بحسب الخبراء تستمر واشنطن في الضغط على الدول العربية وابتزازها، فيما تتمسك دول الخليج والجزائر بموقفها من مطالب واشنطن السابقة بزيادة إنتاج النفط.
تشير تقديرات الخبراء إلى أن واشنطن تركز بشكل أكبر على ملف الغاز الذي تخشى تأثيره الكبير على أوروبا، وأنها تدرك تغير المواقف العربية تجاهها بسبب سياستها في التعامل مع هذه الدول.
وبحسب بيان سابق للخارجية الأمريكية يقوم وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، بزيارة إلى إسرائيل والضفة الغربية والمغرب والجزائر خلال الأسبوع الجاري، كما يلتقي ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في العاصمة المغربية.
مخاوف واشنطن من نقص الغاز
في الإطار قال الخبير الاقتصادي الجزائري أحمد سواهلية، إن جولة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ترتبط بالدفع الأمريكي نحو تعويض الغاز الموجه نحو أوروبا.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الوفود الأمريكية المتلاحقة على الجزائر تسعى للضغط على الجزائر من أجل رفع إمداداتها نحو أوروبا، في حين أنها ردت في وقت سابق بالرفض خلال زيارة نائب الوزير بلينكن الذي يحل بالجزائر.
ابتزاز أمريكي
وأوضح في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الجزائر لن تغير موقفها، في حين أن واشنطن تستمر في الضغط على الجزائر من خلال ورقة "الصحراء" والضغط الإسباني، وكذلك القضية الفلسطينية، غير أن الجزائر لن تنخرط في التوترات المرتبطة بالعملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا من خلال ملف الطاقة.
وأشار إلى ضرورة تفهم الدول الغربية أن الجزائر تعمل على ضمان استمرار إمدادات الطاقة ولا تتصرف بشكل لحظي تماشيا مع الأزمة.
وأكد استمرار ما وصفه بـ"الابتزاز الأمريكي" للجزائر، وأن ما حدث في السعودية من استهداف لمنشآت النفط يدخل في إطار الضغوط الغربية على الدول المنتجة للطاقة.
محاولات أمريكية
في المقابل قالت شامة درشول، الباحثة المغربية في الشؤون الدولية الإسرائيلية، إن الزيارة جاءت في إطار تعزيز التحالفات لصالح الغرب بقيادة الولايات المتحدة، وأنها غير مستعدة للتنازل عن حلفائها وشركائها المعتادين لصالح الشرق.
إطار مغاير
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، أن هذه الدول التي تراهن عليها واشنطن من أجل محاصرة التمدد الإيراني "حسب وصفها". إضافة لكون اللقاءات المكوكية هي طبيعية في خضم بناء نظام عالمي جديد دشن فور"العملية العسكرية الروسية الخاصة" في أوكرانيا.
رسائل عربية
وترى أن بعض الأهداف المرتبطة بالزيارة ذات علاقة برسائل بعض الدول العربية لواشنطن في الأزمة الراهنة، بأنها لم تعد تقبل عقلية التعامل البراغماتية التي تتعامل بها أمريكا في علاقاتها الدولية، وأن واشنطن تتعامل بمنطق الراعي وباقي الدول مجرد تابع، يتم التخلص منه فور الانتهاء من استغلاله، وأن روسيا تقدم نموذجا أفضل.
ولفتت إلى أن من بين الرسائل التي وجهتها الدول العربية إمكانية تغيير تحالفاتهم لصالح موسكو، إن لم تغير واشنطن طريقة عملها مع شركائها.
ورقة القضية الفلسطينية
في إطار علاقة الزيارة بالقضية الفلسطينية أوضحت درشول أن الدول العربية باتت قادرة على مفاوضة ومساومة واشنطن ولندن، ولم تعد كما بالأمس تتجاوب مع ضغوطات أمريكا حين كانت هي القوي الوحيد في العالم، على حد تعبيرها.
ومضت قائلة: "أمريكا ليست بقوتها الكاملة الآن، وهناك دول تنافسها على تشارك هذه القوة، وهو ما باتت تستوعبه واشنطن، وأيضا الدول الشريكة، وبناء عليه يتم اليوم عقد تحالفات لا تكون فيها واشنطن الرابح الوحيد والدول العربية الخاسر الأوحد".
ملف الطاقة
تؤكد المصادر أن زيارة الوزير الأمريكي ترتبط بشكل مباشر بملف الطاقة، وفي هذا الإطار تشير الباحثة المغربية إلى أن أمريكا تخشى من أزمة الغاز أكثر من خشيتها من أزمة النفط، وأن أوروبا لا يمكنها أن تقامر بعقوبات اقتصادية تدفع الرئيس الروسي إلى استعمال ورقة الغاز الطبيعي.
وربطت الباحثة بين الخطوة التي اتخذتها واشنطن تجاه قطر بمنحها صفة "شريك رئيسي" والأزمة الراهنة وهو ما يؤكد مساعي واشنطن بشأن تأمين الغاز، خاصة في ظل التوترات بين الجزائر وإسبانيا.
وشددت درشول على أن الغاز الطبيعي هو محور الصراع والتحالفات لعالم ما بعد كورونا، بعد أن كان النفط هو سيد العلاقات الدولية، لكن أوروبا هذه المرة تعيش ظروف الشرق الأوسط، في حين أن الخليج ودول المغرب هي المخلص لأوروبا.