لماذا جاءت تلك المبادرة في هذا التوقيت وما الأهداف التي تريدها "أنصار الله" من ورائها وهل يقبلها التحالف الذي يبحث أيضا عن التهدئة، وما الذي ستشهده الأيام القادمة تراجعا في وتيرة العمليات العسكرية أم زيادة التصعيد؟
يرى رئيس مركز جهود للدراسات باليمن، الدكتور عبد الستار الشميري، أن دعوة "أنصار الله" تأتي في إطار امتصاص الصدمة والهجوم الأخير للتحالف، وهى محاولة لترويض المملكة العربية السعودية بطريقة ما.
ضربات موجعة
ويقول لوكالة "سبوتنيك"، إن تلك الدعوة تهدف أيضا إلى تهدئة الرياض حتى لا تتلقى "أنصار الله" ضربات موجعة، وهذا تكتيك ربما يريده الإيرانيون، حيث أصبحت إيران هى المدرسة التي يتتلمذ على يديها "أنصار الله"، فتعلموا منهم حسن الإدارة في التصعيد.
وأكد رئيس مركز جهود، أنه لا يوجد أي جديد على الساحة سوى التصعيد المتبادل، ويعتقد أن المواجهات والضربات المتبادلة سوف تستمر حتى في رمضان، لأن شروط ومحتوى دعوة "أنصار الله" للهدنة أفرغها من مضمونها، علاوة على أن المبعوث الأممي أصبح اليوم يغرد خارج السرب وليس بيده شيء، ويحاول إيجاد بعض المشروعات أو التحركات التي تضمن له عمل يقدمه في إفادته وتقاريره لمجلس الأمن، لأنه وجد نفسه خارج حلبة الصراع وخارج دوائر العمل الحقيقي.
المبعوث الأممي
وأوضح الشميري، أن المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، وجد نفسه أيضا يغرد في الأردن منفردا مع أشخاص غير معنيين، فهو لم يعي تماما المعضلة اليمنية والتشابكات ومن أين تؤكل الكتف ومن أين يبدأ حتى هذه اللحظة، وربما هو أسوأ من سابقيه بكثير، أو ربما هكذا عمل المبعوثين يروحون ذهابا وإيابا دون الوصول إلى عمق المشكلة، وقد يكون هناك صعوبات دولية وتضاربات في مصالح دول تمنعهم من أن يحققوا شىء على الأرض، والدعوات من الطرفين سواء من مجلس التعاون أو من "أنصار الله" للتهدئة، أعتقد أنها عملية هروب للأمام من الطرفين لن يأتي بجديد.
مبادرة ناقصة
من جانبه يقول الخبير العسكري والاستراتيجي اليمني، العميد ثابت حسين، لا أعتقد أن دعوة "أنصارالله" للهدنة، أن هذا الأمر يأتي بدافع الرغبة في التهدئة والسلم، لكنها موجهة في المقام الأول للداخل المناصر لهم وبشكل خاص في الشمال، وتلك الرسالة مفادها "نحن من مصدر قوة نعلن الهدنة لمدة ثلاثة أيام بعد أن وجهنا ضربات موجعة إلى السعودية" بحسب تعبيرهم.
وأشار في حديثه لـ"سبوتنيك"، على كل حال هذه المبادرة تنقصها الموضوعية والمنطقية، ولو أنها جاءت قبل الضربات الأخيرة والتي تعرضت فيها منشآت أرامكو النفطية في جدة، لكانت الدعوة أكثر منطقية وجدية، علاوة على أن صنعاء ربطت تلك المبادرة بشروط غير مقبولة للطرف الآخر"السعودية والتحالف"، والعمليات العسكرية التي شنتها طائرات التحالف في عدة مناطق باليمن كانت ردا قويا على هجمات "أنصار الله" على المنشآت النفطية السعودية وليس ردا على الهدنة التي دعوا لها.
ولفت حسين إلى أن مبادرة التهدئة التي أطلقها "أنصار الله" جاءت بعد الضربات الموجعة التي تعرضت لها صنعاء والحديدة من جانب التحالف العربي، بمعنى أن الضربات من قبل طيران التحالف كانت قاسية وهي التي أجبرتهم على إطلاق تلك المبادرة، وفي كل الأحوال فإن الأوضاع سوف تهدأ بشكل طبيعي خلال الأيام القادمة، نظرا لأن "أنصار الله" منهكون بشكل طبيعي، كما أن السعودية سوف تعمل على تهيئة الظروف للمشاورات التي دعا لها مجلس التعاون الخليجي بالرياض والتي ستستمر حوالي أسبوع، هذا بجانب الأجواء الدولية المحفوفة بالتوترات والمخاطر، تجعل مسألة الهدنة وتهدئة الأوضاع ولو مؤقتا مسألة واردة، كما تمثل تلك الدعوة فرصة للحوثيين لالتقاط الأنفاس والاستعداد لجولة جديدة من المواجهات.
"جس النبض"
وعلى الجانب الآخر يقول عضو مجلس الشورى اليمني بصنعاء، بليغ الشامي، في حديثه لـ"سبوتنيك"، إن تلك الهدنة التي تم إطلاقها من جانب صنعاء، هى مبادرة لإظهار حسن النية لدينا، وقياس نبض التحالف العربي عما إذا كان يريد حوار حقيقي بين اليمن والسعودية، سوف تبدأ تلك الهدنة الأحادية الجانب مع غروب شمس اليوم الأحد ولمدة ثلاثة أيام، وهى مقدمة لهدنة أكبر حال نجاحها، وفي كل الأحوال لا نريد أن نستبق الأحداث.
ونشر المتحدث باسم "أنصار الله" محمد عبد السلام عبر موقع تويتر قوله: "تعليق الضربات الصاروخية والطيران المسير وكافة الأعمال العسكرية باتجاه السعودية برا وبحرا وجوا لمدة ثلاثة أيام، واستعدادنا لتحويل هذا الإعلان لالتزام نهائي ودائم في حال التزمت السعودية بإنهاء الحصار ووقف غاراتها على اليمن بشكل نهائي ودائم".
وتأتي تلك المبادرة بعد ساعات من قيامهم بتنفيذ 16هجوما على السعودية استهدف منشآت نفطية لشركة أرامكو في مدينة جدة.
يذكر أن جماعة "أنصار الله" رفضت منتصف آذار/مارس مبادرة طرحها مجلس التعاون الخليجي لتنظيم حوار للقوى المتحاربة في اليمن تعقد بين 29 آذار/مارس و7 نيسان/أبريل في الرياض بسبب إجرائها "في دول العدوان" في إشارة للسعودية. كما سبق أن رفضوا مبادرة لوقف إطلاق النار طرحتها السعودية العام الماضي.