكريم، الذين عايشوا مختلف أشكال المرارات والآلام، وسيخلق فجوة كبيرة بين صفوفهم، ويمعن في تقسيمهم وتشتت كلمتهم وضياع هيبتهم، وهذا ما لا يقبله العقل والمنطق".
ما الذي تحمله الساعات القادمة للمشهد السياسي العراقي؟
بداية يقول الباحث المتخصص في الشؤون الكردية، كفاح محمود: "بالتأكيد إعلان تشكيل التحالف يعني حسم الأمر له بتشكيل الحكومة الجديدة لكنه أيضا لم يغلق الأبواب لمباحثات حول إشراك بعض أطراف التنسيق المنافس له، الذين سيحضرون جلسة السبت من مواقع في بعض مرافق الحكومة".
أوراق ضغط
وأضاف في حديثه لـ "سبوتنيك": "هذا من الناحية النظرية، خاصة وأن الطرف الآخر ليس سهلا كما يتوقع البعض، فهو يمتلك إلى الآن أوراق ضغط مهمة، مثل الثلث المعطل الذي سيوقف العملية، وربما يؤدي إلى تدخل جراحي لحل البرلمان وإعلان انتخابات جديدة بطلب من ثلث مجلس النواب، وموافقة ثلثين وطلب رئيس الحكومة وموافقة رئيس الجمهورية".
وتابع محمود: "ورغم استبعاد هذا السيناريو "الثلث المعطل" من قبل زعيم كتلة ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، إلا أن صعوبات جدية تواجه التحالف الثلاثي، إن لم تحدث مفاجآت خلال الساعات القادمة بتفاهمات لفتح الانسداد السياسي".
أسباب دولية
من جانبه يقول أمين اتحاد القبائل العربية بالعراق، ثائر البياتي، إن "خارطة الكتل والأسماء السياسية العراقية لم تتغير، بل ما تغير فيها هي التوجهات والتحالفات، بعد أن تشاركت لمدة 18 عام في كل ما حدث بالعراق".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، إن الأسباب التي أدت إلى الوضع الراهن في العراق دولية قبل أن تكون محلية، والقفز من السفينة الغارقة أفضل من البقاء والغرق معها، ولكن ما هي الحجة لإقناع الجماهير بذلك "إنقاذ وطن قالها الشعب في مظاهرات تشرين وقبلها "نريد وطن"، والسؤال هنا من أضاع الوطن وكيف ننقذه، تحت شعار" تأتي متأخرا أفضل من أن لا تأتي أبدا"، ويتطلع الشعب اليوم وهو الذي قاطع الانتخابات الأخيرة بنسبة تجاوزت 80 بالمئة،إلى إيجاد حلول حقيقية ولو بنسبة 40-50 بالمئة، على الأقل بتغيير بوصلة إدارة الدولة وسياساتها الداخلية والخارجية، وإيقاف نزيف الأموال والفساد والفوضى الأمنية وسلاح المليشيات والأهم تحجيم النفوذ الإيراني".
الخيارات المتاحة
وتابع البياتي: "نعتقد أن لا خيارات كثيرة أمام معرقلي العملية السياسية، وحتى وإن لم يكتمل النصاب يوم السبت القادم، الأمر قد حسم بقوة التحالف الثلاثي إضافة لبعض المستقلين، وحتى من هم في مجموعة الإطار ذات التبعية الإيرانية سيتمزق ارتباطهم، ويفضل البعض البقاء في الأضواء والرضا بالقليل أفضل من العزل وخسارة كل شيء، وكل الاحتمالات مفتوحة يوم السبت، ولكنها لن تصل إلى الصدام، فليس من مصلحة إيران أن تنشب حرب توقف كل شيء وتخسر فيها الكثير".
وقال أمين اتحاد القبائل: "برأينا أن الأمور ستأخذ منحى آخر بعد يوم السبت وما سيتم خضعنها من انتخاب رئيس الجمهورية وتكليف رئيس الوزراء، حيث أعلن التحالف عن أسمائهما أمس الأربعاء، والوضع الراهن أن إيران تحتاج إلى ضمان مصالحها ومستوى نفوذها، وهناك خلاف على هذا من قبل الثلاثي المدعوم بقوة من الداخل والعرب وبريطانيا".
معالجة الأزمات
أما الدكتور غازي السكوتي، مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، يرى أن "تشكيل التحالف الوطني الثلاثي لإنقاذ العراق يشكل خطوة مهمة على صعيد مواجهة ومعالجة الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالبلاد، علاوة على أن تلك الخطوة ستذهب بـريبر أحمد لرئاسة الجمهورية عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، وجعفر الصدر لرئاسة الوزراء، وهذا يعكس ثقة التيار الثلاثي بقدرته على عقد جلسة دستورية في البرلمان يوم السبت القادم، كما تؤكد تلك الخطوة على اهتمام المستقلين من النواب الذين يتجاوز عددهم الـ 40 عضوا بتلك الجلسة لتحقيق النصاب وتوفير فرصة لأكبر عدد من التيارات والاتجاهات والأحزاب السياسية التي تذهب إلى إصلاح الاقتصاد الذي يعاني من أزمات كبيرة، من بينها أكثر من 50 ألف مصنع معطل والزراعة المهمشة والتي تجعل البلاد تستورد أكثرمن 92 بالمئة من غذائه، علاوة على تدخل إيران بالعراق، وقد رأينا في الآونة الأخيرة إطلاق 12 صاروخ على أربيل".
الثلث المعطل
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" أن تلويح الإطار التنسيقي بالثلث المعطل في البرلمان يشبه ثلث "حزب الله" في لبنان والذي عطل الانتخابات وانتخاب الرئيس في لبنان لشهور طويلة، فإذا ذهب الإطار التنسيقي إلى لعب دور الثلث وتعطيل الحياة السياسية لفرض شروطه التقليدية التي قادت البلاد منذ العام 2003 إلى تلك الكوارث، من عدم وجود تداول سلمي للسلطة وعدم احترام الدستور، هذا لن يكون في صالح العملية السياسية نهائيا، ولو توقفنا قليلا أمام التقسيمات من سنية وشيعية وكردية وغيرها، هذه التقسيمات لا وجود لها في الدستور وهي غير دستورية، بل هو جزء من الاختراعات التي قدمتها الأحزاب الإسلامية مع الأسف، من أجل ضمان مصالحها في السلطة وثروات البلاد وعدم تلبية مطالب الشعب".
وتابع السكوتي: "اليوم عبر المستقلين وعبر التيار الثلاثي الذي يذهب إلى ضرورة حدوث إصلاح جذري وتلبية مطالب الشعب العراقي الذي يعاني من البطالة والفقر وانتشار الجريمة المنظمة ومافيات تهريب النفط وتهريب المخدرات، اليوم نصف الشعب يذهب للمخدرات كما أشار لهذا وزير الداخلية العراقي، ما يحدث اليوم من كوارث هو نتيجة لسياسات لقيادات تريد الاستمرار في السلطة بنفس المنهج الذي قاد العراق إلى تلك الكوارث التي يعاني منها الآن".
وكان رئيس التيار الصدري في العراق، مقتدى الصدر، قال مساء أمس الأربعاء، إن إعلان الكتلة الأكبر ومرشحي الرئاسة ومجلس الوزراء هو إنجاز مهم لإنقاذ الوطن.
جاء ذلك في تغريدة للصدر، بعد الإعلان عن تأسيس أكبر تحالف برلماني في العراق منذ عام 2005 تحت اسم "إنقاذ وطن".
وأعلن التحالف الذي يضم 180 نائبا (منأصل 329) في البرلمان الجديد ترشيح ريبر أحمد لرئاسة الجمهورية، وجعفر الصدر لمنصب رئاسة الحكومةالجديدة.
ومن المقرر أن يجتمع البرلمان العراقي يوم السبت لانتخاب رئيس جمهورية بعدما فشل في ذلك لعدم وجود توافق.
وهذه هي المرة الأولى في العراق التي يتشكل فيها تحالف واسع من قوى سياسية خارج الإطار الطائفي بهدف تشكيل حكومة.
ويضم تحالف "إنقاذ الوطن" التيار الصدري وتحالف "السيادة" بزعامة خميس الخنجر، والحزب "الديمقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود البارزاني.
ومنذ ظهور نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يسعى الصدر إلى تشكيل حكومة أغلبية وطنية، على عكس بقية القوى الشيعية في "الإطار التنسيقي" التي دعت مرارا إلى حكومة توافقية تشارك فيها جميع القوى المتواجدة تحت قبة البرلمان على غرار الدورات السابقة.
والإطار التنسيقي هو تحالف يضم الأحزاب الشيعية التي خسرت في الانتخابات الأخيرة، وأعلنت رفضها لنتائجها، ويضم بما في ذلك رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي زعيم ائتلاف "دولة القانون".
وسبق أن عرض الصدر على الإطار التنسيقي المشاركة في الحكومة باستثناء المالكي الذي يقاطعه منذ سنوات، عندما كان رئيسا للوزراء (في ولايته الأولى) ونفذ عام 2008 عملية "صولة الفرسان" الأمنية في البصرة والتي قتل خلالها واعتقل المئات من عناصر التيار الصدري.