وأحمد زكي واحد من أهم الفنانين الذي مروا على تاريخ الفن المصري والعربي، لدرجة أن لقبّه عدد من النقاد بـ"الإمبراطور" و"رئيس جمهورية الفن"، تمكن بموهبته الكبيرة أن يكسر القواعد التي استمرت لسنوات بأن "البطل" أو فتى الشاشة الأول يجب أن يكون بمميزات جسمانية محددة، كأن يكون قوي الجسم أبيض البشرة إلا أنه ومع ضعف جسده وسمارة بشرته استطاع أن يصير أحد نجوم السينما، ومن بين أفضل من وقفوا أمام الكاميرا.
وأجاد أحمد زكي أداء كل الأدوار؛ الفلاح والصعيدي والقاهري والضابط والعسكري والمدمن والمجرم والموظف والدجال وتاجر المخدرات ولاعب الكارتية والبوكس ومغني وطبال وحتى رئيس الجمهورية حيث أدى دور الرئيس جمال عبد الناصر في فيلم "ناصر56" (إنتاج 1996)، وكذلك دور الرئيس محمد أنور السادات في فيلم "أيام السادات" (إنتاج 2001)، وتوفي أحمد زكي أثناء مشاركته في فيلم "حليم" الذي يحكي قصة المغني المصري عبد الحليم حافظ، ورغم أن كل شخصية من هؤلاء الثلاثة مختلفة كليا عن غيرها إلا أنه نجح في أن يجسد كل شخصية بإتقان لدرجة أن جيهان السادات زوجة الرئيس المصري محمد أنور السادات حكت مرة أنها كانت تحضر كواليس تصوير "أيام السادات"، وعندما رأت أحمد زكي ينزل من على الدرج متقمصا شخصية السادات خيل إليها أنه بالفعل السادات وليس أحمد زكي.
وقبل هذه الشخصيات الثلاثة أجاد زكي في دور طه حسين الذي حكى السيرة الذاتية للمفكر المصري طه حسين في مسلسل "الأيام" (إنتاج 1979).
وكان زكي مقنعا في أداء الشخصيات التي يقوم بتمثيلها لدرجة الاعتقاد أنه بالفعل خرج من شخصيته وتقمص الشخصية بشكل كامل، وهنا أكثر من موقف يؤكد ذلك، فأثناء تصوير فيلم "البريء" كان أحمد زكي يؤدي دور عسكري بسيط مغسول الدماغ يعتقد أن كل من يعارض الحكومة هو شخص خائن، وأثناء التحضير للتصوير شهد محمد خان مخرج الفيلم شخص يرتدي زي عسكري يأتي من بعيد ويمشي بطريقة غريبة فصرخ خان مطالبا بأنه يريد زكي ليشاهد العسكري القادم من بعيد لأنه يريده أن يمشي مثله، والمفاجأة أنه عندما اقترب العسكري القادم من بعيد اكتشفوا أنه زكي نفسه وقدم تقمص الشخصية.
موقف آخر حكاه زكي نفسه أنه أثناء تصوير فيلم "البيه البواب" وكان زكي يؤدي فيه دور عبد السميع البواب، وأثناء استراحة من التصوير جلس يدخن سيجارة بطريقته التي ظهر بها في الفيلم على مقعد أمام العمارة المقابلة لموقع التصوير، فحضر أحد سكان العمارة واعتقد أنه بواب بالفعل وطالبه بحمل الحقائب وإدخالها إلى شقته ونفذ زكي ما طلبه منه السكان حتى لا يخرج من الدور، وكذلك اعتقد الساكن أنه البواب بالفعل.
وبسبب هذا الأداء المبهر لأحمد زكي وضعت 6 أعمال من أعماله في قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية وهي أفلام "أبناء الصمت، إسكندرية ليه، البريء، الحب فوق هضبة الهرم، زوجة رجل مهم، أحلام هند وكاميليا".
ولم يتوقف أداء زكي على لون محدد من التمثيل، فمثلما أجاد الأدوار الجادة كان مبهرا في أداء الأدوار الكوميدية.